المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خلال أربعة أيام قاما بفك الرأس و حاولا كسر الغلاف الرصاصي



farok
07-09-2009, 07:31 PM
في عام 1971م أفتتحت عيادة خاصة للعلاج الإشعاعي بالقرب من مستشفى خيري في وسط مدينة قوييانيا و زودت بجهاز علاج إشعاعي يستخدم عنصر السيزيوم 137 (Cs-137: Half Life = 30.23 yr, Photon Energy = 662 keV). و من ثم في عام 1985م تم إخلاء العيادة و الإنتقال إلى موقع آخر و ترك هذا الجهاز الإشعاعي بدون إخبار الجهات المختصة.

في 13 سبتمبر 1987م، دخل اثنان من نابشي الأنقاض إلى مبنى العيادة المهجور و الذي كان مفتوحا لكل من هب و دب في ذلك الحي الفقير. و قاما بنقل رأس الجهاز الإشعاعي إلى بيت أحدهما حتى يبيعوه كخردة، دون أن يعرفا خطره الإشعاعي طبعا. و في خلال أربعة أيام قاما بفك الرأس و حاولا كسر الغلاف الرصاصي الذي يحمي كبسولة أملاح كلوريد السيزيوم المشعة. لم يستطيعا كسر الغلاف الرصاصي، لكنهما استطاعا كسر نافذة الإيريديوم التي يخرج منها الإشعاع و من ثم استطاعا الوصول إلى الكبسولة و فتقها. و من هنا بدأت إحدى أخطر الحوادث الإشعاعية التي حصلت إلى يومنا هذا.

http://up.arab-x.com/July09/Xvq59547.jpg (http://up.arab-x.com/)

بعد فتق الكبسولة تم بيع الوحدة بمبلغ 25 دولار أمريكي إلى “زعيم الخردة” في الحي، و الذي لاحظ كسابقيه اللون الأزرق المنبعث - الناتج عن إمتصاص الكلوريد لأشعة جاما و إعادة الإنبعاث في الطيف المرئي- و أعجب بالتألق الأزرق فأراد صنع خاتم لزوجته. و خلال الخمس الأيام التالية تم تكسير الغلاف الرصاصي و قطع بعض أجزاء الكبسولة إلى عدة قطع صغيرة تداولتها الأيادي.


انتشار البودرة الإشعاعية


قام شقيق تاجر الخردة بنحت جزء من الكبسولة، مما أدى إلى تناثر غبارها على أرضية البيت الذي تلعب فيه ابنته الصغيرة. الطفلة قامت بعدها بتناول غذائها بأيديها الملوثة مبتلعة بذلك المادة المشعة، و أيضا قامت بطلاء جسدها بالمادة الزرقاء المتألقة. شقيق آخر لزعيم الخردة قام بطلاء الصليب على جسمه، و أنتقلت معه أجزاء المادة المشعة إلى مزرعته لتصيب حيواناتها و تقتلهم. زوار البيت و من جاء ليشاهد جمال المادة الزرقاء نقلوا معهم الغبار الإشعاعي إلى كل مكان ذهبوا إليه. فقد وجدت آثار المادة المشعة في مناطق عديدة في المدينة و حتى في مدينة أخرى تبعد 60 كم .


بداايات اكتشاف التلوث


أول من انتبهت لمرض الجميع كانت زوجة تاجر الخردة. في البداية شكّت أن الإسهال و الأعراض المرضية التي أصابت من حولهم سببها بعض الشراب الذي قدم في بيتها، لكن فحوصات المستشفى نفت ذلك. بعدها شكّت أن السبب هو المادة المتألقة، فأخذت أحد عمال زوجها ليحمل جزء من المادة في كيس بلاستيكي على كتفه و يذهبا به إلى المستشفى القريب ليراها الطبيب. الطبيب عرف بأنها مادة خطرة فتحفظ عليها.



في 29 سبتمبر، جاء فيزيائي طبي زائر و معه جهاز كاشف إشعاعي ليؤكد أن المادة مشعة، و لتبدأ الإستجابة للحادثة الإشعاعية و إحضار الخبراء من فيزيائيين و أطباء و الكشف عن الأماكن التي تلوثت بالإشعاع و إخلاءها.

http://up.arab-x.com/July09/NN659547.jpg (http://up.arab-x.com/)

بعد الإكتشاف

عند نشر خبر التسرب قامت موجة فزع في المدينة. و تم فحص أكثر من 112 ألف شخص، 74% منهم قدموا طوعا من تلقاء أنفسهم ليتم فحصهم خوفا من الإشعاع. 249 شخص ثبتت إصابتهم بتلوث إشعاعي عالي، منهم 129 شخص وجد أن التلوث الإشعاعي كان داخليا (من داخل الجسم نتيجة استنشاق أو بلع غبار المادة المشعة)، رغم أن أغلبهم كانت الجرعة الإشعاعية أقل من 50 ميللي سيفرت. حوالي 1000 شخص حصلوا على جرعة إشعاعية أكبر من الجرعة السنوية الناتجة طبيعيا من البيئة.

http://up.arab-x.com/July09/AOc59868.jpg (http://up.arab-x.com/)

تم فحص المدينة بطائرة عامودية مزودة بكاشفات إشعاعية، و بسيارات تجوب المدينة لمعرفة الأماكن عالية الإشعاع، بالإضافة إلى التقنيين الجواليين على أقدامهم. عمليات التنظيف الإشعاعي تضمنت إزالة التربة في الأماكن ذات الإشعاع العالي، و إخلاء البيوت و تفكيك بعضها و تنظيف ممتلكاتها أو ببساطة اعتبارها مخلفات إشعاعية. طلاء البيوت تم كشطه، و الأرضيات تم غسلها بالحوامض. تم كنس كل شيء حتى الأسقف، و أعتبر الغبار الناتج من التنظيف ضمن المخلفات الإشعاعية. تم إخلاء 2000 متر مربع من الأراضي من قاطنيها، في هذه المساحة يوجد 25 منزلا و اثنان من أراضي الخردة. فقط 240 متر مربع ثبت تلوثها بالإشعاع. ناتج المخلفات الإشعاعية عن عملية التنظيف كان حوالي الـ 3500 متر مكعب.
قامت مظاهرات في المدينة إعتراضا على دفن جثث المصابين في المقابر العامة. الولايات البرازيلية الأخرى رفضت دفن أي مخلفات إشعاعية ناتجة عن هذه الحادثة في أراضيها. كما توقف مواطنيها عن شراء صادرات مدينة قوييانيا من ملابس و أرز و غيره لمدة شهرين خوفا من تلوثها بالإشعاع. بل أن بعض الفنادق رفضت السماح للقادمين من مدينة قوييانيا بالسكن لديهم! حتى المنتجعات بالقرب من قوييانيا خلت فنادقها من السياح. الطريف أن تاجر الخردة حاول استغلال الحادثة ماديا و طالب بالمال - بالإضافة إلى مقابلة ممثلة برازيلية مشهورة - مقابل إجراء اللقاءات الصحفية و إلتقاط الصور له!!

تم اتهام الأطباء مالكي العيادة المهجورة بتهمة الإهمال، خاصة و أنهم لم يقوموا بإبلاغ الجهات المختصة بالإنتهاء من استعمال الجهاز الإشعاعي .

توفي أربعة أشخاص (زوجة التاجر، ابنة شقيقه، و اثنان من عماله الذين قاموا بكسر الغلاف الرصاصي و الكبسولة) و أصيب 28 شخص بحروق إشعاعية.

من اليوم الثاني للسرقة بدأت الأعراض المرضية تظهر على نابشي الأنقاض ممثلة في الإستفراغ و الدوخة و الإسهال. بعدها بدأت تظهر أثار الحروق الإشعاعية على أيديهم و تم بتر يد أحدهما فيما بعد. زوجة تاجر الخردة توفيت بعد شهر من الحادثة، و قدرت الجرعة الإشعاعية التي حصلت عليها بـ 5.7 قراي. أما زوجها تاجر الخردة حصل على 7 قراي لكنه عاش، غالبا لأن تعرضه كان على فترات متفرقة لوجوده الدائم خارج البيت. و من المعروف أن الخلايا تقوم بإعادة إصلاح نفسها لو تعرضت للإشعاع على دفعات لذلك تكون الآثار أخف من لو تعرض الإنسان لجرعة عالية في جلسة واحدة، و هذا أحد أسس العلاج الإشعاعي للسرطان.

http://up.arab-x.com/July09/AwL59868.jpg (http://up.arab-x.com/)
العامل الذي حمل المادة المشعة على كتفه أصيب بحروق إشعاعية و حصل على جرعة إشعاعية قدرت بـ3 قراي. أما ابنة شقيق تاجر الخردة فحصلت على جرعة إشعاعية قدرت بـ6 قراي، توفيت على أثرها بعد حوالي الشهر من الحادثة و دفنت في كفن حديدي غطي بالأسمنت. عند موتها كان جثمانها يصدر جرعة إشعاعية بمقدار 25 سنتيقراي في اليوم.





تكمن صعوبة التنظيف في هذه الحادثة في أن الكبسولة الإشعاعية تم تفكيكها و انتشار أجزاءها و غبارها و تناقلها بين الناس، بالتأكيد لم تكن لتصنف ضمن أخطر الحوادث الإشعاعية لو كانت الكبسولة بقيت في حالتها الصلدة حيث يسهل استرجاعها بدون القلق بشأن انتشار التلوث الإشعاعي في البيئة.



الحادثة فتحت أعين الحكومات على خطر سرقة المواد المشعة. أغلب الحكومات بعدها أصدرت قوانين صارمة لتتبع كل المواد المشعة من وقت دخولها البلد و طريقة استعمالها خلال وجودها و حتى الإنتهاء منها و إرسالها للتخلص منها.

الوكالة الدولية الذرية هي الجهة التي قامت بالإستجابة للحادثة مع الجهات المسؤولة في البرازيل، و نشرت تقريرا عن الحادثة مدعما بالصور فيه معلومات مفصلة عن طرق الإستجابة و حساب الجرعات و تنظيف البيئة و التدخل الطبي و الدروس المستفادة من الحادثة.


http://up.arab-x.com/July09/hmU59547.jpg (http://up.arab-x.com/)

farok
07-11-2009, 05:34 PM
شكرا لمرورك



sancad

فريدة
07-12-2009, 05:57 PM
السلام عليكم،
بالفعل إنه أمر في بالغ الخطورة،قد يؤدي إلى الهلاك،إذا غاب الإنتباه عنا،لذا يجب الحذر فالحذر من وقوع مصائب و حوادث مثل هذه الحادثة

شكرا لك أخي فاروق ع نقل متل هاد الخبر

**تحياتي

الأخت/ فريدة

farok
07-13-2009, 03:35 PM
اهلا اخت فريدة

بالفعل الحذر وعدم الاهمال خصوصا بالبلدان العربية