رجب مصطفى
04-24-2009, 02:34 AM
علماء الفيزياء المسلمون في العصر الحديث
استكمالا للمسيرة وإتماما للعطاء، فلم يزل المسلمين الآن، ورغم بعدهم عن ركب الحضارة بسبب ما يحاك ضدهم - ما زال عطاؤهم ممدود، وما زال فيهم علماء أفذاذ، بهروا العالم المعاصر بعلومهم واكتشافاتهم التي غيرت مجرى التاريخ، وكان منهم - على سبيل المثال لا الحصر - في هذا المجال:
علي مصطفى مشرفة
ولد الدكتور علي مشرفة في دمياط في 22 من صفر 1316هـ، الموافق 11 من يوليه 1898م، والده هو السيد "مصطفى عطية مشرفة" من مشايخ الدين ومن مدرسة الإمام جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده، كان لأبويه اليسر المادي والجاه الاجتماعي.. فنشأ "علي" على الشعور المرهف بالجمال الذي لم يفقده حبه للخير، ومصادقة الضعفاء والمساكين.
في عام 1907م حصل "علي" على الشهادة الابتدائية، وكان ترتيبه الأول على القطر إلا أن والده توفي في نفس العام تاركًا عليًّا الذي لم يتجاوز الاثنى عشر ربيعًا ربًّا لأسرته المكونة من أمه وإخوته الأربعة، ولعل هذا هو السر فيما يُعرف عن شخصية الدكتور "علي مشرفة" بالجلد والصبر وحب الكفاح وارتفاع الحس التربوي في شخصيته.
وقد حفظ عليٌّ القرآن الكريم منذ الصغر، كما كان يحفظ الصحيح من الأحاديث النبوية.. وكان محافظًا على صلاته مقيمًا لشعائر دينه كما علمه والده، وقد ظلت هذه المرجعية الدينية ملازمة له طوال حياته.. يوصي إخوته وجميع من حوله بالمحافظة على الصلاة وشعائر الدين كلما سنحت له الفرصة.. وقد بدا ذلك جليًّا في خطاباته التي كان يبعثها إلى إخوته وأصدقائه أثناء سفره للخارج.. والتي طالما ختمها بمقولة: (اعمل وإخوانك للإسلام.. لله) وقد عاش ملازمًا له في جيبه مصحف صغير رافقه في السفر والحضر.
وفي عام 1914م التحق الدكتور علي مشرفة بمدرسة المعلمين العليا، التي اختارها حسب رغبته رغم مجموعه العالي في البكالوريا، وفي عام 1917م اختير لبعثة علمية لأول مرة إلى إنجلترا بعد تخرجه، فقرر "علي" السفر بعدما اطمأن على إخوته بزواج شقيقته وبالتحاق أشقائه بالمدارس الداخلية، التحق "علي" بكلية نوتنجهام Nottingham ثم بكلية "الملك" بلندن، حيث حصل منها على بكالوريوس علوم مع مرتبة الشرف في عام 1923م، ثم حصل على شهادة دكتوراه الفلسفة من جامعة لندن في أقصر مدة تسمح بها قوانين الجامعة.
وقد رجع إلى مصر بأمر من الوزارة، وعين مدرسًا بمدرسة المعلمين العليا.. إلا أنه وفي أول فرصة سنحت له سافر ثانية إلى إنجلترا، وحصل على درجة دكتوراه العلوم، فكان بذلك أول مصري يحصل عليها، وفي عام 1925م رجع إلى مصر وعين أستاذًا للرياضة التطبيقية بكلية العلوم بجامعة القاهرة، ثم مُنِحَ درجة "أستاذ" في عام 1926م رغم اعتراض قانون الجامعة على منح اللقب لمن هو أدنى من الثلاثين، ثم اعتمد الدكتور "علي" عميدًا للكلية في عام 1936م وانتخب للعمادة أربع مرات متتاليات، كما انتخب في ديسمبر 1945م وكيلاً للجامعة.
وقد بدأت أبحاث الدكتور "علي مشرفة" تأخذ مكانها في الدوريات العلمية وعمره لم يتجاوز خمسة عشر عامًا، ففي الجامعة الملكية بلندن King’s College نشر له أول خمسة أبحاث حول النظرية الكمية التي نال من أجلها درجتي ( Ph.D دكتوراه الفلسفة وD.sc. دكتوراة العلوم).
دارت أبحاث الدكتور مشرفة حول تطبيقه الشروط الكمية بصورة معدلة تسمح بإيجاد تفسير لظاهرتي شتارك وزيمان، كذلك كان الدكتور مشرفة أول من قام ببحوث علمية حول إيجاد مقياس للفراغ؛ حيث كانت هندسة الفراغ المبنية على نظرية "أينشتين" تتعرض فقط لحركة الجسيم المتحرك في مجال الجاذبية.
ولقد أضاف نظريات جديدة في تفسير الإشعاع الصادر من الشمس؛ إلا أن نظرية الدكتور مشرفة في الإشعاع والسرعة عدت من أهم نظرياته وسببًا في شهرته وعالميته؛ حيث أثبت الدكتور مشرفة أن المادة إشعاع في أصلها، ويمكن اعتبارهما صورتين لشيء واحد يتحول إحداهما للآخر.. ولقد مهدت هذه النظرية العالم ليحول المواد الذرية إلى إشعاعات.
كان الدكتور "علي" أحد القلائل الذين عرفوا سر تفتت الذرة، وأحد العلماء الذين حاربوا استخدامها في الحرب، بل كان أول من أضاف فكرة جديدة وهي أن الأيدروجين يمكن أن تصنع منه مثل هذه القنبلة إلا أنه لم يكن يتمنى أن تصنع القنبلة الأيدروجينية، وهو ما حدث بعد وفاته بسنوات في الولايات المتحدة وروسيا.
تقدر أبحاث الدكتور "علي مشرفة" المتميزة في نظريات الكم، الذرة والإشعاع، الميكانيكا والديناميكا بنحو خمسة عشر بحثًا، وقد بلغت مسودات أبحاثه العلمية قبل وفاته إلى حوالي مائتين، ولعل الدكتور كان ينوي جمعها ليحصل بها على جائزة نوبل في العلوم الرياضية.
وقد بسط الدكتور مشرفة كتبًا عديدة منها: النظرية النسبية - الذرة والقنابل - نحن والعلم - العلم والحياة، واهتم خاصة بمجال الذرة والإشعاع وكان يقول: "إن الحكومة التي تهمل دراسة الذرة إنما تهمل الدفاع عن وطنها"، وقد أسهم أيضا في إحياء كتب التراث الإسلامي العلمية القديمة، وعمل على إظهارها للقاريء العربي، وكان من ذلك: كتاب الخوارزمي في الجبر، والفارابي في الطب، والحسن ابن الهيثم في الرياضة.. وغيرها.
وبعد حياة علمية حافلة بالعطاء تُوُفِّيَ الدكتور "علي مصطفى مشرفة" - رحمه الله - عن عمر يناهز 52 عامًا، وكان ذلك يوم الاثنين الموافق 15 من يناير 1950م (15).
المصدر:
http://www.islamstory.com/article.php?id=197&gclid=CNizpoCCiJoCFQgVzAodKnS-FQ
استكمالا للمسيرة وإتماما للعطاء، فلم يزل المسلمين الآن، ورغم بعدهم عن ركب الحضارة بسبب ما يحاك ضدهم - ما زال عطاؤهم ممدود، وما زال فيهم علماء أفذاذ، بهروا العالم المعاصر بعلومهم واكتشافاتهم التي غيرت مجرى التاريخ، وكان منهم - على سبيل المثال لا الحصر - في هذا المجال:
علي مصطفى مشرفة
ولد الدكتور علي مشرفة في دمياط في 22 من صفر 1316هـ، الموافق 11 من يوليه 1898م، والده هو السيد "مصطفى عطية مشرفة" من مشايخ الدين ومن مدرسة الإمام جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده، كان لأبويه اليسر المادي والجاه الاجتماعي.. فنشأ "علي" على الشعور المرهف بالجمال الذي لم يفقده حبه للخير، ومصادقة الضعفاء والمساكين.
في عام 1907م حصل "علي" على الشهادة الابتدائية، وكان ترتيبه الأول على القطر إلا أن والده توفي في نفس العام تاركًا عليًّا الذي لم يتجاوز الاثنى عشر ربيعًا ربًّا لأسرته المكونة من أمه وإخوته الأربعة، ولعل هذا هو السر فيما يُعرف عن شخصية الدكتور "علي مشرفة" بالجلد والصبر وحب الكفاح وارتفاع الحس التربوي في شخصيته.
وقد حفظ عليٌّ القرآن الكريم منذ الصغر، كما كان يحفظ الصحيح من الأحاديث النبوية.. وكان محافظًا على صلاته مقيمًا لشعائر دينه كما علمه والده، وقد ظلت هذه المرجعية الدينية ملازمة له طوال حياته.. يوصي إخوته وجميع من حوله بالمحافظة على الصلاة وشعائر الدين كلما سنحت له الفرصة.. وقد بدا ذلك جليًّا في خطاباته التي كان يبعثها إلى إخوته وأصدقائه أثناء سفره للخارج.. والتي طالما ختمها بمقولة: (اعمل وإخوانك للإسلام.. لله) وقد عاش ملازمًا له في جيبه مصحف صغير رافقه في السفر والحضر.
وفي عام 1914م التحق الدكتور علي مشرفة بمدرسة المعلمين العليا، التي اختارها حسب رغبته رغم مجموعه العالي في البكالوريا، وفي عام 1917م اختير لبعثة علمية لأول مرة إلى إنجلترا بعد تخرجه، فقرر "علي" السفر بعدما اطمأن على إخوته بزواج شقيقته وبالتحاق أشقائه بالمدارس الداخلية، التحق "علي" بكلية نوتنجهام Nottingham ثم بكلية "الملك" بلندن، حيث حصل منها على بكالوريوس علوم مع مرتبة الشرف في عام 1923م، ثم حصل على شهادة دكتوراه الفلسفة من جامعة لندن في أقصر مدة تسمح بها قوانين الجامعة.
وقد رجع إلى مصر بأمر من الوزارة، وعين مدرسًا بمدرسة المعلمين العليا.. إلا أنه وفي أول فرصة سنحت له سافر ثانية إلى إنجلترا، وحصل على درجة دكتوراه العلوم، فكان بذلك أول مصري يحصل عليها، وفي عام 1925م رجع إلى مصر وعين أستاذًا للرياضة التطبيقية بكلية العلوم بجامعة القاهرة، ثم مُنِحَ درجة "أستاذ" في عام 1926م رغم اعتراض قانون الجامعة على منح اللقب لمن هو أدنى من الثلاثين، ثم اعتمد الدكتور "علي" عميدًا للكلية في عام 1936م وانتخب للعمادة أربع مرات متتاليات، كما انتخب في ديسمبر 1945م وكيلاً للجامعة.
وقد بدأت أبحاث الدكتور "علي مشرفة" تأخذ مكانها في الدوريات العلمية وعمره لم يتجاوز خمسة عشر عامًا، ففي الجامعة الملكية بلندن King’s College نشر له أول خمسة أبحاث حول النظرية الكمية التي نال من أجلها درجتي ( Ph.D دكتوراه الفلسفة وD.sc. دكتوراة العلوم).
دارت أبحاث الدكتور مشرفة حول تطبيقه الشروط الكمية بصورة معدلة تسمح بإيجاد تفسير لظاهرتي شتارك وزيمان، كذلك كان الدكتور مشرفة أول من قام ببحوث علمية حول إيجاد مقياس للفراغ؛ حيث كانت هندسة الفراغ المبنية على نظرية "أينشتين" تتعرض فقط لحركة الجسيم المتحرك في مجال الجاذبية.
ولقد أضاف نظريات جديدة في تفسير الإشعاع الصادر من الشمس؛ إلا أن نظرية الدكتور مشرفة في الإشعاع والسرعة عدت من أهم نظرياته وسببًا في شهرته وعالميته؛ حيث أثبت الدكتور مشرفة أن المادة إشعاع في أصلها، ويمكن اعتبارهما صورتين لشيء واحد يتحول إحداهما للآخر.. ولقد مهدت هذه النظرية العالم ليحول المواد الذرية إلى إشعاعات.
كان الدكتور "علي" أحد القلائل الذين عرفوا سر تفتت الذرة، وأحد العلماء الذين حاربوا استخدامها في الحرب، بل كان أول من أضاف فكرة جديدة وهي أن الأيدروجين يمكن أن تصنع منه مثل هذه القنبلة إلا أنه لم يكن يتمنى أن تصنع القنبلة الأيدروجينية، وهو ما حدث بعد وفاته بسنوات في الولايات المتحدة وروسيا.
تقدر أبحاث الدكتور "علي مشرفة" المتميزة في نظريات الكم، الذرة والإشعاع، الميكانيكا والديناميكا بنحو خمسة عشر بحثًا، وقد بلغت مسودات أبحاثه العلمية قبل وفاته إلى حوالي مائتين، ولعل الدكتور كان ينوي جمعها ليحصل بها على جائزة نوبل في العلوم الرياضية.
وقد بسط الدكتور مشرفة كتبًا عديدة منها: النظرية النسبية - الذرة والقنابل - نحن والعلم - العلم والحياة، واهتم خاصة بمجال الذرة والإشعاع وكان يقول: "إن الحكومة التي تهمل دراسة الذرة إنما تهمل الدفاع عن وطنها"، وقد أسهم أيضا في إحياء كتب التراث الإسلامي العلمية القديمة، وعمل على إظهارها للقاريء العربي، وكان من ذلك: كتاب الخوارزمي في الجبر، والفارابي في الطب، والحسن ابن الهيثم في الرياضة.. وغيرها.
وبعد حياة علمية حافلة بالعطاء تُوُفِّيَ الدكتور "علي مصطفى مشرفة" - رحمه الله - عن عمر يناهز 52 عامًا، وكان ذلك يوم الاثنين الموافق 15 من يناير 1950م (15).
المصدر:
http://www.islamstory.com/article.php?id=197&gclid=CNizpoCCiJoCFQgVzAodKnS-FQ