ابو عزام
04-23-2009, 11:29 PM
* إعداد: سناء عيسى
إذا استعرضنا المخاطر التي تواجه البشرية حاليا، نجد قائمة طويلة تبدأ بالإرهاب ومرض السارز والتهديد النووي، وغيرها من الأخطار الجسيمة، ولكن الأخطار الناجمة عن سلالة منتجات حيوية شرهة لديها القدرة على التكاثر لا تمثل إلا الذيل في قائمة تلك المخاطر.
ولكن أمير ويلز كان له رأي آخر، فهو قلق للغاية من مخاطر تقنية النانو المحتملة، فهذا العلم الحديث والذي قد ينجح يوما ما في الوصول إلى مثل هذه الكائنات المحتملة، قد يحول سطح كوكب الأرض إلى طبقة رمادية لزجة بلا حياة، ومن أجل هذا قرر الأمير «تشارلز» استضافة اجتماع قمة عاجل لخبراء تقنية النانو في قصر «هاي جروف» بمدينة جلوسسترشير، وبينما كان يتأمل الطرق المتاحة للتعامل مع هذه القضية، كان ملايين البشر يستخدمون فعلا منتجات تقنية النانو دون أن يعرفوا عنها شيئا.
فمستخدمو منتجات شركة «سن سورب» يمكنهم الوقاية من الأشعة فوق البنفسجية بسبب الحاجب الصناعي المنتج من تقنية النانو، وكذلك نوافذ «أكتيف بلكينجتون»التي تقاوم التراب أثناء المطر، وإذا لم تكن هذه الأعاجيب المدهشة كافية للإثارة، فالباحثون في سبيلهم للوصول إلى معجون أسنان يمكنه طلاء وحماية وإصلاح مينا الأسنان التالفة، وأيضا هناك الحذاء الذي ينظف نفسه ولا يحتاج إلى دهان.
مخاوف غير مبررة
ومن المتوقع أن تقود تقنية النانو التقدم المذهل في إنتاج الطاقة وتكنولوجيا الدفاع والرعاية الصحية ولا أحد يزعم أن المنتجات الحالية بها خطورة ولكن الأمير «تشارلز» وآخرون يحذِّرون من أن الأبحاث قد تصل إلى حدود غير متوقعة وتؤدي إلى نتائج خطرة، مثل «المخلفات الرمادية» وكانت اقتراحات الباحثين في مجال تقنية النانو منذ ما يقرب من 20 عاما عندما كان علم النانو أو الصغائر مجرد نظرية مطروحة للبحث والتدقيق، كانت تشير إلى إمكانية تصنيع ماكينة ميكروسكوبية الحجم يمكنها الدوران حول الأرض ويمكنها التهام المخلفات السامة أو اقتحام الأوعية والشرايين الدموية والتخلص من الأمراض، وكانت العقبة الرئيسية في إنتاج مثل هذه الماكينة هي الكم الكبير المطلوب توفيره، فكان الاقتراح بأن تتولَّى هذه الماكينات إنتاج نفسها بحيث تتاح لها القدرة على التكاثر، تماماً مثل الفيروسات والكائنات العضوية الدقيقة وهذا الموضوع تحديدا «منتجات النانو ذات القدرة الذاتية على التكاثر» هو ما أثار قلق الأمير «تشارلز».
ويعتبر معظم خبراء تقنية النانو أن إمكانية التكاثر الذاتي غير قابلة للتطبيق، وحتى لو افترض إمكانية تطبيقها فإن الأمر يحتاج إلى عقود من الزمن، ويعلق «جيم توماس» الحاصل على الزمالة الجامعية للمجتمع الملكي: «بعد الأبحاث التي أجراها على التجميع الذاتي للجزيئات بأنه لو افترضنا إمكانية التكاثرالذاتي للماكينات، فإنه سيحدث على معدل غير ضار على الإطلاق.
وقد ظهرت مخاوف حقيقية لدى العاملين في هذا الحقل، وهي مخاوف لا مبرر لها ومن الممكن أن تؤدي إلى تعطيل أبحاث هامة في هذا المجال.
أما «هوب شند»، مديرة البحث بمجموعة «إي تي سي» الكندية للدعم الاجتماعي، فلها رأي مخالف تماما، فالمجموعة تتبنى الدعوة لتعليق نشاط أبحاث تقنية النانو لحين التأكد العملي بالاختبارات الموثوق بها من أنه لا يحمل أي تهديد للسلامة والصحة والبيئة، والبحث الذي أجرته المجموعة عن أخطار تقنية النانو كان الدافع الأساسي لتدخل الأمير «تشارلز»، وقالت شند: «إذا ما كانت هناك دراسات صناعية توضح سلامة هذه المنتجات نريد الاطلاع عليها».
التقنية الخارقة
ويقول «زاك غولدسميث» المحرر بمجلة «ايكولوجسيت» إن مجتمع تقنية النانو لا يتحدث عن المخاطر المتوقعة، «لا أحد ينكر أن تقنية النانو هي أقوى أدوات عرفتها البشرية ولكن من الجنون المهاجمة بغير نقاش، فالناس متخوفون ولهم عذرهم، والعلماء ارتكبوا أخطاء كثيرة قاتلة مثل دي دي تي والثاليدوميد، والخطأ مع تقنية النانو سيكون أخطر بكثير مما سبق! «شند» و«غولدسميث» لديهما نتيجة ملموسة، فالبروفسيور «فيفيان هوارد» أستاذة علم الأمراض ومسبباتها بجامعة ليفربول بانجلترا، أجرت دراسة على جزيئات متناهية في الصغر تستخدم في تقنية النانو، وجدت أن هذه الجزيئات يكون لها سمية إذا وصلت إلى مناطق ضعيفة من الجسم البشري. المخاوف من تقنية النانو تضاعفت لأن هذا العلم وصل إلى نقطة انقلاب، فبعد الانتهاء من الدراسات العلمية والبحثية تجري الآن دراسات الجدوى الاقتصادية، فثلاثون دولة لديها برامج حكومية مدعومة لأبحاث تقنية النانو، وجميعها تصبو إلى شريحة من السوق العالمي المتوقع للنانو تكنولوجي والمقدر بألف مليار دولار عام 2015.
الولايات المتحدة واليابان استثمر كل منهما ما يزيد عن 700 مليون دولار هذا العام في هذا المجال، بينما الاتحاد الأوروبي يحاول اللحاق بهما باستثمار مليار يورو على أربع سنوات، والذي يواجه التعثر لأن الأبحاث في الاتحاد الأوروبي تعتمد أساساً على الدعم من الشركات الصغيرة كما توضح أوتليا ساكسل من معهد تقنية النانو البريطاني.
النانو تكاد تصبح أساسية في كل المنتجات بداية من مستحضرات التجميل ومرورا «بالبناطيل» وحتى مضارب التنس، وبينما تقتحم التكنولوجيا الأسواق التجارية فإن المخاوف والشكوك تزداد، وما لم يناقش السياسيون والعلماء التطورات الحالية للتكنولوجيا بدلاً من الجدال العقيم عن مستقبلها البعيد، فبدون هذه المناقشة الصادقة والمفتوحة والفهم العام لهذا الأمر فلن نتخطى الارتباك الحالي.
إذا استعرضنا المخاطر التي تواجه البشرية حاليا، نجد قائمة طويلة تبدأ بالإرهاب ومرض السارز والتهديد النووي، وغيرها من الأخطار الجسيمة، ولكن الأخطار الناجمة عن سلالة منتجات حيوية شرهة لديها القدرة على التكاثر لا تمثل إلا الذيل في قائمة تلك المخاطر.
ولكن أمير ويلز كان له رأي آخر، فهو قلق للغاية من مخاطر تقنية النانو المحتملة، فهذا العلم الحديث والذي قد ينجح يوما ما في الوصول إلى مثل هذه الكائنات المحتملة، قد يحول سطح كوكب الأرض إلى طبقة رمادية لزجة بلا حياة، ومن أجل هذا قرر الأمير «تشارلز» استضافة اجتماع قمة عاجل لخبراء تقنية النانو في قصر «هاي جروف» بمدينة جلوسسترشير، وبينما كان يتأمل الطرق المتاحة للتعامل مع هذه القضية، كان ملايين البشر يستخدمون فعلا منتجات تقنية النانو دون أن يعرفوا عنها شيئا.
فمستخدمو منتجات شركة «سن سورب» يمكنهم الوقاية من الأشعة فوق البنفسجية بسبب الحاجب الصناعي المنتج من تقنية النانو، وكذلك نوافذ «أكتيف بلكينجتون»التي تقاوم التراب أثناء المطر، وإذا لم تكن هذه الأعاجيب المدهشة كافية للإثارة، فالباحثون في سبيلهم للوصول إلى معجون أسنان يمكنه طلاء وحماية وإصلاح مينا الأسنان التالفة، وأيضا هناك الحذاء الذي ينظف نفسه ولا يحتاج إلى دهان.
مخاوف غير مبررة
ومن المتوقع أن تقود تقنية النانو التقدم المذهل في إنتاج الطاقة وتكنولوجيا الدفاع والرعاية الصحية ولا أحد يزعم أن المنتجات الحالية بها خطورة ولكن الأمير «تشارلز» وآخرون يحذِّرون من أن الأبحاث قد تصل إلى حدود غير متوقعة وتؤدي إلى نتائج خطرة، مثل «المخلفات الرمادية» وكانت اقتراحات الباحثين في مجال تقنية النانو منذ ما يقرب من 20 عاما عندما كان علم النانو أو الصغائر مجرد نظرية مطروحة للبحث والتدقيق، كانت تشير إلى إمكانية تصنيع ماكينة ميكروسكوبية الحجم يمكنها الدوران حول الأرض ويمكنها التهام المخلفات السامة أو اقتحام الأوعية والشرايين الدموية والتخلص من الأمراض، وكانت العقبة الرئيسية في إنتاج مثل هذه الماكينة هي الكم الكبير المطلوب توفيره، فكان الاقتراح بأن تتولَّى هذه الماكينات إنتاج نفسها بحيث تتاح لها القدرة على التكاثر، تماماً مثل الفيروسات والكائنات العضوية الدقيقة وهذا الموضوع تحديدا «منتجات النانو ذات القدرة الذاتية على التكاثر» هو ما أثار قلق الأمير «تشارلز».
ويعتبر معظم خبراء تقنية النانو أن إمكانية التكاثر الذاتي غير قابلة للتطبيق، وحتى لو افترض إمكانية تطبيقها فإن الأمر يحتاج إلى عقود من الزمن، ويعلق «جيم توماس» الحاصل على الزمالة الجامعية للمجتمع الملكي: «بعد الأبحاث التي أجراها على التجميع الذاتي للجزيئات بأنه لو افترضنا إمكانية التكاثرالذاتي للماكينات، فإنه سيحدث على معدل غير ضار على الإطلاق.
وقد ظهرت مخاوف حقيقية لدى العاملين في هذا الحقل، وهي مخاوف لا مبرر لها ومن الممكن أن تؤدي إلى تعطيل أبحاث هامة في هذا المجال.
أما «هوب شند»، مديرة البحث بمجموعة «إي تي سي» الكندية للدعم الاجتماعي، فلها رأي مخالف تماما، فالمجموعة تتبنى الدعوة لتعليق نشاط أبحاث تقنية النانو لحين التأكد العملي بالاختبارات الموثوق بها من أنه لا يحمل أي تهديد للسلامة والصحة والبيئة، والبحث الذي أجرته المجموعة عن أخطار تقنية النانو كان الدافع الأساسي لتدخل الأمير «تشارلز»، وقالت شند: «إذا ما كانت هناك دراسات صناعية توضح سلامة هذه المنتجات نريد الاطلاع عليها».
التقنية الخارقة
ويقول «زاك غولدسميث» المحرر بمجلة «ايكولوجسيت» إن مجتمع تقنية النانو لا يتحدث عن المخاطر المتوقعة، «لا أحد ينكر أن تقنية النانو هي أقوى أدوات عرفتها البشرية ولكن من الجنون المهاجمة بغير نقاش، فالناس متخوفون ولهم عذرهم، والعلماء ارتكبوا أخطاء كثيرة قاتلة مثل دي دي تي والثاليدوميد، والخطأ مع تقنية النانو سيكون أخطر بكثير مما سبق! «شند» و«غولدسميث» لديهما نتيجة ملموسة، فالبروفسيور «فيفيان هوارد» أستاذة علم الأمراض ومسبباتها بجامعة ليفربول بانجلترا، أجرت دراسة على جزيئات متناهية في الصغر تستخدم في تقنية النانو، وجدت أن هذه الجزيئات يكون لها سمية إذا وصلت إلى مناطق ضعيفة من الجسم البشري. المخاوف من تقنية النانو تضاعفت لأن هذا العلم وصل إلى نقطة انقلاب، فبعد الانتهاء من الدراسات العلمية والبحثية تجري الآن دراسات الجدوى الاقتصادية، فثلاثون دولة لديها برامج حكومية مدعومة لأبحاث تقنية النانو، وجميعها تصبو إلى شريحة من السوق العالمي المتوقع للنانو تكنولوجي والمقدر بألف مليار دولار عام 2015.
الولايات المتحدة واليابان استثمر كل منهما ما يزيد عن 700 مليون دولار هذا العام في هذا المجال، بينما الاتحاد الأوروبي يحاول اللحاق بهما باستثمار مليار يورو على أربع سنوات، والذي يواجه التعثر لأن الأبحاث في الاتحاد الأوروبي تعتمد أساساً على الدعم من الشركات الصغيرة كما توضح أوتليا ساكسل من معهد تقنية النانو البريطاني.
النانو تكاد تصبح أساسية في كل المنتجات بداية من مستحضرات التجميل ومرورا «بالبناطيل» وحتى مضارب التنس، وبينما تقتحم التكنولوجيا الأسواق التجارية فإن المخاوف والشكوك تزداد، وما لم يناقش السياسيون والعلماء التطورات الحالية للتكنولوجيا بدلاً من الجدال العقيم عن مستقبلها البعيد، فبدون هذه المناقشة الصادقة والمفتوحة والفهم العام لهذا الأمر فلن نتخطى الارتباك الحالي.