المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الكون, هذا الحاسوب الهائل!



فيزيائي*
04-25-2009, 01:14 AM
إطلعت على هذا المقال في موقع مجلة العلوم ونظرا لطوله وعدم ترتيب أفكاره أحببت أن أختصره وأربط الأفكار بعضها ببعض:
http://www.oloommagazine.com/Articles/ArticleDetails.aspx?ID=1786

(ينظر الباحثون إلى أن كل مادة في الكون يمكن إعتبارها حاسوبا)

الحاسوب المحمول النهائي:

لننظر أولا في القدرة الحاسوبية العظمى التي يمكن الحصول عليها من كيلوغرام واحد من مادة عادية يشغل حيزا قدره لتر واحد. نسمي هذا الجهاز الحاسوب المحمول النهائي ultimate laptop. إن مصدر طاقة هذا الجهاز هو المادة نفسها المتضمنة فيه والتي تكافئ بموجب معادلة آينشتاين الشهيرة طاقة قدرها E = mc2 وإذا تم استثمار هذه الطاقة في عملية قلب البتات، فإن هذا الحاسوب يستطيع إجراء 1051 عملية في الثانية الواحدة. ويتناقص هذا المعدل تدريجيا مع تناقص الطاقة واستنفادها. تستطيع كل بتة أن تنقلب بمعدل 1020 مرة في الثانية، وهذا يعادل ميقاتية (ساعة) تعمل بسرعة 100 بليون جيگاهرتز.

الطاقة الناجمة عن تحول كيلوغرام واحد من المادة تكافئ قنبلة هيدروجينية بطاقة 20 ميگاطن لذلك فإن انفجار سلاح نووي يمثل معالجة قدر هائل من المعلومات، حيث تمثل المدخلاتِ التشكيلاتُ البدئية في حين يشكل الإشعاع المنبعث منه المخرجات.
وإذا افترضنا أن قانون <مور> Moore حول التقدم في المعلوماتية يبقى صالحا، فإن أحفادنا سيتمكنون في أواسط القرن الثالث والعشرين، من شراء حاسوب محمول نهائي. وسيكون على المهندسين حينذاك أن يجدوا طريقة للسيطرة الدقيقة على تآثر الجسيمات في پلازما ذات درجة حرارة أعلى من تلك التي يحويها قلب الشمس. (آخر شكل في الموضوع يوضح الطريقة التي تتم بها معالجة البيانات).

حاسوب الثقب الأسود:

قد تبدو الثقوب السوداء وكأنها تمثل استثناء للقاعدة التي تقول إن كل شيء يَحسب. فإدخال المعلومات في الثقوب السوداء ممكن، ولكن استخراج المعلومات منها أمر مستحيل بموجب نظرية النسبية العامة لآينشتاين. فالمادة التي تدخل في ثقب أسود لا تخرج منه والتفصيلات المتعلقة بمكوناتها تضيع إلى الأبد.

إلا أن <S. هوكنگ> [من جامعة كامبردج] بيّن في السبعينيات من القرن العشرين أنه عند أخذ الميكانيك الكمومي في الاعتبار فإنه يتبين أن هذه الثقوب يجب أن تصدر إشعاعا مثلها تقريبا مثل جسم متوهج. إلاّ أنه بموجب تحليل <هوكنگ> فإن لهذا الإشعاع صفات عشوائية؛ فهو لا يحمل أي معلومات تتعلق بما دخل الثقب. فلو أن فيلا سقط داخل الثقب الأسود فإن ما يكافئ مادته من الطاقة سيخرج ولكن بطريقة اعتباطية لا يمكن الاستفادة منها من حيث المبدأ، لإعادة تشكيل الحيوان.

إن ضياع المعلومات الظاهري هذا يشكل مأزقا حقيقيا نظرا لكون قوانين الميكانيك الكمومي تحافظ على المعلومات. لذا تصدى علماء آخرون، منهم <L. سَسْكِند> [من جامعة ستانفورد] و<J. پريسْكِل> [من معهد كاليفورنيا للتقانة] و<G. هوفت> [من جامعة أوترخت في هولندا] لحل هذا المأزق، فحاولوا تبيان أن الإشعاع المنبعث من الثقب الأسود ليس في واقع الأمر، عشوائيا وإنما هو معالجة معينة للبيانات التي تمثل المادة التي سقطت في الثقب. [انظر: &#171;الثقوب السوداء ومفارقة المعلومات&#187;، مجلة العلوم، العددان 8/9(1998)، ص 44]. وفي صيف عام 2004 انضم ّ<هوكنگ> نفسه إلى وجهة نظر هؤلاء العلماء: فالثقوب السوداء إذا تعالج هي أيضا المعلومات ولا تخربها.
إذا كانت المعلومات تستطيع الإفلات من الثقوب السوداء، كما يظن معظم الفيزيائيين حاليا، فالثقب الأسود يقوم أيضا بعمل حاسوبي. ويتناسب حجم فضاء ذاكرته مع مربع معدل الحوسبة. والطبيعة الكمومية للمعلومات هي المسؤولة عن قدرة الحوسبة هذه؛ ولولا الآثار الكمومية لأتلف الثقب الأسود المعلومات بدلا من معالجتها.

كيف تفلت المعلومات من الثقب الأسود؟

يعد فهم الكيفية التي يمكن بها للمعلومات أن تفلت من الثقب الأسود أحد أكثر التساؤلات النشطة في الفيزياء حاليا.
قام باحثون بافتراض آليات إفلات تعتمد كذلك على ظواهر كمومية غريبة. ففي عام 1996 قام <A. سترومنگر> و<C. ڤافا> [من جامعة هارڤارد] باقتراح مفاده أن الثقوب السوداء أجسام مركبة تتكون من بنى متعددة الأبعاد تسمى برينات branes تظهر في نظرية الأوتار. تُخزن المعلومات التي تسقط في ثقب أسود في موجات في هذه البرينات. ومن الممكن أن تفلت هذه المعلومات في النهاية نحو الخارج. وفي وقت مبكر من عام 2004 نمذج <S. ماثور> وزملاؤه [من جامعة ولاية أوهايو] الثقب الأسود بصورة كرة عملاقة من الأوتار المتشابكة. وهذه الكرة من الأوتار تتصرف كما لو كانت مخزنا للمعلومات المتضمنة في الأشياء التي تسقط في الثقب الأسود. والثقب يبعث إشعاعا يعكس هذه المعلومات. بيد أن <هوكنگ> في مسعاه الحديث أظهر أن التأرجحات الكمومية تحول دون تشكيل أفق حدث محدد [انظر: &#171;نظرية جديدة لهوگينك&#187;، أخبار علمية، مجلة العلوم، العددان 8/9(2004)، ص 86]. ولاتزال هذه الأفكار جميعها قيد التقييم.

في عام 2003 قام كل من <G. هوروڤيتز> [من جامعة كاليفورنيا في سانتاباربرا] و<J. مالداسينا> [من معهد الدراسات المتقدمة في پرنستون] بطرح الخطوط العريضة لآلية محتملة. والمدخل لفهم هذه الآلية هو ما يعرف باسم التشابك entanglement، وهو ظاهرة كمومية تتميز بكون خصائص منظومتين (أو أكثر) تبقيان مرتبطتين على الرغم من انفصالهما في الزمان أو المكان. وهذه الظاهرة تجعل النقل البُعدي teleportation ممكنا، وهو العملية التي تنتقل المعلومات وفقها من جسيم إلى آخر بدقة لدرجة أن الجسيم يكون قد نسخ عمليا من مكان إلى آخر بسرعة تقرب من سرعة الضوء.
إن عملية النقل البعدي هذه، التي رُصدت في المختبر، تستلزم أولا تشابك الجسيمين. ثم تُجرى بعد ذلك عملية قياس على أحد الجسيمين، مع مادة تحتوي المعلومات المراد نقلها. تمحو عملية القياس المعلومات من موقعها الأصلي، ولكن بسبب تشابك الجسيمين، فإن هذه المعلومات توجد على الجسيم الآخر بطريقة مكوّدة بغض النظر عن بعده عن الجسيم الأول. ومن الممكن فك تكويد المعلومات وقراءتها باستخدام نتائج عملية القياس كمفتاح لذلك.

وقد يمكن في الثقوب السوداء تطبيق عملية شبيهة؛ فأزواج من الفوتونات المتشابكة تتكون عند أفق الحدث. ويفلت واحد من فوتوني كل زوج من الثقب الأسود، مشكلا إشعاع <هوكنگ>، الذي يمكن رصده؛ في حين يسقط الفوتون الآخر مع المادة التي كانت قد شكلت الثقب أصلا فيصل إلى مركز الثقب ويفنى. يقترح نموذج <هوروڤيتز> و<مالداسينا> أن الجسيم المنطلق نحو الخارج لا يحمل فقط مادة وإنما يحمل أيضا معلومات. ونظرا للتشابك الكمومي بين الجسيم المنطلق والجسيم الساقط في الثقب الذي يصبح متشابكا بدوره مع قطعة المادة، فإن معلومات المادة تنبعث إلى الخارج مع إشعاع <هوكنگ>.

الشكل التالي يوضح تطور نظرية الثقوب السوداء بدءا من النظرية الكلاسيكية:

http://www.oloommagazine.com/images/Articles/21/SCI2005b21N1-2_H01_00930.jpg

ما يختلف هنا عن النقل البعدي الذي يُجرى في المختبر هو أن نتيجة هذا &#171;القياس&#187; ليست ضرورية لفك كود المعلومات التي تم نقلها من بُعد. لقد حاول <هوروڤيتز> و<مالداسينا> أن يبينا أن فناء الفوتون لا يؤدي إلى نتائج ممكنة متعددة وإنما إلى نتيجة واحدة فقط. ومن ثم يستطيع راصد خارجي حساب هذه النتيجة الممكنة الوحيدة باستخدام مبادئ الفيزياء الأساسية وأن يصل إلى المعلومات. وهذا الأمر هو الذي يقع خارج الإطار العادي للميكانيك الكمومي. ومع أن ذلك مازال مثار جدل إلا أنه يبدو أمرا معقولا. ذلك أنه تماما كما أن التفرد (الشذوذ) البدائي في بداية الكون ربما كانت له حالة ممكنة واحدة فمن المحتمل كذلك ألا تكون للتفردات النهائية داخل الثقب الأسود سوى حالة واحدة أيضا. وفي الشهر 6/2004 قام <لويد> بتبيان أن آلية <هوروڤيتز> و<مالداسينا> متينة، فهي لاتعتمد على الحالة النهائية بصورة دقيقة مادامت توجد حالة. ولكن مع ذلك، يبدو أن هذه الآلية تؤدي إلى ضياع قدر قليل من المعلومات.

إذا كانت أي قطعة من المادة حاسوبا، فإن الثقب الأسود ليس سوى حاسوب تم ضغطه إلى أصغر حجم ممكن.
يتكون هذا الثقب الأسود من كيلوغرام من المادة في حجم نصف قطره يساوي27-10 متر )للمقارنة نشير إلى أن نصف قطر الپروتون هو 15-10 متر). تكوّد البيانات والتعليمات في المادة وتسقط في الثقب الأسود. تتآثر الأجسام الساقطة مع بعضها منجزة عمليات حاسوبية خلال فترة محدودة قبل وصولها إلى مركز الثقب ـ أي موقع التفرد -singularityوتأخذ مخرجات الحاسوب شكل إشعاع <هوكنگ>.
ولما كانت الطاقة محفوظة فإن كتلة الثقب الأسود تتناقص. ويُصدر ثقب أسود كتلته كيلوغرام واحد، إشعاع <هوكنگ> ويتلاشى تماما خلال أقل من 21-10 ثانية. وطول موجة الإشعاع عند قيمته القصوى يساوي نصف قطر الثقب وبالنسبة إلى ثقب أسود كتلته كيلوغرام واحد فإن هذا الإشعاع يقع في منطقة أشعة جاما العالية الطاقة جدا. ويمكن كشف هذا الإشعاع ثم فك كوده لاستخراج المعلومات منه.

إن معدل إشعاع الثقب الأسود يتناسب عكسيا مع حجمه، ولذلك فإن الثقوب السوداء الكبيرة، مثل تلك الموجودة في مركز المجرة، تفقد طاقتها بمعدل أبطأ بكثير من معدل التهامها للمادة. وعلى أي حال فقد يكون من الممكن للفيزيائيين التجريبيين في المستقبل أن يكوّنوا ثقوبا سوداء صغيرة جدا في مسرعات الجسيمات؛ ومثل هذه الثقوب يجب أن تتفجر بشكل فوري تقريبا على شكل ومضة إشعاعية.
إن تقليص حجم الحاسوب لا يقلل من محتواه من الطاقة، ولذلك فهو يستطيع القيام بـ1051 عملية في الثانية الواحدة تماما كما كان عليه الأمر قبل تقليص حجمه. وفي السبعينيات من القرن العشرين تمكن ّ<هوكنگ> و<J. بيكينشتين> من التوصل حسابيا إلى أن ثقبا أسود كتلته كيلوغرام واحد يستطيع تسجيل نحو 1016 بتة، وهذا أقل بكثير من قدرة الحاسوب نفسه قبل الانضغاط. وبالمقابل، فإن الثقب الأسود هو حاسوب سريع للغاية وفي الواقع فإنه يلزم 35-10 ثانية لانقلاب بتة واحدة.

الشكل التالي يوضح مقارنة بين الحاسوب العادي والحاسوب المحمول النهائي وحاسوب الثقب الأسود:

http://www.oloommagazine.com/images/Articles/21/SCI2005b21N1-2_H01_00927.jpg

محمد ابوزيد
04-25-2009, 01:42 AM
اشعر اننى اكثر انسان سعادة
بالحصول على هذا الرابط

لترجمة مجلة العلوم المريكية عن طريق مؤسسه الكويت للتقدم العلمى

الصادق
04-25-2009, 01:55 AM
مشكور اخى فيزيائي 22 على هذا المقال الرائع
و سوف اكون سعيدا جدا لو حصلت على حاسوب محمول من هذا النوع