الصادق
06-10-2009, 02:17 AM
مـحـجـوب عـبـيـد طـــه
خـضـر مـحـمـد الـشـيـبـانــي
ومـــضـــات مــن (فــكــر) مـحـجـوب عـبـيـد طـــه !!
سيقع اللوم – دون شك – على محبي ومريدي وزملاء محجوب عبيد طه – رحمه الله -، ومنهم صاحب هذه السطور، لعجزهم حتى الآن عن جمع تراث ذلك الرجل الفذ والمتميز فكراً وخلقاً وعلما.
لقد رحل الفيزيائي القدير والمفكر المرموق البروفسور محجوب عبيد طه، من عالم الفناء إلى عالم البقاء، في عام 1421هـ، تاركاً وراءه عطاءً شامخاً في مجال تخصّصه، وإسهاماً متألقاً على المستوى الفلسفي والفكري، وذكرى عبقة تنبض بالحب الذي كان يفيض حوله تلقائياً لما تميز به من الخلق الرفيع، والتواضع الجم.
لقد تميزت حياة الرجل بثلاثة محاور ترك على كلٍّ منها بصمات مميزة...وتأثيراً عميقاً، فكان هناك (المحور العلمي)، و(المحور الفكري)، والمحور الإنساني)، ونادراً ما يستطيع شخص أن يجمع بين تلك المحاور في آن واحد، وأن يتميز بخصائص بارزة على كل صعيد منها.
مـن ذلك المنطلق فإن أي محاولة نزيهة للتعامل مع شخصية محجوب عبيد طه لا تستطيع أن تغفل تلك الأبعاد الثلاثة التي تلاقت في هدوء وسكينة وتناغم في شخصية ذلك الرجل النحيل الذي انطلق من قريته في السودان ليحصل على درجة الدكتوراه في الفيزياء من جامعة (كمبردج) ببريطانيا عبر مسيرة من التفوق المشهود له، وليواصل بكل عنفوان رحلة علمية وفكرية وإنسانية غنية بالعطاء والنقاء.
وإذا كانت أعماله الأصيلة في مـجال (الفيزياء النظرية) و(فيزياء الكون) قد
استقرّت في بطون أشهر الدوريات العلمية ليرجع إليها أهل الاختصاص، وحصلت على ما هي أهل له من تقدير روّاد تلك الآفاق (الفيزيائية – الرياضية)، فإن إسهاماته على المستوى الفكري بقيت حبيسة مقالات وتسجيلات متناثرة لندوات ومحاضرات كان ينشط إليها بهدوء كل ما سنحت له الفرصة، وكان بذلك يثري ساحة الفكر دون جلبة أو ضجيج.
لقد غطّت أنشطة محجوب الفكرية طيفاً واسعاً...وأصعدة عديدة، فاهتمّت بفلسفة العلوم، وبُـنية النظريات العلمية، ومفهوم القوانين الطبيعية، ومفهوم الزمن، وبداية الكون، والإعجاز العلمي في القرآن والسنة، واتساق الإيمان والعلم الطبيعي، وكلها قضايا تدفع بالفكر البشري إلى آفاق شاهقة ترقى بالمدارك البشرية، وتعمّق الرؤى الإنسانية، وتتفاعل - في حيوية وانسجام - مع عناصر النبوغ والتفوق والتمكّن في ساحة معطيات العصر وأدواته.
وبالرغم من أن إسهامات محجوب عبيد طه وطروحاته ترتكز على أسس علمية بالغة التعقيد على المستوى النظري والتجريبي، وتحتاج إلى قدر من الجهد والمثابرة، وحدٍّ أدنى من التأسيس المعرفي، إلا أن محجوب استطاع - في حالات كثيرة - أن يتجاوز تلك العقبات (الرياضية – الفيزيائية)، ليقدّم طرحاً سلساً وماتعاً للإنسان العادي ذي الاهتمامات الفكرية والثقافية العامة.
ولذا فإني عبر مجموعة من المقالات سأسعى إلى إبراز بعض ومضات من (فكر) محجوب عبيد طه – رحمه الله-، مدركاً حجم التحدي وصعوبة المهمة، ولكني أعترف – في نهاية المطاف – بأنها ليست إلا محاولات اجتهادية في الانتقاء والتحليل والتـأمل، وهي ليست إلا جهداً متواضعاً يقف أمام قمة فكرية متسامقة تضرب بجذورها العلمية في أشدّ العلوم انضباطاً...وأكثرها تعقيداً، وتتعامل مع أصعب الأطر الفلسفية والعقدية.
من أبرز ما اهتم به الرجل هو الأبعاد العلمية والفلسفية لمفهوم (المنهج العلمي) الذي تنطلق منه صياغة (القوانين الطبيعية)، فنجده يبدأ إحدى مقالاته بالقول: (هنالك مفاهيم شائعة عن ماهية العلم الطبيعي ووظيفته، عند عامة المثقفين، وأحياناً عند بعض العاملين في البحوث العلمية، مصدرها الكتب المدرسية والصحف العامة والمقالات السطحية عن العالم المثالي للعلماء الطبيعيين. ملخص هذه النظرية الشائعة أن العلم الطبيعي وقوانينه ونظرياته نتاج فريد لا يخضع للاختلاف بين البشر ولا يختصم حوله من أدركه ووقف عليه، إذ أن التجربة المعملية هي الفيصل في كل جدال حول مسألة علمية. والحق أن هذا يصحّ على جزء من العلم الطبيعي، ويصحّ على قائمة الملاحظات بعد إجراء التجارب على ظاهرة تجريبية معينة. ولكن قائمة الملاحظات ليست إلا البداية، وأما العمل العلمي الحقيقي فإنه ينتج عن تفاعل الفكر البشري مع هذه القوائم وعما يضفيه عقل الإنسان عليها من التسبـيـب والربط المنطقي المتماسك. هذا التنظير الإنساني ضروري وأساسي ويشكّل روح العمل العلمي. بسبب هذا فإن العلم الطبيعي، في المكان الأول، تجربة بشرية تخضع لما تخضع له التجارب البشرية كافة من اختلاف بين الناس وخصومة حول العمل....معناه وجدواه ومنتهاه).
بطبيعة الحال فإن محجوب، وهو القامة المتسامقة في مجال (العلوم الطبيعية)، لا يترك هذا القول على عواهنه، ولكنه ينبري ليثبته بالمثال تلو المثال عبر الجهود التراكمية لعلماء الطبيعة في استراتيجتهم التي تمكّن - في نهاية المطاف - من صياغة (القوانين الطبيعية)، والخلوص إلى (تعميم علمي مفيد).
في هذا الإطار يأخذنا محجوب معه في رحلة توضيحية تكشف عن (المراحل الإجرائية) في تطبيق (المنهج العلمي) فيقول: (لا شك أن المنهج التجريبي قد تطوّر كثيراً عبر القرون واستفاد ليس فقط من الوسائل التقنية المتاحة للتجريب المعملي في كل مرحلة، وإنما من التنظير وأساليب التفكير العلمي التي أثبتت جدواها في تنظيم الحقائق وربطها. وقد بلغ هذا التطوّر الحد الذي يمكّننا الآن من تحديد الكيفية العامة التي ينتهي بها البحث لصياغة قانون عام، على الأقل في المباحث التي بلغت درجة عالية من النضج والدقة مثل الفيزياء المعاصرة. تبدأ هذه الكيفية بتحديد الحالة العامة للنظام قيد الدراسة عن طريق تسجيل المتغيرات المقيسة التي تميز حالة النظام عن غيرها. ثم تُجرى التجارب لرصد القيم المختلفة لهذه المتغيرات مع تطوّر النظام، أي رصد مسار تحوّل النظام من حالة إلى أخرى. ثـم يُبحث في هذا المسار عن الخواص التي لا تتغير مع تطوّر النظام، اللامتغيرات أو الثوابت. هذه الثوابت تعطي (قوانين البقاء) للنظام. وبالتدقيق في (قوانين البقاء) لمجموعة متماثلة من النظم تُقدّم فرضية لقانون عام يقتضي
(قوانين البقاء) المُـشاهَدة. ثـم يُـختبر هذا القانون بمقارنة تـنبؤاته مع التجارب على أوسع نطاق ممكن، ويُنظر في إمكانية استنتاجه من نظريات أعمق وأشمل. هذه النظريات الشاملة تشكّل نماذج رياضية لمجموعات كبيرة من الظواهر الطبيعية تنتظم تحت تفاعلات أساسية واحدة).
تـُرى ما هو الأمر الذي يمهّد له محجوب عبر طرحه العميق لطبيعة (المنهج العلمي) ومراحله الإجرائية التي تتفاعل فيها المتغيرات المقيسة، والحقائق الثابتة، والمعالجات الرياضية، والتصوّرات البشرية في بوتقة تضجّ حيوية، وتشعّ نشاطا؟.
الصادق
06-10-2009, 02:20 AM
على مدى حوالي ربع قرن زاملت الفيزيائي الفذ والمفكر المرموق البروفسور محجوب عبيد طه وصادقته وأحببته وتعلّمت منه الكثير على الأصعدة العلمية والفكرية والإنسانية، وكان – رحمه الله – يعطي بهدوء والتزام منقطعي النظير، فكانت إسهاماته المميزة على ساحة (جامعة الملك سعود) مصدر إلهام وتقدير، وكانت جهوده العلمية بين طلابه وزملائه ومريديه قدوة مرموقة ومصدر اعتزاز لدى الجميع، وكانت مشاركاته المتعددة على الساحة الفكرية علامة بارزة من علامات النبوغ والأصالة والتميز.
وعندما لقي محجوب ربه في عام 1421 هـ، جاء غيابه في وقت ترتفع فيه أنات الشكوى من الشح الفادح الذي تعاني منه الأمة العربية والإسلامية فيما يتعلّق بالعقول المتميزة في (العلوم الحديثة) القادرة على الإضافة الجادة، والاستيعاب العميق، والمعالجة الأصيلة، والتفكير المنضبط.
أمـا صفاته الإنسانية فقد كانت تطلّ بشموخ عبر تعاملاته اليومية وعلاقاته عـلى مختلف المستويات، فكانت - بتلقائيتها وعفويتها وتواضعها دون تكلّف أو تصنّع - معلماً بارزاً من شخصية الرجل الذي كان يتسلّل - في محبة ودعة - إلى قلوب كل من يتعامل معهم بغضّ النظر عن خلفياتهم أو أعمارهم أو اهتماماتهم.
حدّثني أخي الكريم الدكتور عبد الله الغذامي، ونحن ننتظر صلاة العصر في مسجد عتيقة بالرياض لنؤدّي بعدها صلاة الجنازة على فقيدنا محجوب – رحمه الله -، فقال: (لم أكن أعرف الرجل تلك المعرفة الوطيدة فمعرفتي به تنحصر في لقاءات عابرة في مسجد سكن الجامعة، ولكنه كان دائماً يترك في النفس قدراً كبيرا من المحبة والتقدير، ولما جاء خبر وفاته إلينا بعد صلاة الظهر في المسجد طفرت الدموع من الأعين، وأجهش البعض بالبكاء، وشعرنا بأننا فقدنا شخصاً عزيزاً علينا جميعاً).
أمـا حجم الفقد، على الأصعدة الفكرية والعلمية والإنسانية، الذي شعر به زملاؤه ومريدوه والمتطلّعون إلى محاضراته وندواته، فإنه ما زال منتصباً ينبض بذكرى غالية وأسىً مقيم، بل لعله يزداد مع الأيام لعدم وجود من يملأ ذلك الفراغ.
أمـا عن طلابه...فحدّث ولا حرج، فإنهم - دون شك - سيذكرون بكل الإعزاز والإجلال انكبابه المميز على مسؤولياته التعليمية، وحرصه على التفاعل الصحيح مع قدراتهم، وبقائه متواصلاً معهم...ومستقبلاً لهم حتى في أقسى اللحظات إبان صراعه مع المرض العضال في سنواته الأخيرة.
وأمـا طلاب الثانوية الذين كانوا يقطنون في سكن الجامعة، فإنهم سيذكرون بكل الحب ذلك الرجل الذي كان يلقاهم مبتسماً ومرحباً ليجيب على استفساراتهم في (الفيزياء)، ومعضلاتهم في (الرياضيات)، ولا شك أن أسلوبه البسيط وطريقته العفوية في تعامله معهم لم تكن لتوحي لهم - على الإطلاق - أنهم يقفون أمام قامة متسامقة في عالم (الفيزياء والرياضيات).
وهكذا كان محجوب (الإنسان) يشعّ المحبة والتقدير في كلّ اتجاه، وكان عبق شخصيته يتجاوز التخصّصات والأعمار والمستويات الذهنية، ولذا فإنه ليس بالإمكان فصل ملامح محجوب (الإنسانية) عن (فكره) و(علمه)، لأن (فكره) تأسّس على (علمه)، واستند الاثنان على عقيدة راسخة، وإيمان عميق، وخلق رفيع.
لقد تطرّقنا إلى اهتمام محجوب بتحديد الأبعاد الحقيقية للمنهج الذي قلب حياة
البشر، وهو (المنهج العلمي – التجريبي)، وبالرغم مما هو شائع عن صرامة (المنهج العلمي) وانضباطه إلا أن من أبرز اهتمامات محجوب الفكرية حرصه على محاكمة (المنهج العلمي) من الداخل، والغوص في بواطنه الفلسفيه، ومستعصياته الإجرائية، ودلالاته الفكرية، وهو بذلك يؤسّس لرؤية منهجية عادلة لا يجنح بها تحيز أو حماس إلى خارج حدودها المنضبطة، ولا يعيقها جهل أو ركود فيقعدان بها عن تحقيق أغراضها وتسامق بنيانها.
عند تأمل بعض أعمال محجوب الفكرية فإنه قد يبدو غريباً – لأول وهلة – ربط مصطلح (العقيدة) بمفاهيم منبثقة عن (المنهج العلمي) ومواصفاته الدقيقة، ولكن الرجل يأخذنا معه في رحلة خصبة عبر التأسيس لذلك الربط لكي يخلص بالتزام وانضباط إلى نتائج حاسمة في النظرة إلى (الكون)، والتعامل مع (الفكر الإنساني).
يقول محجوب في إحدى مقالاته: (العقيدة هي الاعتقاد بصحة مفاهيم مترابطة داخل إطار شامل، وعلى غير ما يظن الكثيرون، فإن العقيدة بهذا المعنى من أساسيات الفكر والحياة، ومما يدخل في ذلك تصوّر الإنسان للخطأ والصواب في أنماط السلوك وتصنيفه للرذيلة والفضيلة، واتخاذ أهداف معنوية معينة للحياة الفردية مثل السعي لتحسين مستوى المعيشة، وتنظيم المجتمع، والاعتقاد بوجوب محاربة (الظلم)، والتضحية من أجل تحقيق (العدالة)، مع تحديد معين لمعنى (الظلم) ومعنى (العدالة).كلّ هذه عقائد، في أطر فكرية وسلوكية، وهي مما يختلف حوله الناس ويذهبون فيه المذاهب، ولم تحسمه تجربة الإنسان على الأرض عبر القرون، وهذه العقائد لا تستقيم بدونها حياة الأفراد ولا حياة الأمم والجماعات، وهي مبادئ تبيّـن ثوابت الالتزام وتفسّر المواقف).
من ذلك التأسيس العام لمفهوم (العقيدة) يوضّح محجوب أن: (العقيدة أساس الدين وأساس العلم التجريبي)، وينطلق ليقول: (الأمر واضح فيما يخصّ الدين، إذْ الأساس فيه الإيمان بوجود الله وبحكمته ووحدانيته، وبأنه خلق الكون والحياة والإنسان، وأوحى للرسل الرسالات السماوية لهداية الناس لعبادته واتباع شرعه. أما أساس العلم التجريبي فهو الاعتقاد بالتناسق المنطقي لسلوك الموجودات، والاعتقاد بوجود قوانين وسنن محدّدة تضبط هذا السلوك، ثم الاعتقاد بصحة أية نظرية علمية معينة تُعطي تفسيراً موحّداً لعدد من الظواهر الطبيعية المُـشاهَدة. كـلّ هذه عقائد،
وكلّها أساسية للعلم الطبيعي ولا غنى عنها، على خلاف ما يظن الكثيرون).
ولكي تبدو الصورة أكثر جلاءً يورد لنا محجوب أمثلة على دور (العقائد) في (العلم الطبيعي) التي يأخذ بها البعض ويتركها آخرون على أساس (القناعة الفردية)، فيقول: (خذ مثلاً النظريات في مجال الجاذبية، النظرية النيوتونية اختفت الآن من الساحة لوجود برهان على عدم صحتها في المجموعة الشمسية، ويبقى لدينا عدد من النظريات المتنافسة، منها النسبية العامة التقليدية، والنسبية العامة المطوّرة بإضافة حقول كلاسيكية، ونظرية الخيوط الفوقية التي تشمل كل الحقول الطبيعية. كل هذه النظريات على الساحة، ولا يوجد برهان تجريبي على اختلافها مع التجربة، والأمر في الأخذ بأي منها متروك للقناعة الفردية التي كثيراً ما تقوم على قناعات وفلسفات سابقة هي جزء من عقيدة الباحث الشخصية).
تـُرى أي بحر لـجّي يريد أن يقذف بنا فيه محجوب وهو يقارب بين مفهوم (العقيدة) و(القناعات الفردية)، وبين طروحات (المنهج العلمي) وحياده المشهور؟. أم هل هو يا ترى بتلك المقاربة والتشابك يقودنا إلى مرفأ الأمان، وبر الاطمئنان؟.
ذلك ما علينا اكتشافه في تتبعنا لهذا المنحى الفكري الذي أخذ به محجوب – رحمه الله -.
الصادق
06-10-2009, 02:23 AM
(الفكر) يصبح أكثر تأثيراً وأشدّ فاعلية عندما يلتصق بشخصية ثرية علمياً...وقادرة خلقياً على ترك بصمات في وجدان المخاطَبين، ونفسيات المتلقّين. وكذلك كان الفيزيائي الفذ والمفكر المرموق البروفسور محجوب عبيد طه، فقد كان من الصعب على من عرفه وتعامل معه أن يفصل بين محجوب (الإنسان)، ومحجوب (المفكر)، ومحجوب (العالم).
لقد كانت تلك المحاور الثلاثة تتمركز بحيوية حول شخصية ذلك الرجل النحيل
الذي يأسرك - بادئ ذي بدء - بخلق رفيع ينطلق من الذات دون تكلّف، ويجذبك بتواضع أصيل لا تصنّع فيه، ثم إذا عرّجت معه على ساحات (الفكر العلمي) وفلسفته وتفاعلاته وجدت قمة شامخة تأبى إلا أن تساعدك بكل طريقة للصعود إلى بعض مشارفها.
أما إذا دفعك الفضول لمتابعة شخصية هذا الرجل فسألت أهل الاختصاص -شرقاً أو غرباً - عن إسهاماته العلمية في مجال (الفيزياء النظرية) و(فيزياء الكون)، لجاءك الخبر اليقين عن قدرة ذهنية فذة في مجال (الرياضيات) التحمت مع فهم عميق لقضايا (الفيزياء)، وعطاء متدفق في ربوعها.
من منطلقات محجوب الفكرية حرصه البالغ على إبراز (إنسانية) المنهج العلمي الذي طبّقت شهرته الآفاق، وأصبحت آثاره تمتد إلى كل ركن من أركان المعمورة، وتؤثر على كل منحى من مناحي الحياة. ذلك التفوق الباهر قاد إلى تصوّر يجعل معطيات (المنهج العلمي) مسلّمات خارجة عن نطاق تصورات الباحث وقناعاته وتحيزاته.
ولكن محجوب يحرص على تفكيك أسس التحليل في (المنهج العلمي) وضبط أدواته للفصل بين (الحقائق والثوابت) في المنهج العلمي، وبـين (العقيدة) التي يحملها الباحث، ويفرض عبرها قناعاته الفردية على نتائج ومعطيات ذلك المنهج.
لا شك عندي في أن شخصية محجوب المعجونة في التواضع العفوي، والغارقة في الزهد التلقائي، كان لها الأثر الأكبر على (فكره) فانطلق، بعد التمكّن من معطيات ذلك المنهج والتفوّق في أدواته، إلى تشخيصه وتمحيصه ومحاكمته من الداخل لينزل به من تلك المرتبة العليا التي بلغت (درجة التقديس) عند كثير من العلماء الطبيعيين، وانتشرت كالنار في الهشيم في (الثقافة الإنسانية المعاصرة).
لم يكن ذلك (الموقف الانبهاري) ليتفق مع طبيعة محجوب وتصوّره العقدي وفهمه لخصائص الكون وطبائع البشر، ولذا فإنه اهتم بإبراز عورات (المنهج) و(إنسانيته)، ولذا كنت أقول له إنك أيضاً باتخاذ هذا المنحى تعكس في الواقع تركيبتك الشخصية وقناعاتك الفردية، وبالرغم من بعض التحفظات التي كنت أخوض معه فيها إلا أننا - في نهاية المطاف - ينبغي أن ندرك قوة المنطق وعمق الحجة في تحليل محجوب وتشريحه للمنهج العلمي – التجريبي.
فـي تبريره وتفسيره لذلك الحرص على الفصل بين (الحقائق) و(العقائد) في (المنهج العلمي)، يقول محجوب – رحمه الله -: (ما يدفعني إلى الاهتمام بهذا الموضوع هو ملاحظتي أن كثيراً من المثقفين والعلميين يعتقدون بوجود اختلاف جوهري، أي اختلاف نوع لا اختلاف درجة، بين ماهية البرهان في العلم الطبيعي من ناحية، وفي كافة اهتمامات الناس الاجتماعية والسياسية والعقائدية من ناحية أخرى. هذا ليس صحيحاً، ولنأخذ الدوريات العلمية والصحف السيارة. المجتمع العلمي يُلزم العاملين فيه بتقاليد صارمة للنشر، منها إخضاع العمل للتقويم والتحكيم قبل نشره، ولذلك فإن ما يُنشر يمثل في الغالب مجهوداً عُـبّر عن محتواه ودلالته وأهميته تعبيراً أميناً، بُني على التدقيق والتمحيص والنظر في الأعمال السابقة ذات الصلة بموضوعه. وبسبب أن المجتمع الصحفي لم ينجح في إلزام العاملين فيه بمثل هذه الضوابط، نجد أن كثيراً مما تنشره الصحف السيارة يفتقر إلى الدقة والأمانة والإنصاف، ولا يعدو أن يكون تعبيراً عن وجهة نظر فردية قد لا تخلو من الغرض والظن).
بعد إقرار تلك الفروق بين (النشر العلمي) و(النشر الصحفي) التي تبدو وكأنها مدخل إلى إبراز (تمييز نوعي) بين مجالين مختلفين، فإن محجوب يفاجئنا ليقول: (غير أن هذا الاختلاف بين ضوابط النشر في الدوريات المحكمة وفي الصحف السيارة لا يشكّل اختلافاً في ماهية البرهان في المجالين. البرهان المطلوب في الحالين هو ما تحصل به القناعة. وكثير من علماء الاجتماع يبنون تحليلاتهم على معلومات دقيقة وتقارير مفصّلة، حُـصّلت بعد عمل مضن، ويتوصّلون إلى أراء وملاحظات محايدة وأمينة ينشرونها في دوريات محكمة. مثل هذه الأعمال طابعها الجدية والحرص والتأني، ولا يكاد بفصلها عن بحوث العلوم الطبيعية إلا اختلاف الموضوع إذ لا يتاح في علم الاجتماع ما يتاح في العلم التجريبي من تجزئة النظام، وفصل المتغيرات، وتكرار التجريب، وإزالة آثار البيئة وضوضائها).
وهكذا يضع محجوب إصبعه على الفارق الرئيس بين ماهية (البرهان) في (العلم
الطبيعي) وماهيته في (العلوم الإنسانية)، ويقول: (بسبب هذا الاختلاف في طبيعة الموضوع لم تتمكّن العلوم الإنسانية، مثل علم الاجتماع وعلم السياسة، من تحقيق التطوّر المذهل الذي تحقق في العلوم التجريبية، وظلّ تأثيرها على ما يليها من حياة الناس ضعيفاً).
وقد نتفق أو لا نتفق مع محجوب في كون هذا الاختلاف (اختلاف نوع) أو (اختلاف درجة) إلا أن محجوب يواصل طرحه، ويفنّد مرئياته قاصداً بذلك: (تبيان أن ادّعاء البعض بوجود اختلاف جوهري في ماهية البرهان بين العلم وسواه، من كافة اهتمامات الناس في حياتهم وعقائدهم، ادّعاء باطل لا يقوم عليه دليل).
إزاء النقلات الكبرى والانقلابات الجذرية التي أحدثها (المنهج العلمي) في حياة البشر، فإن (الانبهار) بالمنهج العلمي أصبح معلماً بارزاً من معالم (الفكر المعاصر)، وهنا يتدخّل محجوب ليؤكّد - مراراً وتكراراً - أن ذلك (الانبهار) يجب أن يخضع للتحليل والمراجعة والتشخيص، وليُـبرز (إنسانية) العمل العلمي وخضوعه لمقاييس البشر وقصورهم، فـيقول: (إنـنا يجب أن ندرك هذه السمة المهمة في الكتابة العلمية: إنها تعكس عقائد فلسفية خفية للباحثين والمؤلفين لا تقتضيها بالضرورة النتائج التجريبية التي يكتبون عنها. مـتى ما أدركنا هذا سهل علينا أن نتابع ما يُكتب وما يُقال بحذر وتدقيق. ومع الزمن يمكن أن يكتسب المرء خبرة كافية تمكّنه من استيعاب المادة العلمية البحتة فيما يقرأه، وأن يتعرّف على فلسفة الكاتب وعقيدته في آن واحد، ومن خلال النص ذاته، دونما أي خلل).
تـُرى ما الذي يشغل بال محجوب، ويحتلّ عقله ووجدانه ليجعله يضفي على هذا الطرح مساحة واسعة من التحليل والتفنيد والحجج؟. هل هو خوفه من أن يقوم البعض بدسّ السم في العسل؟.
الصادق
06-10-2009, 02:25 AM
أكـثر من مرة سألت محجوب عبيد طه – رحمه الله- عن السبب الذي جعله
يعزف عن تأليف الكتب يجمع بين دفتيها طروحاته العميقة، ومقالاته الثرية، وسجالاته المنضبطة، ليتلقّفها المهتمون بالفكر المعاصر ودلالاته، والعلاقات المتشابكة بينه وبين فكر الأمة الإسلامية وعقيدتها، ولتسهم تلك المؤلّفات في انتشال مستوى الفكر والثقافة مما هيمن عليه من حالات هزيلة متردّية تجترّ نفسها، وتغوص في استنساخ الذات فلا تقدّم جديداً، ولا تحلّ إشكالاً، ولا تطوّر واقعاً.
وفي كلّ مرة كان يتفادى - بأدب جم - الإجابة على سؤالي الملح حتى إذا ما فاض الكيل انصرف وهو يضرب بيده على كتفي مازحاً بطريقته المميزة وهو يقول: (يـازول!).
كنت أعلم في قرارة نفسي أن أعداء محجوب هم تواضعه المفرط، وزهده الصادق في الشهرة، ومقته الغريزي للأضواء، فكان يتحاشى أيّ مسلك قد يقود إلى تلك الأجواء، وكان يعطي عطاءً متدفقاً في عالم التدريس والبحث والفكر ضمن الضوابط التي وضعها لنفسه، ووفق المعايير التي اختارها لحياته، ليكون كل ذلك خالصاً لوجه الله لا يهدّده شبح رياء، أو يتسلّل إليها طيف شهرة.
ذلك هو محجوب (الإنسان)...أمـا عطاؤه الفكري الأصيل فهو في حاجة إلى من يجمعه وينقحه ويراجعه وينشره ليكون إضافة متميزة على ساحة (الفكر العربي) التي تشحّ فيها – بشكل مدقع - الطروحات العلمية المتميزة، واللمحات النابهة المرتبطة بمعطيات العصر ومتغيراته، وهذا ما حاولت القيام ببعضه مجموعة صغيرة من محبي محجوب، من بين أعضائها صاحب هذه السطور، ولعله من المؤسف أن جهد هذه المجموعة وإمكاناتها لم تسمح لها حتى الآن بتحقيق ما تصبو إليه.
لقد وجدنا في المقالات السابقة أن أحد المسارات الفكرية التي اهتم بها محجوب هـو بلورة الأسـس التي يستند إليها (المنهج العلمي-التجريبي) الذي يميّـز العلوم الطبيعية، وحرصه على توكيد (الجانب الذاتي) للمنهج حيث تتجلّى قناعات الباحث الشخصية، ومنطلقاته الفلسفية والعقدية ضمن (الصورة الموضوعية) التي يتباهى بها (المنهج العلمي).
لم يكن ذلك الاهتمام يكمن فقط في الجانب الفلسفي والفكري للقضية، وهو
جانب مهم، ولكنه أيضاً كان يتأسّس على فهم عميق لطبيعة الاشتباك الحاصل بين (المنهج العلمي) و(العقائد الكونية) و(الممارسات الحياتية)، وكيفية إنزال ذلك الاشتباك، وتشخيص طبيعته، وتمحيص آثاره على التفاعلات الفكرية والعقدية والحياتية للأمة الإسلامية.
لقد كان محجوب – رحمه الله -، من واقع اهتمامه بخصائص وطبيعة هذا المنهج وطريقة صياغة (القوانين الطبيعية)، يتصدّى إلى قضيتين جوهريتين: الأولى: تحديد حقيقة الأثر الذي يحدثه الباحث عبر قناعاته الشخصية، وعقيدته الخاصة، ورؤاه الذاتية، في تناوله للقضايا العلمية التي يعتقد غالبية الناس بأنها تسنّمت قمة (الموضوعية التجريبية) و(المنطق الرياضي)، ولا مكان فيها لتحيزات المتحيزين وتخرّصاتهم.
أمـا القضية الثانية التي حاصرها محجوب وعالجها بعنفوان فهي إبراز (الحيل العلمية) التي يتحايل بها بعض العلماء في الغرب من أصحاب التوجّهات الإلحادية لتكريس عقائدهم الخاصة، وجعْلها تبدو وكأنها جزء لا يتجزأ من (العلم الطبيعي)، ومن أمثال هؤلاء الفيزيائي البريطاني الشهير (ستيفن هوكنج)، والفيزيائي الأسترالي (بول دافيز) وغيرهما.
عند إنزال القضيتين على الواقع الإسلامي، فإنهما يلتقيان - في رأيي- عند مصطلح (أسلمة العلوم الطبيعية)، وهذا مصطلح له مؤيدوه وله معارضوه، وقد لا نستغرب وجود معارضين في ضوء (الانبهار) السائد والقول الشائع عن (حيادية) و(موضوعية) العلوم الطبيعية، إلا أنه قد يصبح من الصعب علينا فهم وجود من يعارض (أسـلمة المـعرفة) في جوانبها الإنسانية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية بشكلٍ عام.
أقول...تلتقي القضيتان – في رأيي – أمام مصطلح (الأسلمة) لأنني في الواقع، طوال حواراتي الطويلة مع محجوب وقراءتي واستماعي لطروحاته، لم أجده يستخدم مصطلح (الأسلمة)، إلا أننا نجد،عند تحليل فكره واهتماماته العقدية والفلسفية، أنه كان يدفع بشكل حثيث في ذلك الاتجاه عبر تحليل دقيق، وتشخيص منهجي.
كـأني بمحجوب كعادته يربـأ بنفسه عن الدخول في صـراعات كلامية
ومهاترات لا طائل فكري من ورائها، فهو يهتم فقط بالغوص في الجوهر، وإجلاء الحقيقة، وإعمال العقل الناضج في قضايا الفكر العميقة، وكأنه يقول...استنتجوا بعد ذلك ما شئتم من مفردات، وسكّوا ما شئتم من مصطلحات.
يحتجّ بعضهم في معارضته لمبدأ (أسلمة العلوم الطبيعية) بأنّ (العلم محايد ولا وطن له)، ومحجوب لا يتطرّق إلى هذه المقولة الشائعة، ولكنه يغوص في أعماق (الفكر العلمي)، ويقرّر حقائقه، فيقول: (إن الباحث لا يُـقبل على عمله خالياً من الأحاسيس والمحتوى الفكري، وإنما يقبل عليه بطموح وتصوّر وتوقّع في إطار فلسفة عقدية أصبحت من خصائص كيانه وشخصيته).
ولكن ما قولك يا محجوب في حياد وموضوعية (المنهج العلمي)؟، ويأتي الرد سريعاً ليقول: (الحق أن الموضوعية المهنية المطلوبة في البحث العلمي هي موضوعية رصد الحقائق والمشاهدات كما وردت، وليس هناك إلزام مهني بـحصر التأملات والاستنتاجات والعبارات بحيث لا تتعدّى هيكل الحقائق المجردة. ولقد ذكرنا أن مثل هذا الالتزام لا يفيد العلم شيئاً. غير أن الأمر قد يُـبالغ فيه من الطرف الآخر فتُـقدّم نظرة فلسفية مثيرة في إطار لا يحوي علماً مفيداً. في مثل هذه الحالات يستغلّ العالم رصيد سمعته العلمية ليبلّغ رسالة لا تتصل بعلمه وتخصّصه وإن سربلها بسرابيل علمه وتخصصه).
ويطلق محجوب تحذيراً هاماً لكل من يتعامل مع (العلم الطبيعي)، أو يقفز على نتائجه العملية إلى أبعاد فلسفية أو عقدية أو فكرية، فـيقول: (وأخـتم بالتركيز على النقطة الأساسية في هذه المقالة، وهي التأكيد بأن المجهود المبذول نحو تحصيل العلوم الطبيعية، منذ التخطيط الأوّلـي لإجراء التجارب المعملية حتى صياغة القوانين العامة والنظريات الأساسية هو مجهود بشري عليه سمات العاملين عليه، وبصفة خاصة يعكس بوضوح مواقف عقدية وإضافات فكرية وظلالاً فلسفية ليست ضرورية لاستيعابه ورعايته وتطويره. ومن المهم أن يؤخذ هذا في الاعتبار عند الاطلاع على الكتابات العلمية، وعند تدريب الناشئة في مجالات العلوم الطبيعية كافة).
إذا لم تكن تلك دعوة واضحة إلى الاهتمام بأسلمة العلوم الطبيعية، فإنها - على
أقل تقدير - دعوة إلى التصدّي إلى ما يحاول البعض إسباغه على (العلوم الطبيعية) من قناعاتهم الفردية، ومنطلقاتهم العقدية.
الصادق
06-10-2009, 02:27 AM
عندما قام أستاذنا الفاضل الدكتور راشد المبارك بتكريم ذكرى محجوب مرتين في أحديته المتألقة في دارته العامرة بالرياض، فإنه كان – جزاه الله خيراً - يسجّل لحظات شموخ واعتزاز، ويضع بصمات وفاء وتقدير لرجل اجتمعت فيه صفات مميزة فهو محجوب (الإنسان)، و(المفكر)، و(العالم).
ولذا استمتع الحضور في الندوتين، من يعرف محجوب منهم ومن لا يعرفه، برحلة ثرية تمحورت حول أبعاد هذا الرجل المتسامقة التي كان كثير منها خافياً، وحتى أولئك الذين أحبوه وزاملوه سنوات طويلة، ومنهم صاحب هذه السطور، اكتشفوا جوانب في شخصية الرجل لم يكن لهم بها علم، فقد كان رحمه الله زاهداً في الأضواء والشهرة واستعراض الذات، ومعنياً فقط بما يقدّمه - في هدوء وتمكّن - على الأصعدة الفكرية والإنسانية والعلمية.
لقد عمل الفيزيائي الفذ والمفكر المرموق البروفسور محجوب عبيد طه في جامعة الملك سعود لما يربو على العشرين عاماً، ولم يتوقف فيها عطاؤه قط حتى في سنواته الأخيرة إبان صراعه مع المرض، فهو قد أحب هذا البلد، وأحب أهل هذا البلد، ولذا لم تغره عروض من أصقاع شتى يسيل لها لعاب الكثيرين، وآثر أن يبقى حيث اختار بقناعة كاملة، مكرّساً حياته للعلم الفيزيائي، والفكر المتألّق، والقدوة الصالحة.
قلنا فيما سبق إن محجوب حرص على إبراز (إنسانية) العلم الطبيعي، وتأثره بقناعات الباحث وعقيدته فيما يضفي عليه من ترجمات لمعطياته، وتأويل لقوانينه بحيث يحسب الناس أن تلك التصورات امتداد حقيقي لموضوعية (العلم الطبيعي) ومنهجه الحيادي.
مثل تلك التأويلات يمكن أن تصبّ في عدّة اتجاهات، وتحمل عدداً كبيراً من
الدلالات، ولذا حرص محجوب - بشكل عام - على التحذير منها، والاهتمام بفحصها فحصاً منضبطاً ومـنطقياً لـيصبح ذلك – فـي نظره – أحـد الأوجـه الضرورية للتعامل الفلسفي والمعالجة الفكرية لنتائج (العلم الطبيعي) ومعطياته.
أمـا القضية الثانية التي اهتم بها محجوب، فهي قضية التصدي للمحاولات المتكررة من قبل بعض العلماء الطبيعيين في الغرب لإضفاء الصبغة الإلحادية على (العلم الطبيعي) في تفسير وجود الكون، وتعليل غاياته.
ذلك الرجل النحيل، الذي كان يقطر أدباً وحياءً وتواضعاً، كان يتحوّل إلى عملاق فكري شامخ وهو يتصدّى لملاحدة هذا الزمن من علماء الطبيعة الذين سبقتهم شهرتهم العلمية ليدسّوا (السم في العسل)، وليغلّفوا رؤاهم الإلحادية بغلاف (العلم الطبيعي)، وهو من ذلك براء.
يقول محجوب – رحمه الله -: ( وبتطوّر مفاهيم العلم الطبيعي ونظرياته، وبعد النجاح الباهر لتطبيقاته التقنية، تغيرت ملامح الحياة الاجتماعية، وتعقّدت العلاقات بين الأجيال، فظهرت الثورات على (المسلّمات)، ومنها المسلّمات في العادات والأخلاق والدين، وجاءت فترة أصبح فيها الإلحاد عند الشباب (تقليعة)...لا ترتكز على علم أو فلسفة أو تأمل. وبمرور الأيام غزا بعض هؤلاء عالم الفكر والعلم الطبيعي، ومنهم من برع فيه واشتهر، ففكّر وقدّر وصوّر للناس أن العلم الطبيعي صنو الإلحاد وداعيته، وأن التمسّك بالعقيدة الإلهية من سمات الجاهلية الذين لا يواكبون تطورات العلم الحديث وفتوحاته).
ويواصل محجوب طرحه فيقول: (نجد اليوم عدداً من ملاحدة علماء الطبيعة قدّموا تصورات لنشأة الكون، وظهور المادة والحياة، يُستفاد منها ظنّهم أن فرضية وجود الله لا تخدم غرضاً مفيداً للإنسان المعاصر، وأن الفكر المبني على العلم الطبيعي ونظرياته يمكن أن يحلّ محلّ الدين في النظر لبدايات الوجود ونهاياته، وفي مقاصد سننه وقوانينه. هؤلاء فئة آمنت بالعلم الطبيعي وبمقدرات الفكر الإنساني، فخرجت به عن نطاقه المحدود، لتهتدي به في المرامي البعيدة بعد أن أعمته بالظن والهوى، فأضلها الله على علم).
ينخرط محجوب في دقة علمية ليفنّد مقولات الملاحدة فيقول: (كلّ من قرأت لهم من العلماء الملحدين دون استثناء يعتقدون أن أساس الإيمان بالله حاجة الناس لتفسير ظواهر لا تفسير لها، ظواهر (أراد) الله حدوثها ولا نعلم لها سبباً سوى ذلك. معنى ذلك أن الأشياء التي تحدث حدوثاً طبيعياً (أي لها ارتباط سبـبي معلوم) لا تتطلّب وجود الله في ظنهم، ويدّعون أننا نقول بأن الله خلق الحياة إذا كنا نجهل تفسيراً علمياً لأصل الحياة، ولكن إذا صحّت لدينا نظرية علمية في أصل الحياة وقبلناها، فقد انتفت الحاجة للقول بأن الله خلق الحياة، وعلى المؤمنين البحث عن ظاهرة أخرى يعلّقون عليها علّة لإيمانهم. مثل هذا الظن السقيم لا يخلو منه كتاب مما وقع في يدي من الكتب المعاصرة عن الفكر المترتّب على العلم الطبيعي وصلته بالعقيدة الدينية (هوكنج، واينبيرج، ديفيز، ديكنز وغيرهم). وهذا أمر غريب لأن العقيدة الإيمانية واضحة وميسورة، وليس من عذر عند هؤلاء المفكرين لخطأهم أو جهلهم بها).
ويوضح محجوب أبعاد تلك (العقيدة الإيمانية) فيقول: ( جوهر العقيدة الإيمانية أن للوجود خالقاً، خلق الزمان والمكان والموجودات، وخلق القوانين التي تتفاعل بها هذه الموجودات، وتتطوّر في الزمان والمكان. كلّ ما يحدث يحدث وفق سننه، ويحقق مقتضى إرادته وتقديره. وما نراه ونحسّه من الموجودات أنما هو الشيء اليسير الذي هيّـأ الخالق لنا إمكانية الوقوف عليه، وفيه دليل على عظمة الخلق والخالق، وعلى بديع صنعه وتقديره فيما لا يمكن أن نحيط به من كلّ صغيرة وكبيرة في هذا الكون الشاسع).
يواصل محجوب تفنيده لحجج الملاحدة فيقول: (الذي يبني على الظن السقيم بأن الظواهر التي تحدث بسبب معلوم لا تتطلّب الاعتقاد بوجود الله يحسب أن الدين هو الإيمان بالخوارق، والواقع أن الدين عكس ذلك تماماً، فالمؤمن يعتقد أن كلّ ما يحدث يحدث بسبب طبيعي، أي وفق سنن الله وتقديره. وكما أن معرفة السبب في الظاهرة البسيطة لا تنفي مشيئة الله وتقديره، فإن مـعرفة السبب في الظاهرة المعقّدة لا تنفيها. لدينا نظرية واضحة في كيفية هطول المطر وهي لم تمنعنا من الاعتقاد بأن الله أنـزله، فلـماذا تمنعنا نـظرية (غير واضحة) في كيفية بدء الحياة من الاعتقاد بأن الله
أنشأها؟).
وهنا يُـبرز محجوب دور (العلم الطبيعي) وحدوده فيقول: (إن معرفة الكيفية التي تحدث بها الظواهر هي كلّ ما نستطيع أن نحصّله من العلم الطبيعي، وهذا ما أمرنا الله به حتى في حالة بداية الخليقة: (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق، ثم الله ينشئ النشأة الآخرة، إن الله على كل شيء قدير) (العنكبوت: 20). إن معرفة الكيفية هي اكتشاف القانون الطبيعي الذي بموجبه حدث الحدث، أو نشأت الظاهرة، أي التعرّف على سنة الله فيما يتعلّق بهذه الظاهرة، وهذه هي مهمة العلم الطبيعي الأساسي).
الصادق
06-10-2009, 02:31 AM
في ذلك اليوم الحزين من صيف عام 1421هـ، الذي وارينا فيه محجوب الثرى، رحت أتجوّل بنظري بين الحشد الذي اجتمع للوداع الأخير في مقبرة النسيم في الرياض، وكما عاش الرجل في هدوء ورقة يتحاشى الأضواء والشهرة، فإنه رحل في هدوء وسكينة ليترك وراءه ينبوعاً من العطاء، وكنزاً من الحب، وثروة من التقدير.
تذكرّت ساعتها مقولة برنارد شو: (العربة الفارغة أكثر جلبة من العربة الممتلئة، وكذلك أدمغة الناس)، ففي زمن يبحث فيه كل من هبّ ودبّ عن الأضواء والشهرة، ويفعلون الأعاجيب والألاعيب ليكونوا (في الصورة)، كان محجوب، بعطائه الأصيل وفكره المتوقد، ينأى بنفسه عن أي مسلك قد يقوده إلى تلك الأضواء، أو يلقي عليه شيئاً من الهالة.
لقد أوجز لي أخي الكريم الدكتور عادل حسيب، وهو الذي درس على محجوب في جامعة الخرطوم ثم زامله قرابة العشرين عاماً في جامعة الملك سعود، أقول...أوجز لي موقف محجوب من الحياة والناس في جملة موفّقة عندما قال: (لقد كان محجوب يريد فقط أن يكون واحداً من الناس له مشاركاته ضمن مشاركات الجميع فلا يميزه عن غيره من الناس شيء، ويرفض بشدّة أن تكون له صورة خاصّة تضع له
قدراً من الأفضلية على غيره من الناس).
كان محجوب أحد الأفذاذ القلائل في العالم العربي القادرين على المزاوجة بين طوفان (الحركة العلمية) المعاصرة وفكرها ودلالاتها، وبين التراث الإسلامي في أصوله الصحيحة، ومناهله النقية، واجتهاداته الأصيلة، لتبرز رؤية (إيمانية – علمية) راقية تتصدّى بعنفوان لتخرّصات الملاحدة، وطغيان المادية، وحذلقة أنصاف العلماء.
لقد رأينا في الأسابيع الماضية كيف كان محجوب يحاكم (المنهج العلمي – التجريبي) من الداخل، ويتصدّى لطروحات منمّقة يطرحها روّاد فـي (العلم الطبيعي) وهم يستغلّون شهرتهم العالمية، وإنجازاتهم العلمية، لإضفاء قناعاتهم الذاتية على (العلم الطبيعي)، ومن ذلك إبراز (الفكر الإلحادي) وكأنه نتيجة تلقائية لمعطيات (الفيزياء) ومبادئها، ومن أمثلة أولئك الفيزيائي البريطاني المشهور (ستيفن هوكنج).
لم يكن محجوب، وهو يقارعهم بالدليل والحجة، غريباً على (المنهج العلمي)، ولم يكن طارئاً على (العلوم الطبيعية)، ولكنه كان ابن بجدتها، وله إسهاماته المميزة في مجال من أكثر مجالاتها صعوبة...وأشدّها تعقيداً، ولذا فإنه كان يتحدّث بطلاقة المتمكّن، واستئناس العارف ببواطن الأمور.
لقد كان – رحمه الله – يتعقّب حججهم واحدة واحدة، وهم يحاولون تأسيسها على مبادئ (الفيزياء) وقوانينها، وكان يدحض افتراءاتهم دحض مفكّر عالم يدرك خفايا اللعبة التي يريدون أن يلعبوها، ويمسك بزمام الآليات التي يريدون أن يستغلّوها.
ولعلّه من المناسب هنا أن أتوقف أمام رؤوس أقلام دفع بها إليّ محجوب بخطّ يده الأنيق لمحاضرة ألقاها في عام 1419 هـ في (كلية العلوم) بجامعة الملك سعود، وهي بعنوان (العلم والدين).
يبدأ محجوب محاضرته بطرح السؤال: (ما هو العلم وما هو الدين؟)، ويجيب فيقول: (جوهر العلم هو معرفة كيفية حدوث الظواهر، ومهمة العلماء البحث عن القوانين التي تحكم هذه الظواهر وتطوير سبل الاستفادة منها. أمـا جوهر الدين فهو توضيح حقيقة الوجود، ومهمة الرسل تبليغ هذه الرسالة وتقديم تصوّر شامل للوجود ومكان الإنسان فيه. وهكذا فإن العلم مجهود بشري بينما الدين وحي سماوي، وبينهما
تداخل).
وينطلق محجوب ليبرز طبيعة (التداخل) بين (العلم) و(الدين) فيقول: (هناك تداخل مباشر فقد جاء في الوحي آيات عن بعض الظواهر الكونية وخصائص المخلوقات، ويمكن إدراك اتفاقها مع الـمُـشاهَد بوسائل العلم الطبيعي، وهذا تداخل محدود. أما التداخل الأشمل فهو أن العلم جزء من الدين، فالأمر بتأمّل أحوال المخلوقات والتفـكّر في الظواهر الكونية مما جاء به الوحي تكليفاً على بني الإنسان، وهذا يشمل كلّ العلم الطبيعي ولا يستثني منه شيئاً).
ويواصل محجوب طرحه ليبرز (العلم) من منظور (الدين)، فيقول: (الاعتقاد بوجود خالق مدبر يقتضي الاعتقاد بأن ما يكشفه العلم من خصائص وقوانين هو كشف عن بعض سنن الله في الخلق، ولا توجد حقائق أو قوانين علمية لا تندرج تحت هذه المظلة).
أمـا (الدين) من منظور (العلم) فإن محجوب يضعه في الإطار التالي: (إن مبحث العلم الطبيعي محدود بحدود بيئة الإنسان مما يوجب تصوّراً شمولياً للوجود يكون أوسع من مدارك العلم، وبالتالي فإن العلم لا يستطيع أن يثبت أو ينفي صحة هذا التصوّر).
استناداً إلى ما سبق فإن محجوب يخلص إلى نتيجة هامة وهي: (أن المؤمن الذي يهاجم العلم يصدر عن جهله وليس عن عقيدته، والعالم الذي يهاجم الدين يصدر عن ظنّـه وليس عن علمه).
ويعرّج محجوب على أحد مزاعم الملاحدة عندما يقابلون العلم بالدين على أساس أن كلاًّ منهما يقصي الآخر، فيقول بعضهم: (ما تعلّمناه من العلم الطبيعي عن هذا العالم خلال القرن الحالي أكثر مما علّمتنا إياه الأديان خلال القرون السابقة، وبالتالي فإن العلم الطبيعي يكفي).
يقول محجوب: (إن ذلك الزعم قد يصحّ عند بعض الناس، ومنهم من استغنى عن العلم والدين معاً، ولكن هذا ليس صحيحاً عند كثير من الناس، وذلك لحالتين واضحتين، وهما متطلّبات الحياة العادية، وإشباع طموح المعرفة العميقة).
فيما يتعلّق بمتطلّبات الحياة فإن: (ثوابت العلم الطبيعي لا تكفي هَدْياً في حياة الناس، فنحن لا نستطيع أن نثبت علمياً أن التضحية في سبيل فكرة عمل مجيد، أو أن ملازمة الأم المريضة سنوات عديدة أفضل من الانصراف عنها).
وأمـا فيما يتعلّق بسبر غور (حقيقة الوجود)، فإن محجوب يوضح أن العلم عاجز، لأن تلك الحقيقة تقع خارج نطاق العلم البشري، ويقول: (هـناك ثلاثة أسئلة أساسـية تهمّ الإنسان، ولا يجيب عليها الـعلم الطبيعي، وأوّل الأسئلة هـو أن العالم الـمُـشاهَد عبارة عن قدر كبير من الطاقة، فمن أين أتت هذه الطاقة؟).
أمـا السؤال الثاني: (تتفاعل الموجودات في العالم المـُشاهَد وفق قوانين محدّدة، تمكّن الإنسان من معرفة العديد منها، فمن أين أتت هذه القوانين؟). وأما السؤال الثالث: (نتيجة هذه التفاعلات بين الموجودات يتطوّر العالم الـمُـشاهَد باضطراد، وتتغير أحواله، فما الغاية التي تستهدفها هذه المسيرة؟).
ويخلص محجوب، بعد طرح تلك الأسئلة التي يقف (العلم) عاجزاً أمامها، إلى أن: (الدين أعطى بسطاء الناس تصوّراً عميقاً للوجود، تفوّقوا به على كافة الملاحدة مهما عظم حظّهم من العلم الطبيعي).
رحم الله محجوب فقد كان مؤهلاً علماً وخلقاً وفكراً وإيماناً لطرح رؤية خصبة تسهم في انتشال الأمة من واقعها الحزين، وتدفع بها نحو مواقع متقدّمة على طريق الإنجاز العلمي، والفكر الناضج، والتأثير الفاعل على (الآخر). ولذا عندما نرثي فقده، ونستشعر غيابه، فإننا ندرك أن مثله في الأمة قليل ونادر، وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر.
المصدر : http://science-islam.net/article.php3?id_article=861&lang=ar
murad abuamr
06-11-2009, 09:16 AM
عندما قام أستاذنا الفاضل الدكتور راشد المبارك بتكريم ذكرى محجوب مرتين في أحديته المتألقة في دارته العامرة بالرياض، فإنه كان – جزاه الله خيراً - يسجّل لحظات شموخ واعتزاز، ويضع بصمات وفاء وتقدير لرجل اجتمعت فيه صفات مميزة فهو محجوب (الإنسان)، و(المفكر)، و(العالم).
ولذا استمتع الحضور في الندوتين، من يعرف محجوب منهم ومن لا يعرفه، برحلة ثرية تمحورت حول أبعاد هذا الرجل المتسامقة التي كان كثير منها خافياً، وحتى أولئك الذين أحبوه وزاملوه سنوات طويلة، ومنهم صاحب هذه السطور، اكتشفوا جوانب في شخصية الرجل لم يكن لهم بها علم، فقد كان رحمه الله زاهداً في الأضواء والشهرة واستعراض الذات، ومعنياً فقط بما يقدّمه - في هدوء وتمكّن - على الأصعدة الفكرية والإنسانية والعلمية.
لقد عمل الفيزيائي الفذ والمفكر المرموق البروفسور محجوب عبيد طه في جامعة الملك سعود لما يربو على العشرين عاماً، ولم يتوقف فيها عطاؤه قط حتى في سنواته الأخيرة إبان صراعه مع المرض، فهو قد أحب هذا البلد، وأحب أهل هذا البلد، ولذا لم تغره عروض من أصقاع شتى يسيل لها لعاب الكثيرين، وآثر أن يبقى حيث اختار بقناعة كاملة، مكرّساً حياته للعلم الفيزيائي، والفكر المتألّق، والقدوة الصالحة.
قلنا فيما سبق إن محجوب حرص على إبراز (إنسانية) العلم الطبيعي، وتأثره بقناعات الباحث وعقيدته فيما يضفي عليه من ترجمات لمعطياته، وتأويل لقوانينه بحيث يحسب الناس أن تلك التصورات امتداد حقيقي لموضوعية (العلم الطبيعي) ومنهجه الحيادي.
مثل تلك التأويلات يمكن أن تصبّ في عدّة اتجاهات، وتحمل عدداً كبيراً من
الدلالات، ولذا حرص محجوب - بشكل عام - على التحذير منها، والاهتمام بفحصها فحصاً منضبطاً ومـنطقياً لـيصبح ذلك – فـي نظره – أحـد الأوجـه الضرورية للتعامل الفلسفي والمعالجة الفكرية لنتائج (العلم الطبيعي) ومعطياته.
أمـا القضية الثانية التي اهتم بها محجوب، فهي قضية التصدي للمحاولات المتكررة من قبل بعض العلماء الطبيعيين في الغرب لإضفاء الصبغة الإلحادية على (العلم الطبيعي) في تفسير وجود الكون، وتعليل غاياته.
ذلك الرجل النحيل، الذي كان يقطر أدباً وحياءً وتواضعاً، كان يتحوّل إلى عملاق فكري شامخ وهو يتصدّى لملاحدة هذا الزمن من علماء الطبيعة الذين سبقتهم شهرتهم العلمية ليدسّوا (السم في العسل)، وليغلّفوا رؤاهم الإلحادية بغلاف (العلم الطبيعي)، وهو من ذلك براء.
يقول محجوب – رحمه الله -: ( وبتطوّر مفاهيم العلم الطبيعي ونظرياته، وبعد النجاح الباهر لتطبيقاته التقنية، تغيرت ملامح الحياة الاجتماعية، وتعقّدت العلاقات بين الأجيال، فظهرت الثورات على (المسلّمات)، ومنها المسلّمات في العادات والأخلاق والدين، وجاءت فترة أصبح فيها الإلحاد عند الشباب (تقليعة)...لا ترتكز على علم أو فلسفة أو تأمل. وبمرور الأيام غزا بعض هؤلاء عالم الفكر والعلم الطبيعي، ومنهم من برع فيه واشتهر، ففكّر وقدّر وصوّر للناس أن العلم الطبيعي صنو الإلحاد وداعيته، وأن التمسّك بالعقيدة الإلهية من سمات الجاهلية الذين لا يواكبون تطورات العلم الحديث وفتوحاته).
ويواصل محجوب طرحه فيقول: (نجد اليوم عدداً من ملاحدة علماء الطبيعة قدّموا تصورات لنشأة الكون، وظهور المادة والحياة، يُستفاد منها ظنّهم أن فرضية وجود الله لا تخدم غرضاً مفيداً للإنسان المعاصر، وأن الفكر المبني على العلم الطبيعي ونظرياته يمكن أن يحلّ محلّ الدين في النظر لبدايات الوجود ونهاياته، وفي مقاصد سننه وقوانينه. هؤلاء فئة آمنت بالعلم الطبيعي وبمقدرات الفكر الإنساني، فخرجت به عن نطاقه المحدود، لتهتدي به في المرامي البعيدة بعد أن أعمته بالظن والهوى، فأضلها الله على علم).
ينخرط محجوب في دقة علمية ليفنّد مقولات الملاحدة فيقول: (كلّ من قرأت لهم من العلماء الملحدين دون استثناء يعتقدون أن أساس الإيمان بالله حاجة الناس لتفسير ظواهر لا تفسير لها، ظواهر (أراد) الله حدوثها ولا نعلم لها سبباً سوى ذلك. معنى ذلك أن الأشياء التي تحدث حدوثاً طبيعياً (أي لها ارتباط سبـبي معلوم) لا تتطلّب وجود الله في ظنهم، ويدّعون أننا نقول بأن الله خلق الحياة إذا كنا نجهل تفسيراً علمياً لأصل الحياة، ولكن إذا صحّت لدينا نظرية علمية في أصل الحياة وقبلناها، فقد انتفت الحاجة للقول بأن الله خلق الحياة، وعلى المؤمنين البحث عن ظاهرة أخرى يعلّقون عليها علّة لإيمانهم. مثل هذا الظن السقيم لا يخلو منه كتاب مما وقع في يدي من الكتب المعاصرة عن الفكر المترتّب على العلم الطبيعي وصلته بالعقيدة الدينية (هوكنج، واينبيرج، ديفيز، ديكنز وغيرهم). وهذا أمر غريب لأن العقيدة الإيمانية واضحة وميسورة، وليس من عذر عند هؤلاء المفكرين لخطأهم أو جهلهم بها).
ويوضح محجوب أبعاد تلك (العقيدة الإيمانية) فيقول: ( جوهر العقيدة الإيمانية أن للوجود خالقاً، خلق الزمان والمكان والموجودات، وخلق القوانين التي تتفاعل بها هذه الموجودات، وتتطوّر في الزمان والمكان. كلّ ما يحدث يحدث وفق سننه، ويحقق مقتضى إرادته وتقديره. وما نراه ونحسّه من الموجودات أنما هو الشيء اليسير الذي هيّـأ الخالق لنا إمكانية الوقوف عليه، وفيه دليل على عظمة الخلق والخالق، وعلى بديع صنعه وتقديره فيما لا يمكن أن نحيط به من كلّ صغيرة وكبيرة في هذا الكون الشاسع).
يواصل محجوب تفنيده لحجج الملاحدة فيقول: (الذي يبني على الظن السقيم بأن الظواهر التي تحدث بسبب معلوم لا تتطلّب الاعتقاد بوجود الله يحسب أن الدين هو الإيمان بالخوارق، والواقع أن الدين عكس ذلك تماماً، فالمؤمن يعتقد أن كلّ ما يحدث يحدث بسبب طبيعي، أي وفق سنن الله وتقديره. وكما أن معرفة السبب في الظاهرة البسيطة لا تنفي مشيئة الله وتقديره، فإن مـعرفة السبب في الظاهرة المعقّدة لا تنفيها. لدينا نظرية واضحة في كيفية هطول المطر وهي لم تمنعنا من الاعتقاد بأن الله أنـزله، فلـماذا تمنعنا نـظرية (غير واضحة) في كيفية بدء الحياة من الاعتقاد بأن الله
أنشأها؟).
وهنا يُـبرز محجوب دور (العلم الطبيعي) وحدوده فيقول: (إن معرفة الكيفية التي تحدث بها الظواهر هي كلّ ما نستطيع أن نحصّله من العلم الطبيعي، وهذا ما أمرنا الله به حتى في حالة بداية الخليقة: (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق، ثم الله ينشئ النشأة الآخرة، إن الله على كل شيء قدير) (العنكبوت: 20). إن معرفة الكيفية هي اكتشاف القانون الطبيعي الذي بموجبه حدث الحدث، أو نشأت الظاهرة، أي التعرّف على سنة الله فيما يتعلّق بهذه الظاهرة، وهذه هي مهمة العلم الطبيعي الأساسي).
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيراً أخي الصادق على الموضوع الرائع جداً والمهم ، وقد أبهرني عمق الفهم عند ذلك العالم والمفكر ، فرحمه الله أيّما رحمة ، وأسكنه فسيح جناته ، ووسع عليه في قبره .
إنّ هذا الجزء الأخير من المقال أخي الصادق هو ملخّصُ ما أعتقده وأُحاول أن أوصله للقراء في هذا المنتدى عبر المواضيع التي أطرحها بخصوص تفنيد نظريّة التطور .
وشكراً لك لأنّك عرّفتنا على العالم المسلم مـحـجـوب عـبـيـد طـــه رحمه الله ، وعلى تراثه العلمي ، وأتمنى أن تعمل كما وعدت على إظهار بعض أعماله في الكونيات وغيرها ، ما ستطعت لذلك سبيلاً .
تغريد
06-11-2009, 07:33 PM
كذاك الشمس تبعد أن تسامى
و يدنو الضوء منها و الشعاع
نشكر لك أخي الصادق هذه الومضات الرائعة و المتألقة في علياء المجد
من مثل هؤلاء نتمنى أن نلتقي و ننهل من منهل العلم و المعرفة و الفلسفة و الدين
و مثل هؤلاء يجب أن يكون مثلنا الأعلى
القلوب الحية و البصيرة القوية و الفطرة السليمة
و لا عجب أن نرى فيك هذا التفاني
فبارك الله فيك و لك و أوصلك من منازل العلم و التقوى و البصيرة ما تحب
الصادق
06-12-2009, 12:29 AM
السلام عليكم اخوتى مراد و تغريد
بارك الله فيكما وجزاكما كل خير
لقد نقلت هذا المقال وكاتب المقال هو الاستاذ خـضـر مـحـمـد الـشـيـبـانــي فله كل الشكر والتقدير على مقاله الرائع هذا
اخى مراد لقد لمست فيك رغبتك فى بث هكذا فكر فى المنتدى, اشكرك على هذا التفانى فى الدين والصدق فى العلم والعمل . وعندما نقلت هذا الموضوع كان مقالك فى بالى وقد شدتنى اقول البروفسرمحجوب رحمه الله
أن المؤمن الذي يهاجم العلم يصدر عن جهله وليس عن عقيدته، والعالم الذي يهاجم الدين يصدر عن ظنّـه وليس عن علمه
وقوله
الذي يبني على الظن السقيم بأن الظواهر التي تحدث بسبب معلوم لا تتطلّب الاعتقاد بوجود الله يحسب أن الدين هو الإيمان بالخوارق، والواقع أن الدين عكس ذلك تماماً، فالمؤمن يعتقد أن كلّ ما يحدث يحدث بسبب طبيعي، أي وفق سنن الله وتقديره. وكما أن معرفة السبب في الظاهرة البسيطة لا تنفي مشيئة الله وتقديره، فإن مـعرفة السبب في الظاهرة المعقّدة لا تنفيها. لدينا نظرية واضحة في كيفية هطول المطر وهي لم تمنعنا من الاعتقاد بأن الله أنـزله، فلـماذا تمنعنا نـظرية (غير واضحة) في كيفية بدء الحياة من الاعتقاد بأن الله
أنشأها؟
وان الذين يدافعون عن نظرية التطور قد وصف محجوب امثالهم بقوله
هؤلاء فئة آمنت بالعلم الطبيعي وبمقدرات الفكر الإنساني، فخرجت به عن نطاقه المحدود، لتهتدي به في المرامي البعيدة بعد أن أعمته بالظن والهوى، فأضلها الله على علم
جزاك الله خيرا اخى مراد على مقالاتك الرائعة وردودك على التطوريين ومن شائعهم من كتاب المجلات العلمية العربية .
اختى تغريد بارك الله فيك وانى والله احسبك من هلاء الذين تحدثتى عنهم, سدد الله خطاك واوصلك الى مبتغاك
وبالفعل كانت للبروفسر محجوب رحمه الله مقدرة علمية فذة وفطرة سليمة تتسم بالقوة والبساطة
واترك كلماته لتعبر عن تلك الفطرة السليمة
الدين أعطى بسطاء الناس تصوّراً عميقاً للوجود، تفوّقوا به على كافة الملاحدة مهما عظم حظّهم من العلم الطبيعي
ثوابت العلم الطبيعي لا تكفي هَدْياً في حياة الناس، فنحن لا نستطيع أن نثبت علمياً أن التضحية في سبيل فكرة عمل مجيد، أو أن ملازمة الأم المريضة سنوات عديدة أفضل من الانصراف عنها
الصادق
06-12-2009, 01:15 AM
هذه بعضا من اوراق البروفسر محجوب عبيد طه وتجد من ضمنها قواعد جمع طه المعروفة Taha Summation Rules فى نظرية المجال الكمومى
1) Equal-time algebra and light-cone commutators.
M.O. Taha (ICTP, Trieste) . 1973.
Published in Nuovo Cim.A18:663-674,1973.
2) The k(l3) decay in light-cone algebra.
A.M.M. Abdel-Rahman, M.O. Taha (Khartoum U.) . 1973.
Published in Nuovo Cim.A16:209-216,1973.
3) An analytic pi pi dual amplitude.
M.O. Taha, A. Tahir (Khartoum U.) . 1973.
Published in Nuovo Cim.A13:679-688,1973.
4) Dual amplitudes with mandelstam analyticity.
M.O. Taha (Khartoum U.) . 1971.
Published in Lett.Nuovo Cim.2S2:290-292,1971, Lett.Nuovo Cim.2:290-292,1971.
5) Veneziano amplitudes for pi a1 scattering.
M.A. Ahmed, M.O. Taha (Khartoum U.) . 1970.
Published in Prog.Theor.Phys.44:448-455,1970.
6) On the off-****l pi pi Veneziano amplitude.
M.A. Ahmed, M.O. Taha (ICTP, Trieste & Khartoum U.) . 1970.
Published in Prog.Theor.Phys.44:444-447,1970.
7) Direct RG-improvement of the Higgs mass.
A. Al-Naghmoush, S.S. Al-Thoyaib, M.O. Taha (King Saud U.) . 2002.
Published in Int.J.Mod.Phys.A17:685-700,2002.
8) The contribution of the vertical part of the real-time contour in finite temperature field theory.
A. Al-Naghmoosh, S.S. Al-Thoyaib, M.O. Taha (King Saud U.) . 2001.
Published in Mod.Phys.Lett.A16:2059-2065,2001.
9) On proper time in general relativity.
Murat Ozer, M.O. Taha (King Saud U.) . May 2000. 3pp.
e-Print: gr-qc/0005039
10) The Higgs mass from a positivity condition at finite temperature.
A. Al-Naghmoush, S.S. Al-Thoyaib, M.O. Taha (King Saud U.) . 1999.
Published in Mod.Phys.Lett.A14:2629-2634,1999.
11) A Nonsingular universe in string cosmology.
A.A. Al-Nowaiser, Murat Ozer, M.O. Taha (King Saud U.) . Mar 1998. 10pp.
Published in Int.J.Mod.Phys.D8:43-49,1999.
e-Print: gr-qc/9803067
12) Spontaneous decay of the effective cosmological constant.
Murat Ozer, M.O. Taha (King Saud U.) . Feb 1998. 10pp.
Published in Mod.Phys.Lett.A13:571-580,1998.
e-Print: gr-qc/9802023
13) An Upper bound on the Higgs boson mass from a positivity condition on the mass matrix.
Ali Al-Naghmoush, Murat Ozer, M.O. Taha (King Saud U.) . Jan 1998. 5pp.
Published in Mod.Phys.Lett.A13:753-758,1998.
e-Print: hep-ph/9801290
14) Asymptotic behavior of massive phi**4 theory.
H.A. Al-Kuwari (Sussex U.) , M.O. Taha (King Saud U.) . 1996.
Published in Mod.Phys.Lett.A11:2503-2509,1996.
15) A Resolution of the cosmological age puzzle.
A.S. Al-Rawaf, M.O. Taha (King Saud U.) . PRINT-95-211 (RIYADH), (Received Oct 1995). 7pp.
Published in Phys.Lett.B366:69-71,1996.
16) Cosmology of general relativity without energy conservation.
A.S. Al-Rawaf, M.O. Taha (King Saud U.) . PRINT-94-0250 (RIYADH), (Received Dec 1994). 24pp.
17) Violation of energy conservation in cosmology?
A.S. Al-Rawaf, M.O. Taha (King Saud U.) . PRINT-94-0249 (RIYADH), (Received Dec 1994). 5pp.
18) Derivation of thermal mass in finite temperature field theory under the renormalization group constraint.
H.A. Alhendi, M.O. Taha (King Saud U.) . PRINT-94-0242 (RIYADH), (Received Dec 1994). 9pp.
19) Application of the renormalization group to asymptotic behavior in the mass parameter.
Hemyan A. Al-Kuwari, M.O. Taha (King Saud U.) . PRINT-94-0085 (RIYADH), (Received Apr 1994). 23pp.
Published in Int.J.Mod.Phys.A9:2283-2300,1994.
20) Reliability of one loop spontaneous symmetry breaking.
Heyman A. Al-Kuwari, M.O. Taha (King Saud U.) . PRINT-94-0084 (RIYADH), (Received Apr 1994). 24pp.
Published in J.Phys.G20:385-398,1994.
21) Massless phi**4 theory is not asymptotically free.
H. Alhendi, M.O. Taha (King Saud U.) . 1993.
Published in Phys.Lett.B300:373-375,1993.
22) Remarks on the fixed point hypothesis for fermion masses.
M.O. Taha (ICTP, Trieste) . 1992.
Published in Nuovo Cim.A105:445-447,1992.
23) Asymptotic behavior of the Higgs coupling in SU(2) x U(1) theory.
H. Alhendi, M. Ozer, M.O. Taha (King Saud U.) . 1992.
Published in Phys.Rev.D46:428-430,1992.
24) Application of the renormalization group to the decay of the false vacuum.
H.A. Al- Kuwari (King Saud U.) , M.O. Taha (ICTP, Trieste) . 1992.
Published in Phys.Lett.B279:250-253,1992.
25) Continuous-parameter sum rules.
M.O. Taha (ICTP, Trieste) . 1969.
Published in Nucl.Phys.B10:656-666,1969.
26) The Effective potential and the renormalization group equation.
H. Alhendi, M.O. Taha (King Saud U.) . 1991.
Published in Europhys.Lett.15:827-830,1991.
27) Exact solutions in string motivated scalar field cosmology.
Murat Ozer, M.O. Taha (King Saud U.) . PRINT-92-0096 (RIYADH), (Received Mar 1992). 10pp.
Published in Phys.Rev.D45:997-999,1992.
28) Noether’s theorem and local gauge invariance.
Hemyan A. Al-Kuwari, M.O. Taha (King Saud U.) . PRINT-90-0599 (RIYADH), (Received Sep 1990). 11pp.
Published in Am.J.Phys.59:363-365,1991.
29) Top Quark Mass From Gut Mass Relations.
H. Alhendi, M. Ozer, M.O. Taha (King Saud U.) . 1988.
Published in Phys.Lett.B213:337-339,1988.
30) On The Fixed Point Hypothesis For Higgs And Fermion Masses.
M.O. Taha (King Saud U.) . Print-88-0459 (RIYADH), (Received Jun 1988). 8pp.
31) Causality and scaling restrictions on the electromagnetic equal time commutators.
M.O. Taha (Khartoum U.) . 1974.
Published in Nucl.Phys.B66:245-252,1973.
32) Determination Of The Scalar Selfcoupling And The Higgs Mass In Standard Electroweak Theory.
Hamad Al-Hendi, Murat Ozer, M.O. Taha (King Saud U.) . Print-86-1190 (RIYADH), (Received Sep 1986). 7pp.
Published in Z.Phys.C36:639,1987. (*Revised version in journal*)
33) Spontaneous Symmetry Breaking In The Effective Potential.
M.O. Taha (King Saud U.) . 1986.
Published in Phys.Rev.D33:1108-1112,1986.
34) A Model of the Universe with Time Dependent Cosmological Constant Free of Cosmological Problems.
Murat Ozer, M.O. Taha (King Saud U.) . Print-85-0642 (RIYADH), Jun 1985. 35pp.
Published in Nucl.Phys.B287:776,1987.
35) A Solution To The Main Cosmological Problems.
Murat Ozer, M.O. Taha (King Saud U.) . Print-85-0485 (RIYADH), May 1985. 7pp.
Published in Phys.Lett.B171:363-365,1986.
36) Extension of sugawara’s theory of currents.
M.A. Ahmed, M.O. Taha (Khartoum U.) . 1970.
Published in Phys.Rev.188:2517-2521,1969.
37) Sum rules from sugawara’s theory of currents.
M.O. Taha (ICTP, Trieste) . 1970.
Published in Phys.Rev.D1:1764-1772,1970.
38) Pion electromagnetic form-factor and the veneziano model.
A. Amatya, M.O. Taha (ICTP, Trieste) . 1970.
Published in Phys.Rev.D1:2147-2151,1970.
39) Transformation Of The Renormalized Coupling Constant.
M.O. Taha (King Saud U.) . 1984.
Published in Phys.Rev.D29:253-258,1984.
40) Asymptotic Behavior Of The Effective Potential.
M.o. Taha (King Saud U.) . 1982.
Published in Phys.Rev.D26:2766-2773,1982.
41) Direct- and cross-duality amplitudes.
M.O. Taha (ICTP, Trieste) . 1971.
Published in Phys.Rev.D3:498-505,1971.
42) Superconvergence sum rules and exchange degeneracy in cross-duality model.
M.O. Taha (ICTP, Trieste) . 1971.
Published in Phys.Rev.D3:1461-1467,1971.
43) Integral Representation Of Green’s Functions For Asymptotically Free Field Theories.
M.O. Taha (King Saud U.) . 1982.
Published in Phys.Rev.D25:387-391,1982.
44) Remarks On Causality And Electromagnetic Mass Shifts.
A.M.M. Abdel-Rahman, M.O. Taha (King Saud U.) . 1980.
Published in Phys.Rev.D21:2709-2709,1980.
45) Regge behavior, crossing symmetry, and unitarity in the nakanishi representation.
M.O. Taha (ICTP, Trieste) . 1972.
Published in Phys.Rev.D4:3768-3776,1971.
46) Dual amplitude with arbitrary trajectories.
R. Ramachandran, M.O. Taha (ICTP, Trieste) . 1972.
Published in Phys.Rev.D5:1015-1018,1972.
47) Periodic Solutions To Classical Field Equations. (Talk).
M.O. Taha (King Saud U.) . 1979.
Published in Phys.******a 20:447-453,1979.
48) Causality, current algebra, and fixed poles.
A.M.M. Abdel-Rahman, M.A. Ahmed, M.O. Taha (ICTP, Trieste) . 1974.
Published in Phys.Rev.D9:2349-2355,1974.
49) Regge Expansion of a Causal Spectral Function in Electroproduction.
M.A. Ahmed, M.O. Taha (Khartoum U.) . 1975.
Published in Nuovo Cim.A30:212-220,1975.
50) Connection between equal time and light cone commutators.
A.M.M. Abdel-Rahman, M.O. Taha (Khartoum U.) . 1974.
Published in Phys.Rev.D8:491-496,1973.
51) Causal Basis of the Drell-Yan-West Relation.
M.O. Taha (ICTP, Trieste) . IC/77/81, Aug 1977. 16pp.
Published in Phys.Rev.D18:2332,1978.
52) Remarks on vanishing longitudinal cross-sections and operator schwinger terms.
M.O. Taha (Khartoum U.) . 1974.
Published in Phys.Rev.D9:515-516,1974.
53) Causality and the Proton-Neutron Mass Difference.
A.M.M. Abdel-Rahman, M.O. Taha (Khartoum U.) . Print-76-0798 (KHARTOUM), 1976. 17pp.
Published in Phys.Rev.D15:2472,1977.
54) Causality and Asymptotic Behavior in Electroproduction.
M.O. Taha (ICTP, Trieste) . IC/75/76, Jul 1975. 18pp.
Published in Phys.Rev.D14:189,1976.
55) Convergent Fixed-Mass Sum Rules from Current Algebra.
M.O. Taha (ICTP, Trieste) . IC/75/55, Jun 1975. 14pp.
Published in Nuovo Cim.A30:144,1975.
56) New Electroproduction Sum Rule.
M.O. Taha (Khartoum U.) . Print-74-1550 (KHARTOUM), 1974. 13pp.
Published in Lett.Nuovo Cim.13:645,1975.
57) Causality, Equal Time Algebra and Light Cone Commutators.
A.M.M. Abdel-Rahman, M.O. Taha (Khartoum U.) . Print-74-1004 (KHARTOUM), 1974. 29pp.
Published in Phys.Rev.D11:924,1975.
وبالفعل ان اعداء محجوب كانوا هم تواضعه كما عبر عن ذلك صديقه كاتب المقال.
اللهم ارحمه رحمة واسعة وادخله فسيح جناتك
murad abuamr
06-12-2009, 01:42 PM
شكراً لك اخي الصادق ، وبالضبط ، فإنّ المقاطع التي أشرتَ إليها من أقوال ذلك العالم ، هي التي أدهشتني ، وعلى الرغم من أني كنت أعلم أنّ هذه هي نقطة الخلل في فكر هؤلاء الملاحدة من أنّ معرفة السبب تعني عندهم إنكار الخالق أو بالأحرى إنكار قدر الله القاضية بتحقق الحدث ، وأنّ الله تعالى يدبر الكون عن طريق السنن أو القوانين التي وضعها ، حيث افتضت حكمته ذلك ، بالرغم من معرفتي بنقطة الخلل هذه عندهم ، إلا أني لا أعلم لماذا دُهشتُ عندما رأيت ذلك العالم والمفكر يقررها بطريقة رائعة ، ودُهشتُ أيضاً عندما وجدته يستشهدُ بنفس الآية الكريمة التي استشهدتُّ بها من قبل ، فجزاهُ الله خير الجزاء .
أمّا الفكرة السائدة لدى علماء الغرب من أنّ الله يملأ فراغات العلم ، هي فكرة خاطئة منشئها في الأساس الفهم الخاطئ لعقيدة القضاء والقدر الذي قدمته الكنيسة وحاربت من أجله كلّ نبعة للعلم .
ولهذا السبب ثار العلماء على الدين والإيمان ، بدلاً من الثورة على الفهم الخاطئ لهما ، وذلك لأنّه لم يكن لديهم أيّ خيار إيماني آخر بسبب غياب نور الإسلام عن أوروبا .
تغريد
06-13-2009, 08:26 PM
شكر الله لك أخي الكريم ، و أرجو من الله أن أكون عند حسن ظنكم دوما أخي الكريم
و أن يزيدكم رفعة في الدنيا و الآخرة
رائع هذا الكم من الأبحاث و الجهدالهائل المطروح يطرح أمامنا رؤية ليست جديدة و لكنها أمنية و حلم نرجو له التحقيق
فما أحوجنا أخي
-و ربما نشعر بذلك هنا أكثر من أي مكان آخر في الوطن العربي و الإسلامي
حيث تنقصنا وسائل الاتصال بالعالم الخارجي و سوء الأحوال هنا من متابعة آخر تطورات العلم و الحصول على الأبحاث التي نحتاجها بسهولة و يسر يقف ذلك عثرة في وجه أبحاثناو تطويرنا لذواتنا
ما أحوجنا أن نتكاثف في كل أرجاء العالم العربي و ذلك باتاحة التواصل بين المختصين العرب في كل المجالات و اتاحة الأبحاث لكل من يحب أن ينهل من أي التخصصات المطروحة أو المزاوجة بينها
نسأل الله أن يتيح لهذه الأمة سبل النهوض من عثرتها و يهيئها لذلك
و وجود مثل هذا العالم و من يحرصون على العطاء مثلك أخي و مثل الكثير من الإخوة الكرام و ممن يحرصون على توضيح معالم هذا الدين و رفع الناس إلى بعض مستواه
و الله يعطينا الأمل و يقوي في أنفسنا الرجاء باقتراب الفجر
Powered by vBulletin™ Version 4.2.2 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, TranZ by Almuhajir