قطر الندى
09-22-2009, 01:51 PM
http://www.almdares.net/im/ih/img_4a4ddadb16a12.jpg
ستغرب الكثيرون أن أسهل وأوسع الأبواب لدخول الشغوفين إلى عالم صناعة الفضاء العالمية اليوم، هو الطب. وهذه الحقيقة تنبع من التوسع المحموم في مجال التطبيقات الطبية لممارسات الأنشطة الفضائية، بكل المعنى الواسع للعبارة.
والتطبيقات الطبية بالنسبة لعلوم الفضاء مهمة بدرجة أنها تُعتبر، دون أي مبالغة في العبارة، لازما أساسيا وحيويا لتطور الصناعة الفضائية، بل ان الحقيقة أكبر من هذا، وهي أن ما يسمح بالتطور في صناعة الفضاء هو مدى قدرة التطبيقات الطبية على حل الاشكاليات الصحية التي تعترض سلامة رواد الفضاء، بمعنى أن أكبر العوائق اليوم لتحقيق مزيد من التطور التطبيقي في استخدام الفضاء هو قدرة الطب الفضائي على ضمان صحة الإنسان وسلامته من خلال النشاطات الفضائية.
ولذا فإن البحوث والدراسات الطبية في مجال طب الفضاء تشهد اليوم حالة من الحمى، المفيدة بلا شك، خاصة مع التشغيل الفعلي للمحطة الفضائية الدولية منذ سنوات، وبقاء بعض الرواد فيها لفترات تصل إلى حدود السنة، والبدء الفعلي أيضاً في الرحلات السياحية الفضائية كحقيقة واقعية اليوم، وتنامي الحديث عن مشروع وصول الإنسان إلي المريخ وإعادة فتح ملف الذهاب إلى القمر.
لكن من جانب آخر مهم منه لبقية الناس والمرضى، ممن لا علاقة مباشرة لهم بالفضاء سوى رؤيته من بعيد، هو نتائج دراسات وتجارب فهم تغيرات الجسم وتطبيقات الطب عن بُعد، ونتائج الاستفادة التطبيقية العلاجية للأمراض، سواء تلك المتعلقة بإنتاج الأدوية أو إجراء تحليل المختبرات أو القيام بالجراحات وغيرها. كل هذا في أجواء بعيدة عن الجاذبية الأرضية.
خدمة فضائية طبية
وكان كل من عيادة مايوكلينك في أريزونا وفرع غالفستون الطبي لجامعة تكساس ومختبرات وايل في هيوستن، قد وقعت مذكرة تفاهم في السادس عشر من شهر مايو(أيار) الحالي، لتكوين مجموعة تعاونية من مصادر طب الفضاء، بغية تحقيق تغطية كامل احتياجات قطاع صناعة رحلات الفضاء للأغراض المدنية من الخدمات الطبية. وقال فيرنون ماك دونالد، مدير وحدة خدمات وايل للرحلات الفضائية التجارية، إن الشركاء في الاتفاقية سيبحثون، بهذا التعاون، عن الفرص وعن تطوير اتفاقيات مشتركة تبادلية في سبيل تقديم خدمات التقييم الطبي والفحص الشامل للناس المزمع مشاركتهم في الرحلات الفضائية. وذلك ضماناً للمحافظة على سلامة وصحة الركاب في تلك الرحلات الفضائية التجارية.
وتشمل الخدمات الطبية فحوصات التقييم الشامل، والمعالجات الطبية، وفحوصات اختبارات مدى تحمل الظروف البيئية الخاصة التي يُمكن أن تتوفر في مركبات الرحلات الفضائية والتي يتعرض لها طاقم تشغيل تلك المركبات، أو قد يتعرض لها ركاب الرحلات الفضائية أثناء دورانهم في مدارات قربه من الارض او وجودهم في المطارات الفضائية التجارية، او أي بيئة في مجالات صناعة الرحلات الفضائية التجارية. وبهذا يُقدم الشركاء الثلاثة خبرات ومهارات فريدة للغاية لبرنامج طب الفضاء المدني.
وتعتبر مجموعة وايل لعلوم الحياة، والتي مقرها في هيوستن بولاية تكساس الأميركية، الرائدة في علوم حياة الفضاء، وفي عمليات تهيئة وتحضير الرواد من النواحي الطبية لتحقيق ضمان السلامة للحياة البشرية خلال الرحلات الفضائية. ولعل من أبرز الأدلة على ذلك أن أكثر من ثلثي الناس الذين قاموا برحلات فضائية، والبالغ عددهم حوالي 500 إنسان، تم تدريبهم ومساعدتهم على امتلاك قدرات الحياة في الفضاء عبر العاملين في مجموعة وايل.
كما وتعتبر نشاطات وخدمات مايو كلينك طويلة الخبرة في طب الفضاء التقليدي. وتعود لتلك الأيام الخوالي التي تم فيها العمل على أوائل فئات بدلة رواد الفضاء الخاصة، وكذلك في وضع أنظمة تزويد مقصورة الرواد بالأوكسجين اللازم لعمليات التنفس. ويعمل في فرع مايو كلينك بإريزونا مجلس من الخبرات الطبية والتطبيقية، والذي يُعتبر واحداً من أكبر اهتماماته التركيز على منح شهادات التخصص في طب الطيران Aerospace Medicine ، ضمن تخصصات الطب الباطني. وهو فرع من تخصصات الطب الباطني الذي يشمل طب الفضاء. وقال الدكتور جان ستيبانيك، مدير برنامج طب الطيران في مايو كلينك بإريزونا، وهو من الحاصلين على شهادتي الطب الباطني وطب الطيران، إن التعاون هذا قدم لمايو كلينك الفرصة لمشاركة كل من مختبرات وايل وفرع غالفستون الطبي بجامعة تكساس في تجميع أعلى درجات من الخبرات لخدمة الركاب في الرحلات الفضائية المستقبلية.
ومن جانبها، يُزود فرع غالفستون الطبي بجامعة تكساس الجراحين المشاركين في رحلات كل من برنامج رحلات مكوك الفضاء لوكالة ناسا NASA"s ، ومحطة الفضاء الدولية وبرامج الكواكب، وبرامج مغامرات رحالة الفضاء التجارية، إضافة إلى برامج تدريب أطباء تخصص طب الطيران. وقال الدكتور ريشارد جيننغز، مدير برنامج تدريب أطباء تخصص طب الطيران التابع لفرع غالفستون الطبي في جامعة تكساس، إن العمل مع وايل ومايو كلينك سوف يرفع من مستوى الخدمات التي يُمكننا تقديمها للزبائن الحاليين والمستقبليين، مما يُشكل ظهور مصدر مُؤهل ومتميز في عالم صناعة الفضاء التجاري.
طب الفضاء
والملاحظ أن بداية الشراكة هذه، من منظور طبي بحت، تُمثل تلاقي جهود المراكز الطبية المعنية فعلاً اليوم بممارسة خدمات ودراسات طبية فضائية بشكل يومي. أي إجراء دراسات طب الفضاء والطيران وتطبيقاته المباشرة علي رواد الفضاء وعلى المرضى ممن لا علاقة لهم بأي رحلات فضائية، ما قد يُعطي فرصة أكبر ليس فقط في توسيع النشاطات الطبية التطبيقية المهمة بالنسبة للمعنيين بالبدء في تسيير رحلات فضائية تجارية اعتيادية، بل فيما هو أوسع من هذا، وذلك عبر تشكيل نواة لتجميع الدراسات والبحوث الهادفة إلى الاستفادة التطبيقية لمجالات رحلات الفضاء على المرضى وعلى الوسائل الوقائية من الأمراض؛ وهي جوانب تفتقد اليوم إلى مرجعية علمية تُعنى بقيم تلك التطبيقات ومدى الاستفادة منها في المجالات الطبية التطبيقية العلاجية، بما يهم الأطباء مدى فهمه ومدى حاجتهم إليه ومدى مجالات الاستفادة منه، بل تعتمد بشكل رئيس على ما تطلبه بعض الجهات، كوكالة ناسا أو ضمن برامج البحث في الجامعات أو المؤسسات العلمية ضمن إسهاماتها في توسيع المعرفة الطبية وتطبيقاتها.
وتتفق مجموعة من المصادر العالمية المعنية بالشأن الفضائي، مثل وكالة ناسا أو الوكالة الكندية للفضاء أو الوكالة اليابانية لأبحاث الطيران والفضاء وغيرها، حول مفهوم معنى طب الفضاء، والتي بالجملة تُفيد بأنه يجمع ما بين عدة تخصصات طبية لفحص التأثيرات التي تطول الجسم البشري أثناء الرحلات الفضائية، ومنع حصول المشاكل المرتبطة بالعيش في ظروف بيئة فريدة ومنعزلة بشكل حاد عما هو معتاد على سطح الأرض. وفي هذا المضمار من الطب، يعمل الأطباء جنباً إلي جنب مع العلماء في تخصصات أخرى شتى ومع فرق من المهندسين بغية الحفاظ على سلامة وصحة الجوانب البدنية والعقلية والاجتماعية لرواد الفضاء أثناء رحلاتهم وبعد عودتهم إلى الأرض. وبشكل عام، فإن ثمة تأثيرات للظروف البيئية الفضائية على القلب والأوعية الدموية، وعلى العظم، وعلى العضلات، وعلى التوازن واضطراباته، وعلى أجهزة مناعة الجسم. وبشكل أكثر تحديداً تأثيرات عوامل انعدام الجاذبية والاشعاعات الكونية ونظام العيش بصفة منعزلة وبعيدة للغاية عن بقية البشر وعن أجواء البيئة الأرضية، والاعتماد على الأوكسجين والتغذية وممارسة الأنشطة البيولوجية الحيوية الطبيعية للإنسان العادي.
بنية عظم الرواد ليس بالضرورة أنه كلما كبر حجم العظم كلما كان أقوى.
هذا ما أكدته نتائج دراسة حديثة لوكالة ناسا الأميركية من خلال أبحاثها حول بنية عظم رواد الفضاء، والتي استمرت أربع سنوات. وتبين من خلال الدراسة أن تأثيرات انعدام الجاذبية على عظم رواد الفضاء العاملين في المحطة الفضائية الدولية، تُؤدي إلى فقد رائد الفضاء ما معدله 11% من مجمل كتلة عظم الحوض خلال مدة المهمة الفضائية. أو بطريقة أخرى للحساب، فإن ما يفقده رائد الفضاء خلال مهمة شهر في محيط أطراف مدار المحطة حول الأرض، يوازي ما تفقده المرأة المسنة من كتلة العظم خلال عام كامل.
أي أن ثمة تسارعاً في فقد كتلة العظم بحسب طول مدة البقاء في المحطة الفضائية، وأن الأمر سيكون أسوأ عند الابتعاد أكثر في أعماق الفضاء الخارجي. ووفق ما ذكره الدكتور توماس لانغ، الباحث الرئيسي في الدراسة من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، فإنه ظهر أنه وبعد سنة من العودة إلى الأرض فإن غالبية ما تم فقده خلال الرحلة الفضائية تلك من كتلة العظم يعود إلى سابق وضعه. لكن بالرغم من التحسن خلال عام من العودة إلى الأرض مقارنة مع ما بعد العودة مباشرة إلى الأرض، إلا أن بنية العظم نفسها وكثافته ومؤشرات قوة عظم الحوض لا تتعافى بالكامل. ويأمل الدكتور لانغ أن يكون الأمر يحتاج إلى مدة أطول في المتابعة، في إشارة منه إلي بعض التكهنات الطبية التي تقول إنه لن يعود مطلقاً إلى ما كان عليه العظم قبل خوض مهمة الرحلة الفضائية، وأن الضعف دائم.
وتشير المصادر الطبية التى علقت على الدراسة، الصادرة في أواخر شهر أبريل(نيسان) الماضي، بأن أهميتها تكمن في توقعات فقد العظم الحاصلة عند خوض غمار الرحلات الفضائية البعيدة المدى. وتتوجه أهم الدراسات الى رحلات رواد الفضاء للوصول إلى المريخ، وهي رحلات من المعروف أنها ستستغرق وقتاً طويلاً زمنياً خلال مرحلتي الذهاب والإياب. وسينجم عنها بالتالي ضعف في بنية عظام الرواد، سواء أثناء تلك الرحلة، مما سيرفع من احتمالات إصاباتهم بالكسور أثناء أنشطتهم على سطح الكوكب الأحمر، أو على المدى البعيد عند العودة إلى الأرض. لكن الباحثين أكدوا أن رواد الفضاء الأصحاء لم يُصابوا، خلال مهماتهم الفضائية المتراوحة المدة ما بين 4 إلى 6 أشهر، بمرض هشاشة العظم، وذلك كحالة مرضية ذات مواصفات محددة في كمية الضعف لبنية العظم نفسه.
إلا أنهم يقولون إن ما يحصل من ضعف في عظامهم يكفي لإثارة المخاوف من ارتفاع احتمالات الإصابة بالكسور فيما بينهم عند احتياجهم إلى بذل مجهود بدني قاس، متوقع خلال الرحلات الفضائية.
وهذا البحث لوكالة ناسا هو الأول ضمن مشروع البحوث البشرية التي تتم على متن المحطة الفضائية. وهو برنامج طموح يهدف إلى إجراء دراسات حول فهم التأثيرات الصحية للمكوث في الفضاء، ووسائل تقليل المخاطر الصحية وتدني مستوى الأداء البدني والذهني لرواد الفضاء أثناء مهماتهم. واستمرت الدراسة بين عام 2001 و 2004، وشملت 16 رائد فضاء. وتقول جوليا روبنسن، الباحثة في مركز جونسن للفضاء التابع لوكالة ناسا والعاملة ضمن برنامج محطة الفضاء الدولية، إن نجاح البشر في مهمات رحلات استكشاف يعتمد على نتائج وسائل التغلب لتجاوز مثل هذه التأثيرات على أعضاء طاقم قيادة هذه الرحلات الفضائية؛ في إشارة منها للهيكل العظمي. وأضافت أن هناك تعزيزاً في الجهود العلمية لنتائج الدراسات حول هشاشة العظم على منْ هم فوق سطح الأرض، مع دراسات فقد كتلة عظم رواد الفضاء واستعادة العافيته أثناء وبعد خوض رواد الفضاء لتلك المهمات في رحلاتهم. إن دراسات الأرض تكملها دراسات الفضاء.
الساعة البيولوجية بين الوعي على المريخ والنوم في الأرض
ما تم البدء به كبحث لوضح حلول لمشكلة محتملة، وهي اضطرابات نوم رواد الفضاء حال بلوغهم كوكب المريخ، يرى فيه بعض الباحثين الطبيين وسيلة لمعالجة اضطرابات النوم لدى الناس بفعل عوامل حياتية شتى على الأرض.
وكانت وكالة ناسا للفضاء قد طلبت من الدكتور تشارلز سزيسلير، رئيس قسم طب النوم بجامعة هارفارد في بوسطن بالولايات المتحدة، إيجاد وسائل تكون حلولاً لمساعدة رواد الفضاء على ضبط إيقاع حياتهم، وتحديداً أوقات النوم والتعامل مع اضطراباته المحتملة والمتوقعة، عند بقائهم لفترات، طويلة أو قصيرة، على سطح الكوكب الأحمر، المريخ.
والإشكالية التي تطلبت من ناسا سؤال الأطباء وضع حلول لها هي أن اليوم على ظهر كوكب المريخ يطول إلى مدة 24 ساعة و39 دقيقة. وهذه الفترة المقاربة لخمس وعشرين ساعة كفيلة بحد ذاتها أن تُصيب أي إنسان بما يُعرف بالـ«جيت لاغ»، أو صعوبة النوم جراء معايشة اختلاف طول النهار عن المعتاد. وهي صعوبات في النوم تُؤدي إلى اختلال قدرات الإنسان على التعلم وتذكر الأشياء والتفاعل بشكل سريع مع متغيرات الأحداث، إضافة إلى حالة الأرق.
وما لاحظه الباحثون من جامعة هارفارد خلال تجاربهم أن ثمة اختلافات «أوسع من المتوقع» في أنظمة جسم الإنسان الداخلية المستخدمة في تتبع ظهور النهار وظهور الليل. أي الأنظمة المستخدمة في الاستيقاظ من النوم وفي الخلود إليه. والاختلافات، التي وصفها الباحثون بأنها «أوسع من المتوقع» في مدة الإيقاع اليومي لتتبع النهار والليل لدى الإنسان، بلغت حوالي الساعة الكاملة فيما بين مجموعة لا تتجاوز 12 شخصا تمت عليهم الدراسة. حيث أن بعضهم كان لديه اليوم البيولوجي حوالي 23.47 ساعة، وآخرين وصلوا إلى حد 24.48 ساعة. وهذا التباين يُعزى إلى اختلافات جينية بين الناس. وأحد أهم أسباب الإصابة باضطرابات تُثير هذه الاختلافات الجينية بين الناس، وبالتالي تُصيبهم بمشاكل في الخلود إلى النوم، هو مدة التعرض للضوء خلال اليوم. وهو ما عبر عنه الدكتور سزيسلير بالقول، وبشكل عام فإن ما يُبقينا ضمن نظام الإيقاع اليومي الطبيعي هو مدة التعرض للضوء أثناء اليوم.
لكن ما وصفه الدكتور سزيسلير بأنه «صاعق» في نتائج بحثه أن ثمة أيضاً اختلافات في الإفرازات الهرموني، لأنه حينما تم تحليل عينات من الدم، كل ساعة، لمعرفة منسوب هرمون ميلاتونين. تبين أن الأشخاص الذين لديهم ساعة اليوم بيولوجية أقصر مدة، يبدأون بإفراز هرمون ميلاتونين قبل أربع أو خمس ساعات من خلودهم إلى النوم. بينما الذين لديهم ساعة اليوم البيولوجية طويلة، ويتأخرون بالتالي في الخلود إلى النوم، لا تفرز الغدة الصنوبرية في الدماغ لديهم هذا الهرمون إلا قبل ساعة من النوم، ولذا يتأخر اليوم لديهم. وما دام أن ثمة أسبابا جينية لا يملك المرء إزاءها فعل شيء لتغير إيقاع الساعة البيولوجية نفسها، فإن بالإمكان فعل شيء آخر لتسهيل النوم، وهو تحفيز إفراز هرمون ميلاتونين كي يسترخي الجسم ويسهل خلود الإنسان إلى النوم.
ولذا فإن ما أعلنه الباحثون في الرابع عشر من شهر مايو الحالي، ضمن عدد مجلة الأحداث الصادرة عن الأكاديمية الأميركية للعلوم، هو أن التعرض مرتين، ولمدة 45 دقيقة في كل مرة، للضوء الساطع في فترة المساء، أو ما يُوازيها بحساب ساعات اليوم على كوكب الأرض، يُمكنه الإسهام في إعطاء الإنسان قدرات أفضل على تسهيل الدخول إلى النوم عند معايشة ظروف في أمكنة تتميز بأن مدة اليوم فيها أطول مما هو على الأرض، مثل نوعية المدة الزمنية الطويلة لليوم على كوكب المريخ.
ويعتقد الباحثون نتيجة لدراستهم، أن وسيلة المعالجة المقترحة يُمكنها مساعدة الناس الذين لديهم أنواع من الاضطرابات، في برامج هذه الأنظمة الداخلية للجسم، في التعامل مع النوم. وهو ما عبر الدكتور سزيسلير عنه بالقول إن النتائج لها تطبيقات قوية لمعالجة اضطرابات إيقاع الدورة اليومية للنوم، مثل التي تنشأ من ممارسة أعمال بنظام تتابع ورديات العمل والمراحل المتقدمة من اضطراب فترة النوم
منقوووووووووووووووووول
ستغرب الكثيرون أن أسهل وأوسع الأبواب لدخول الشغوفين إلى عالم صناعة الفضاء العالمية اليوم، هو الطب. وهذه الحقيقة تنبع من التوسع المحموم في مجال التطبيقات الطبية لممارسات الأنشطة الفضائية، بكل المعنى الواسع للعبارة.
والتطبيقات الطبية بالنسبة لعلوم الفضاء مهمة بدرجة أنها تُعتبر، دون أي مبالغة في العبارة، لازما أساسيا وحيويا لتطور الصناعة الفضائية، بل ان الحقيقة أكبر من هذا، وهي أن ما يسمح بالتطور في صناعة الفضاء هو مدى قدرة التطبيقات الطبية على حل الاشكاليات الصحية التي تعترض سلامة رواد الفضاء، بمعنى أن أكبر العوائق اليوم لتحقيق مزيد من التطور التطبيقي في استخدام الفضاء هو قدرة الطب الفضائي على ضمان صحة الإنسان وسلامته من خلال النشاطات الفضائية.
ولذا فإن البحوث والدراسات الطبية في مجال طب الفضاء تشهد اليوم حالة من الحمى، المفيدة بلا شك، خاصة مع التشغيل الفعلي للمحطة الفضائية الدولية منذ سنوات، وبقاء بعض الرواد فيها لفترات تصل إلى حدود السنة، والبدء الفعلي أيضاً في الرحلات السياحية الفضائية كحقيقة واقعية اليوم، وتنامي الحديث عن مشروع وصول الإنسان إلي المريخ وإعادة فتح ملف الذهاب إلى القمر.
لكن من جانب آخر مهم منه لبقية الناس والمرضى، ممن لا علاقة مباشرة لهم بالفضاء سوى رؤيته من بعيد، هو نتائج دراسات وتجارب فهم تغيرات الجسم وتطبيقات الطب عن بُعد، ونتائج الاستفادة التطبيقية العلاجية للأمراض، سواء تلك المتعلقة بإنتاج الأدوية أو إجراء تحليل المختبرات أو القيام بالجراحات وغيرها. كل هذا في أجواء بعيدة عن الجاذبية الأرضية.
خدمة فضائية طبية
وكان كل من عيادة مايوكلينك في أريزونا وفرع غالفستون الطبي لجامعة تكساس ومختبرات وايل في هيوستن، قد وقعت مذكرة تفاهم في السادس عشر من شهر مايو(أيار) الحالي، لتكوين مجموعة تعاونية من مصادر طب الفضاء، بغية تحقيق تغطية كامل احتياجات قطاع صناعة رحلات الفضاء للأغراض المدنية من الخدمات الطبية. وقال فيرنون ماك دونالد، مدير وحدة خدمات وايل للرحلات الفضائية التجارية، إن الشركاء في الاتفاقية سيبحثون، بهذا التعاون، عن الفرص وعن تطوير اتفاقيات مشتركة تبادلية في سبيل تقديم خدمات التقييم الطبي والفحص الشامل للناس المزمع مشاركتهم في الرحلات الفضائية. وذلك ضماناً للمحافظة على سلامة وصحة الركاب في تلك الرحلات الفضائية التجارية.
وتشمل الخدمات الطبية فحوصات التقييم الشامل، والمعالجات الطبية، وفحوصات اختبارات مدى تحمل الظروف البيئية الخاصة التي يُمكن أن تتوفر في مركبات الرحلات الفضائية والتي يتعرض لها طاقم تشغيل تلك المركبات، أو قد يتعرض لها ركاب الرحلات الفضائية أثناء دورانهم في مدارات قربه من الارض او وجودهم في المطارات الفضائية التجارية، او أي بيئة في مجالات صناعة الرحلات الفضائية التجارية. وبهذا يُقدم الشركاء الثلاثة خبرات ومهارات فريدة للغاية لبرنامج طب الفضاء المدني.
وتعتبر مجموعة وايل لعلوم الحياة، والتي مقرها في هيوستن بولاية تكساس الأميركية، الرائدة في علوم حياة الفضاء، وفي عمليات تهيئة وتحضير الرواد من النواحي الطبية لتحقيق ضمان السلامة للحياة البشرية خلال الرحلات الفضائية. ولعل من أبرز الأدلة على ذلك أن أكثر من ثلثي الناس الذين قاموا برحلات فضائية، والبالغ عددهم حوالي 500 إنسان، تم تدريبهم ومساعدتهم على امتلاك قدرات الحياة في الفضاء عبر العاملين في مجموعة وايل.
كما وتعتبر نشاطات وخدمات مايو كلينك طويلة الخبرة في طب الفضاء التقليدي. وتعود لتلك الأيام الخوالي التي تم فيها العمل على أوائل فئات بدلة رواد الفضاء الخاصة، وكذلك في وضع أنظمة تزويد مقصورة الرواد بالأوكسجين اللازم لعمليات التنفس. ويعمل في فرع مايو كلينك بإريزونا مجلس من الخبرات الطبية والتطبيقية، والذي يُعتبر واحداً من أكبر اهتماماته التركيز على منح شهادات التخصص في طب الطيران Aerospace Medicine ، ضمن تخصصات الطب الباطني. وهو فرع من تخصصات الطب الباطني الذي يشمل طب الفضاء. وقال الدكتور جان ستيبانيك، مدير برنامج طب الطيران في مايو كلينك بإريزونا، وهو من الحاصلين على شهادتي الطب الباطني وطب الطيران، إن التعاون هذا قدم لمايو كلينك الفرصة لمشاركة كل من مختبرات وايل وفرع غالفستون الطبي بجامعة تكساس في تجميع أعلى درجات من الخبرات لخدمة الركاب في الرحلات الفضائية المستقبلية.
ومن جانبها، يُزود فرع غالفستون الطبي بجامعة تكساس الجراحين المشاركين في رحلات كل من برنامج رحلات مكوك الفضاء لوكالة ناسا NASA"s ، ومحطة الفضاء الدولية وبرامج الكواكب، وبرامج مغامرات رحالة الفضاء التجارية، إضافة إلى برامج تدريب أطباء تخصص طب الطيران. وقال الدكتور ريشارد جيننغز، مدير برنامج تدريب أطباء تخصص طب الطيران التابع لفرع غالفستون الطبي في جامعة تكساس، إن العمل مع وايل ومايو كلينك سوف يرفع من مستوى الخدمات التي يُمكننا تقديمها للزبائن الحاليين والمستقبليين، مما يُشكل ظهور مصدر مُؤهل ومتميز في عالم صناعة الفضاء التجاري.
طب الفضاء
والملاحظ أن بداية الشراكة هذه، من منظور طبي بحت، تُمثل تلاقي جهود المراكز الطبية المعنية فعلاً اليوم بممارسة خدمات ودراسات طبية فضائية بشكل يومي. أي إجراء دراسات طب الفضاء والطيران وتطبيقاته المباشرة علي رواد الفضاء وعلى المرضى ممن لا علاقة لهم بأي رحلات فضائية، ما قد يُعطي فرصة أكبر ليس فقط في توسيع النشاطات الطبية التطبيقية المهمة بالنسبة للمعنيين بالبدء في تسيير رحلات فضائية تجارية اعتيادية، بل فيما هو أوسع من هذا، وذلك عبر تشكيل نواة لتجميع الدراسات والبحوث الهادفة إلى الاستفادة التطبيقية لمجالات رحلات الفضاء على المرضى وعلى الوسائل الوقائية من الأمراض؛ وهي جوانب تفتقد اليوم إلى مرجعية علمية تُعنى بقيم تلك التطبيقات ومدى الاستفادة منها في المجالات الطبية التطبيقية العلاجية، بما يهم الأطباء مدى فهمه ومدى حاجتهم إليه ومدى مجالات الاستفادة منه، بل تعتمد بشكل رئيس على ما تطلبه بعض الجهات، كوكالة ناسا أو ضمن برامج البحث في الجامعات أو المؤسسات العلمية ضمن إسهاماتها في توسيع المعرفة الطبية وتطبيقاتها.
وتتفق مجموعة من المصادر العالمية المعنية بالشأن الفضائي، مثل وكالة ناسا أو الوكالة الكندية للفضاء أو الوكالة اليابانية لأبحاث الطيران والفضاء وغيرها، حول مفهوم معنى طب الفضاء، والتي بالجملة تُفيد بأنه يجمع ما بين عدة تخصصات طبية لفحص التأثيرات التي تطول الجسم البشري أثناء الرحلات الفضائية، ومنع حصول المشاكل المرتبطة بالعيش في ظروف بيئة فريدة ومنعزلة بشكل حاد عما هو معتاد على سطح الأرض. وفي هذا المضمار من الطب، يعمل الأطباء جنباً إلي جنب مع العلماء في تخصصات أخرى شتى ومع فرق من المهندسين بغية الحفاظ على سلامة وصحة الجوانب البدنية والعقلية والاجتماعية لرواد الفضاء أثناء رحلاتهم وبعد عودتهم إلى الأرض. وبشكل عام، فإن ثمة تأثيرات للظروف البيئية الفضائية على القلب والأوعية الدموية، وعلى العظم، وعلى العضلات، وعلى التوازن واضطراباته، وعلى أجهزة مناعة الجسم. وبشكل أكثر تحديداً تأثيرات عوامل انعدام الجاذبية والاشعاعات الكونية ونظام العيش بصفة منعزلة وبعيدة للغاية عن بقية البشر وعن أجواء البيئة الأرضية، والاعتماد على الأوكسجين والتغذية وممارسة الأنشطة البيولوجية الحيوية الطبيعية للإنسان العادي.
بنية عظم الرواد ليس بالضرورة أنه كلما كبر حجم العظم كلما كان أقوى.
هذا ما أكدته نتائج دراسة حديثة لوكالة ناسا الأميركية من خلال أبحاثها حول بنية عظم رواد الفضاء، والتي استمرت أربع سنوات. وتبين من خلال الدراسة أن تأثيرات انعدام الجاذبية على عظم رواد الفضاء العاملين في المحطة الفضائية الدولية، تُؤدي إلى فقد رائد الفضاء ما معدله 11% من مجمل كتلة عظم الحوض خلال مدة المهمة الفضائية. أو بطريقة أخرى للحساب، فإن ما يفقده رائد الفضاء خلال مهمة شهر في محيط أطراف مدار المحطة حول الأرض، يوازي ما تفقده المرأة المسنة من كتلة العظم خلال عام كامل.
أي أن ثمة تسارعاً في فقد كتلة العظم بحسب طول مدة البقاء في المحطة الفضائية، وأن الأمر سيكون أسوأ عند الابتعاد أكثر في أعماق الفضاء الخارجي. ووفق ما ذكره الدكتور توماس لانغ، الباحث الرئيسي في الدراسة من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، فإنه ظهر أنه وبعد سنة من العودة إلى الأرض فإن غالبية ما تم فقده خلال الرحلة الفضائية تلك من كتلة العظم يعود إلى سابق وضعه. لكن بالرغم من التحسن خلال عام من العودة إلى الأرض مقارنة مع ما بعد العودة مباشرة إلى الأرض، إلا أن بنية العظم نفسها وكثافته ومؤشرات قوة عظم الحوض لا تتعافى بالكامل. ويأمل الدكتور لانغ أن يكون الأمر يحتاج إلى مدة أطول في المتابعة، في إشارة منه إلي بعض التكهنات الطبية التي تقول إنه لن يعود مطلقاً إلى ما كان عليه العظم قبل خوض مهمة الرحلة الفضائية، وأن الضعف دائم.
وتشير المصادر الطبية التى علقت على الدراسة، الصادرة في أواخر شهر أبريل(نيسان) الماضي، بأن أهميتها تكمن في توقعات فقد العظم الحاصلة عند خوض غمار الرحلات الفضائية البعيدة المدى. وتتوجه أهم الدراسات الى رحلات رواد الفضاء للوصول إلى المريخ، وهي رحلات من المعروف أنها ستستغرق وقتاً طويلاً زمنياً خلال مرحلتي الذهاب والإياب. وسينجم عنها بالتالي ضعف في بنية عظام الرواد، سواء أثناء تلك الرحلة، مما سيرفع من احتمالات إصاباتهم بالكسور أثناء أنشطتهم على سطح الكوكب الأحمر، أو على المدى البعيد عند العودة إلى الأرض. لكن الباحثين أكدوا أن رواد الفضاء الأصحاء لم يُصابوا، خلال مهماتهم الفضائية المتراوحة المدة ما بين 4 إلى 6 أشهر، بمرض هشاشة العظم، وذلك كحالة مرضية ذات مواصفات محددة في كمية الضعف لبنية العظم نفسه.
إلا أنهم يقولون إن ما يحصل من ضعف في عظامهم يكفي لإثارة المخاوف من ارتفاع احتمالات الإصابة بالكسور فيما بينهم عند احتياجهم إلى بذل مجهود بدني قاس، متوقع خلال الرحلات الفضائية.
وهذا البحث لوكالة ناسا هو الأول ضمن مشروع البحوث البشرية التي تتم على متن المحطة الفضائية. وهو برنامج طموح يهدف إلى إجراء دراسات حول فهم التأثيرات الصحية للمكوث في الفضاء، ووسائل تقليل المخاطر الصحية وتدني مستوى الأداء البدني والذهني لرواد الفضاء أثناء مهماتهم. واستمرت الدراسة بين عام 2001 و 2004، وشملت 16 رائد فضاء. وتقول جوليا روبنسن، الباحثة في مركز جونسن للفضاء التابع لوكالة ناسا والعاملة ضمن برنامج محطة الفضاء الدولية، إن نجاح البشر في مهمات رحلات استكشاف يعتمد على نتائج وسائل التغلب لتجاوز مثل هذه التأثيرات على أعضاء طاقم قيادة هذه الرحلات الفضائية؛ في إشارة منها للهيكل العظمي. وأضافت أن هناك تعزيزاً في الجهود العلمية لنتائج الدراسات حول هشاشة العظم على منْ هم فوق سطح الأرض، مع دراسات فقد كتلة عظم رواد الفضاء واستعادة العافيته أثناء وبعد خوض رواد الفضاء لتلك المهمات في رحلاتهم. إن دراسات الأرض تكملها دراسات الفضاء.
الساعة البيولوجية بين الوعي على المريخ والنوم في الأرض
ما تم البدء به كبحث لوضح حلول لمشكلة محتملة، وهي اضطرابات نوم رواد الفضاء حال بلوغهم كوكب المريخ، يرى فيه بعض الباحثين الطبيين وسيلة لمعالجة اضطرابات النوم لدى الناس بفعل عوامل حياتية شتى على الأرض.
وكانت وكالة ناسا للفضاء قد طلبت من الدكتور تشارلز سزيسلير، رئيس قسم طب النوم بجامعة هارفارد في بوسطن بالولايات المتحدة، إيجاد وسائل تكون حلولاً لمساعدة رواد الفضاء على ضبط إيقاع حياتهم، وتحديداً أوقات النوم والتعامل مع اضطراباته المحتملة والمتوقعة، عند بقائهم لفترات، طويلة أو قصيرة، على سطح الكوكب الأحمر، المريخ.
والإشكالية التي تطلبت من ناسا سؤال الأطباء وضع حلول لها هي أن اليوم على ظهر كوكب المريخ يطول إلى مدة 24 ساعة و39 دقيقة. وهذه الفترة المقاربة لخمس وعشرين ساعة كفيلة بحد ذاتها أن تُصيب أي إنسان بما يُعرف بالـ«جيت لاغ»، أو صعوبة النوم جراء معايشة اختلاف طول النهار عن المعتاد. وهي صعوبات في النوم تُؤدي إلى اختلال قدرات الإنسان على التعلم وتذكر الأشياء والتفاعل بشكل سريع مع متغيرات الأحداث، إضافة إلى حالة الأرق.
وما لاحظه الباحثون من جامعة هارفارد خلال تجاربهم أن ثمة اختلافات «أوسع من المتوقع» في أنظمة جسم الإنسان الداخلية المستخدمة في تتبع ظهور النهار وظهور الليل. أي الأنظمة المستخدمة في الاستيقاظ من النوم وفي الخلود إليه. والاختلافات، التي وصفها الباحثون بأنها «أوسع من المتوقع» في مدة الإيقاع اليومي لتتبع النهار والليل لدى الإنسان، بلغت حوالي الساعة الكاملة فيما بين مجموعة لا تتجاوز 12 شخصا تمت عليهم الدراسة. حيث أن بعضهم كان لديه اليوم البيولوجي حوالي 23.47 ساعة، وآخرين وصلوا إلى حد 24.48 ساعة. وهذا التباين يُعزى إلى اختلافات جينية بين الناس. وأحد أهم أسباب الإصابة باضطرابات تُثير هذه الاختلافات الجينية بين الناس، وبالتالي تُصيبهم بمشاكل في الخلود إلى النوم، هو مدة التعرض للضوء خلال اليوم. وهو ما عبر عنه الدكتور سزيسلير بالقول، وبشكل عام فإن ما يُبقينا ضمن نظام الإيقاع اليومي الطبيعي هو مدة التعرض للضوء أثناء اليوم.
لكن ما وصفه الدكتور سزيسلير بأنه «صاعق» في نتائج بحثه أن ثمة أيضاً اختلافات في الإفرازات الهرموني، لأنه حينما تم تحليل عينات من الدم، كل ساعة، لمعرفة منسوب هرمون ميلاتونين. تبين أن الأشخاص الذين لديهم ساعة اليوم بيولوجية أقصر مدة، يبدأون بإفراز هرمون ميلاتونين قبل أربع أو خمس ساعات من خلودهم إلى النوم. بينما الذين لديهم ساعة اليوم البيولوجية طويلة، ويتأخرون بالتالي في الخلود إلى النوم، لا تفرز الغدة الصنوبرية في الدماغ لديهم هذا الهرمون إلا قبل ساعة من النوم، ولذا يتأخر اليوم لديهم. وما دام أن ثمة أسبابا جينية لا يملك المرء إزاءها فعل شيء لتغير إيقاع الساعة البيولوجية نفسها، فإن بالإمكان فعل شيء آخر لتسهيل النوم، وهو تحفيز إفراز هرمون ميلاتونين كي يسترخي الجسم ويسهل خلود الإنسان إلى النوم.
ولذا فإن ما أعلنه الباحثون في الرابع عشر من شهر مايو الحالي، ضمن عدد مجلة الأحداث الصادرة عن الأكاديمية الأميركية للعلوم، هو أن التعرض مرتين، ولمدة 45 دقيقة في كل مرة، للضوء الساطع في فترة المساء، أو ما يُوازيها بحساب ساعات اليوم على كوكب الأرض، يُمكنه الإسهام في إعطاء الإنسان قدرات أفضل على تسهيل الدخول إلى النوم عند معايشة ظروف في أمكنة تتميز بأن مدة اليوم فيها أطول مما هو على الأرض، مثل نوعية المدة الزمنية الطويلة لليوم على كوكب المريخ.
ويعتقد الباحثون نتيجة لدراستهم، أن وسيلة المعالجة المقترحة يُمكنها مساعدة الناس الذين لديهم أنواع من الاضطرابات، في برامج هذه الأنظمة الداخلية للجسم، في التعامل مع النوم. وهو ما عبر الدكتور سزيسلير عنه بالقول إن النتائج لها تطبيقات قوية لمعالجة اضطرابات إيقاع الدورة اليومية للنوم، مثل التي تنشأ من ممارسة أعمال بنظام تتابع ورديات العمل والمراحل المتقدمة من اضطراب فترة النوم
منقوووووووووووووووووول