عبد الرؤوف
03-04-2009, 10:48 PM
حياة سندي ..أشهر عالمة سعودية ..نافذة جديدة لفهم العلوم وناسا تلاحقها ثلاث سنوات
*** رفضت استغلال أبحاثها وعملها في الأغراض الحربية
*** تعشق القراءة وفك طلاسم القصص والروايات
*** رفضت عروضاً مغرية وتعرفها إسرائيل أكثر من ابنائها
*** حفظت القرآن كاملاً خلال العام الأول من دراستها في لندن
عالمة عربية سعودية اعطت نموذجاً مشرفاً للمرأة العربية التي نادراً ما نجد مثلها في هذا الزمان التي حافظت علي هويتها العربية والإسلامية رغم الصعوبات التي واجهتها في الغرب. الدكتورة حياة سندي التي تعرفها إسرائيل أكثر من أبناء وطنها. والتي رفضت عروضاً مغرية وآثرت أن تفيد أبناء وطنها العربي بجميع جنسياته.
كانت في طفولتها تطلق العنان لخيالها... فتري نفسها تارة رائدة للفضاء، وأخري عالمة ومخترعة شهيرة... وتقول: "كانت لعبتي المفضلة وخلوتي التي أحلق في سمائها لأتلمس حلمي البعيد، ثم تخرج منها لتسأل والدها هل الأبطال الذين حققوا كل هذه الإنجازات العلمية المبهرة استثناءات؟ هل هم مثلنا؟ وكيف أصبح مثلهم وأقدم إنجازاً يخدم البشرية؟ فكان يجيبها: بالعلم يا ابنتي يحقق الإنسان ما يطمح إليه ويخلد اسمه في سجلات التاريخ ".
ومن تلك الإجابة عرفت طريقها لتحقيق حلمها وبدأت تتأهب لخطوتها الأولي التي تصفها قائلة: "أسعد أيام طفولتي كان يومي الدراسي الأول فبينما تصاحب دموع الخوف والرهبة الأطفال في ذلك اليوم، كانت السعادة تغمرني... واخترت أن أرتدي أجمل فساتيني بدلاً عن الزي المدرسي... كيف لا؟! وأنا أشعر أنني من هنا قد أصبح مثل الأبطال الذين عاشوا معي في خلوتي... الخوارزمي... الرازي... ابن الهيثم... ابن سيناء... الحازم... ماري كوري... أنشتاين... إسحاق نيوتن... جابر بن حيان .... الموسي، أخيراً سأسير علي دربكم".
وتضيف: "اليوم أدرك معني مقولة ان الخيال أهم من العلم فكل الإنجازات العلمية العظيمة بدأت بلحظات يمتزج فيها الخيال مع الواقع إلي أن تتبلور الفكرة ويتضح الهدف مع نضج الإنسان ومحاولته وإصراره".: المحطة الأولي الدراسة في الابتدائية الثامنة بالرياض.
كانت تختار أن تجلس في الصف الأول عرف عنها التفوق حبها لزميلاتها وكانت تسعي إلي رفع تحصيلهم العلمي ولا تميل إلي تعريف شخصيتها بالقيادية ولكن المسؤولية التي كانت تدفعها إلي أن لا تستأثر بالعلم والتفوق وحدها فكانت لا تريد أن تري إحدي زميلاتها متأخرة في تحصيله كانت تعشق القراءة منذ أن تعلمتها وكان والدها يشجعها علي ذلك فيضع أمامها الصحف والمجلات ويساعدها علي قراءة الكتب وفك طلاسم القصص والروايات ولا يمل من الأسئلة التي تطرحها عليه... من القراءة تشكلت أحلامها ومن إجابات والدها عرفت كيف تحولها لواقع غير بعيد".
واصلت حياة تفوقها إلي أن تخرجت من الثانوية العامة بمعدل مرتفع لتحدد خطوتها القادمة.حصلت علي 98% من القسم العلمي اتجهت مباشرة إلي كلية الطب وكانت تتسلل إلي الكتب فعندما كانت في سنة أولي طب حصلت علي كتب قريباتها في السنتين الثالثة والرابعة لتجد ضالتها المنشودة، فقد عشقت من كتبهم (علم الأدوية) الذي شعرت أنه يقف وراء الاكتشافات التي تخدم الإنسانية ولسوء الحظ لم تجد بالجامعات السعودية قسماً يختص بتدريس هذا العلم الذي يدرسه طلبة الطب بشكل جزئي ضمن التخصصات الطبية للتعرف علي الأدوية وتفاعلاتها وأعراضها الجانبية.
وقد اختارته كمجال تخصص، فلم يكن أمامها سوي إقناع أسرتها بالسفر لدراسته وقد استغرقت محاولات إقناعهم والترتيبات اللازمة للسفر عامين تقريباً اتجهت بعدها إلي لندن".
المحطة الثانية: السفر إلي لندن
وصلت حياة إلي لندن وهي تحمل في حقيبتها لغة انجليزية ضعيفة وخلفية علمية لا تؤهلها للقبول بأي جامعة، فكيف تغلبت علي ذلك فقد أرادت فرصة فقط، وعلمت أن عليها أن تحصل علي الثانوية البريطانية أولاً فتقدمت للتسجيل وقوبل طلبها بالرفض لضعف لغتها الإنجليزية لكن أمام إصرارها ووعدها بأن تتكفل بتقوية لغتها الإنجليزية تم قبولها كانت تدرس يومياً مابين 18 إلي 20 ساعة في مرحلة لا تتذكر أنها تمتعت بليلة واحدة بالنوم العميق لفرط قلقها وخشيتها من الفشل... ونجحت في الاختبارات نجاح أهلها للحصول علي قبول غير مشروط في جميع الجامعات التي تقدمت لها والتحقت بجامعة ( كينجز كوليدج ) ".
كانت أمام تحديات عديدة علي الصعيد الشخصي والعلمي فأما الشخصي فقد بدأت مواجهة الغربة التي تغلبت عليها بالاستئناس بكتاب الله وحفظت القرآن كاملاً خلال العام الأول من دراستها الجامعية لتجعله ربيع قلبها ولتثبت أيضاً لمن يتهم الفتاة المغتربة من أجل العلم بأنها ستقع فريسة للمغريات أنه مخطئ، فما يحول بيننا وبين ارتكاب الخطايا هو الخوف من اللَّه وهي تؤمن بأن اللَّه موجود في كل مكان وأن شخصيتنا هي التي تتحكم بالظروف المحيطة بنا وليس العكس.
وعلي الصعيد العلمي أتيحت لها في العام الثاني فرصة فريدة لتأسيس مختبر للأمراض الصدرية بتوجيه من الأميرة (آن) حيث وصل عقار جديد من ألمانيا وأجروا عليه أبحاثاً وتجارب لفهم تركيبته وعمله في جسم الإنسان وحققت إنجازاً علمياً بتقليص جرعته...وهي لا تعتبر ذلك أول إنجازاتها في حقل العلوم فحسب، بل لقد كانت تلك التجربة وراء نقلة جديدة في حياتها".
خصصت دراساتها في مجال (التقنية الحيوية) التي بسطت شرحها قائلة: "هذا العلم لو أردنا تبسيطه سنجد أنه يعود إلي 4000 سنة قبل الميلاد فاستخدام نوع من الخميرة للحصول علي الخبز يعتبر (تقنية حيوية) وكذلك استخدام بعض أنواع البكتيريا لتحويل الحليب إلي منتجات ألبان وهذه المحاولات المتعددة قائمة بأشكال مختلفة منذ زمن بعيد... انه ببساطة تسخير الكائنات المجهرية الدقيقة كالبكتيريا لفائدتنا، كما يتضمن أجهزة القياس والابتكارات التي تساعدنا علي الاكتشاف وفهم العلوم واستيعابها فنفهم عن طريقها علي سبيل المثال آلية عمل الدواء وأثره علي الإنسان، ويخدم تطوير تلك الأجهزة الإنسان العادي فيوفر أجهزة قياس بسيطة للاستخدام المنزلي مثل جهاز قياس السكر في الدم والذي استغرق وصوله إلي هذه الدرجة من البساطة في الاستخدام 25 عاماً من الأبحاث "
التقنية الحيوية تخصص لا يدرس إلا كدراسات عليا لذلك اختارته في مرحلة الدكتوراه بعد أن حصلت علي شهادتها الجامعية مع مرتبة الشرف من جامعة (كينجز كوليدج)... اختارته وهي علي يقين بأن من ينجح في التحكم بالتقنية الحيوية ينجح بالتحكم في العالم وتسخير موارده لحياة أفضل، فالتقنية الحيوية اليوم مفتاح النهضة العلمية والاقتصادية ".
المحطة الرابعة: مرحلة الصراعات والإنجازات
هي مرحلة الصراعات والإنجازات خلال السنوات التحضيرية لرسالة الدكتوراه في جامعة (كيمبردج) ووصفتها بأنها عبارة عن خمس سنوات من الصراعات والتحديات التي بدأت من اليوم الأول، فبعد انتسابها لها كأول سعودية تحصل علي منحة دراسية من جامعة (كيمبردج) لتحضير أطروحة الدكتوراه في مجال التقنية الحيوية، استقبلها أحد العلماء بصرخة مفزعة قائلاً (فاشلة، فاشلة، فاشلة... ما لم تتخل عن حجابها ومظهرها وأكد لها بأنه خلال ثلاثة أشهر فقط ستذوب شخصيتها في المجتمع الغربي وتصبح مثلهم، فلابد من الفصل بين العلم والدين، وأعطي لها مثالاً مع إحدي المسلمات من شرق آسيا فقد تخلت عن الحجاب بعد فترة قصيرة)... عبارته أصابتها بالصدمة لكنها شكرته، فالتحدي الذي خلقه بداخلها دفعها للإصرار علي الالتزام بشكلها ومظهرها وهويتها لتثبت له أن العلم لا يتعارض مطلقاً مع الدين الإسلامي، وخلال الثلاثة أشهر الأولي تبدلت تلك العبارات الهجومية إلي احترام كبير من جميع منسوبي الجامعة حتي انهم فيما بعد وخلال شهر رمضان كانوا يمتنعون عن تناول الطعام أمامها ويؤجل بعضهم وجبة الغداء إلي موعد إفطارها".
تسجيل سبق جديد للدكتورة حياة:
كانت أصغر طالبة ترسلها الجامعة بعد أربعة أشهر فقط من بدء الدراسة لحضور مؤتمر علمي، وللاستدراك لم ترسلها الجامعة من تلقاء نفسها.
لأنه لكل طالبة في مرحلة الدكتوراه الحق بتقديم ورقة عمل في مؤتمر عالمي لتسجل لها في سيرتها الذاتية، وعادة ماتتكفل (كيمبردج) بذلك في العام الثالث أو قبيل مغادرة الطالب للجامعة حتي يكون مؤهلاً ولديه مايمكن تقديمه وتقديره في مؤتمر عالمي يمثل فيه الصرح العلمي المرموق (كيمبردج)، ولكن في الأشهر الأولي لها بالجامعة وتحديداً في عام 96م كانت تعمل علي ابتكار جهاز لقياس أثر نوع من أنواع المبيدات الحشرية علي الدماغ وحققت نتائج مبهرة دفعتها لتقديم بحثها لمؤتمر (جوردن) للبحوث في بوستن والذي يتناول الموجات الصوتية، وتم قبول بحثها فأبلغت الجامعة التي واجهت طلبها بالرفض لعدم استعدادها التكفل بتكاليف حضورها للمؤتمر في هذا الوقت المبكر... فسألتهم : ماذا لو كانت الجهة المنظمة علي استعداد لتغطية التكاليف؟ هل تمانعون؟... علت وجوههم علامات الدهشة وأجابوا : بالتأكيد نبارك إذن ذهابك وتمثيلك للجامعة في هذا المؤتمر... وبالفعل ذهبت وكانت أصغر المشاركين، وحظيت ورقتها باهتمام وإعجاب بالغين من نخبة العلماء الذين تواجدوا في المؤتمر".
حرص أولياء الأمر علي احتضان مسيرة أبناء وبنات الوطن العلمية:
لم ينته الصراع إلي هذا الحد بل واجهت وهي علي مشارف الانتهاء من رسالة الدكتوراه، حيث تبقي لها من منحة ( كيمبردج ) 9 أشهر فقط ووصلها خطاب من عميد الجامعة يفيد بضرورة تغيير بحثها علي مشروع جديد!! لم يحمل الخطاب أي مبررات... فقط ، عليها أن تنجز مشروع دكتوراه جديد في 9 أشهر. كادت تلك المفاجأة أن تعصف بكل آمالها وطموحاتها فبدأت تعمل من جديد علي مدار الساعة لتسابق الزمن وخلال تلك الفترة ذاع صيت المجس متعدد الاستخدامات الذي ابتكرته فتلقت دعوة في عام 99م من مستشفي السرطان بكندا لإجراء التجارب عليه وقضت معهم شهراً ثم عادت لإتمام الفصل الأخير من رسالة الدكتوراه.
وتتجدد المعاناة والصراع و يتم إشعارها بمفاجأة أخري مفزعة وهي انتهاء المنحة وكانت بحاجة ل 7 أشهر إضافية علي الأقل لإتمام رسالتها فبدأت تنقل معاناتها إلي المسؤولين في أرض الوطن حيث نشرت إحدي الصحف السعودية رسالتها... ولم يخب ظنها في وطنها الحبيب الغالي ، فبمجرد وصول الخبر لصاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز استقبلت اتصالاً يفيد بتكفل الدولة بتغطية الفترة المتبقية من دراستها، وقد حملتها تلك البادرة مسؤولية كبيرة لكي تثبت أنها أهل لتلك الثقة.
رسالة الدكتوراه: دراسات متقدمة في أدوات القياس الكهرومغناطيسية والصوتية
رسالة الدكتوراه كانت عبارة عن دراسات متقدمة في أدوات القياس الكهرومغناطيسية والصوتية وقد صنفها البروفيسور الذي ناقشها آنذاك بأنها خمس رسائل في رسالة لأنها ومن خلال تشعب دراساتها في مجالات علمية مختلفة تطرقت إلي تخصصات عديدة، وفي يوم المناقشة حضر البروفيسور يحمل معه الرسالة وبين صفحاتها قواطع عديدة، وقبل أن تسأله عنها بادرها بالسؤال: هل تعرفين يا حياة ما كل هذه القواطع التي أضعها بين صفحات رسالتك؟ أجابت: لا!! ... فقال: لقد التقيت بعدد من العلماء المختصين في كل مجال تطرقت إليه في رسالتك ومن نقاشي معهم وضعنا لكِ أسئلة دقيقة لتكشف لنا إجاباتك إذا ما كنتِ أنتِ فعلاً من كتب هذه الرسالة.
كان من المفترض أن تستغرق جلسة المناقشة ساعة ونصف الساعة إلا انها استغرقت أربع ساعات كاملة خرجت منها تترقب النتيجة والقلق يسكن كل ذرة في جسدها... لم تشعر بتلك الساعات الطويلة التي قضتها في مناقشة الرسالة بقدر ماشعرت بطول الدقائق الخمس الفاصلة بين خروجها من القاعة وبين وصول كلمة (مبروك، لقد تم إجازة رسالتك) وقلدها البروفيسور وساماً ثميناً بكلمات التهنئة قائلاً : لقد فتحت يا حياة نافذة جديدة للعلماء لفهم العلوم.
في هذه اللحظة وبعد الحصول علي الدكتوراه قالت في نفسها هذه ليست النهاية بل هي البداية.
جهاز (مارس):
هو خلاصة أبحاثها وتجاربها، فمن خلال عملها في مجال الأدوية وتفاعلاتها داخل جسم الانسان ،ومن خلال العمل في مشاريع بحثية لحماية البيئة وقياس الغازات السامة، وعملها علي دراسة شريحة الجينات والحمض النووي DNA والأمراض الوراثية، وجدت من كل ذلك أن المجسات المتوفرة إما أنها معقدة للغاية وضخمة أو أنها تفتقد للدقة... فمثلاً المجسات الخاصة بالحمض النووي عند استخدامها لمعرفة ما إذا كانت الحالة تؤهلها جيناتها للإصابة بمرض السكري لاتتجاوز نسبة دقتها 25% ، فعملت أيضاً علي اختراع مجس آخر لرفع هذه النسبة إلي 99،10%
وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) ظلت تلاحقها ثلاث سنوات :
عن طريق مشاركاتها في المؤتمرات الدولية، ترسل وكالة ناسا عادة علماء إلي هذه المؤتمرات دورهم البحث عن العقول والإنجازات التي قد تخدمهم في مجال عملهم... ومن هنا تمت دعوتها وقضت معهم أسبوعين تلقت بعدها عرضاً مغرياً للعمل معهم ولكنها كانت آنذاك في السنة الثانية من الإعداد لأطروحة الدكتوراه فرفضت لرغبتها في استكمال دراستها في (كيمبردج)... كما أنها شعرت بأن التزامها مع (ناسا) يعني قطع خط العودة إلي وطنها لأن الأبحاث هناك تستغرق سنوات طويلة كما أن الإمكانيات والتكنولوجيا المسخرة لخدمة البحث العلمي متقدمة جداً.
تلقت الدكتورة حياة دعوة أخري وهي زيارتها لمعامل (سانديا لاب) في تكساس والتي تعد من أشهر المعامل في العالم، وتعتبرها الأهم في مشوارها... فقد أتاحت لها التعرف علي المقر الذي تجري فيه أكثر الأبحاث أهمية وحساسية لأمريكا وللعالم في مختلف المجالات، وتضم هذه المعالم نخبة من أفضل العلماء الذين اعتبرت لقاءها بهم في حد ذاته حلما... و تلقت عرضاً منهم للانضمام لهم مؤكدين أنه لايوجد في معاملهم شخص بخبرتها في مجالها فقد كانت شهادة كبيرة جداً بالنسبة لها. ورغم ذلك رفضت هذا العرض ومغرياته.
وعن سبب رفض هذا العرض المغري يرجع إلي هدف نبيل يكمن في أصول الدكتورة حياة وعقيدتها الإسلامية وهي أنها ترفض استغلال أبحاثها وعملها في الأغراض الحربية.
دعيت في عام 99م لعضوية (مجموعة العلماء الشبان الأكثر تفوقاً في بريطانيا) والتي تتبع لمجلس العموم البريطاني وكان الهدف من تكوين تلك المجموعة هو استشارتها في تطوير العلوم ووضع آليات للمحافظة علي العقول من الهجرة، وذلك بالاجتماع مع الوزراء والمسؤولين.
تجربة التدريس:
بدأت بالعمل منذ المرحلة الجامعية في (كينجز كوليدج) لتتمكن من تغطية تكاليف دراستها، فقدمت دورة في اللغة العربية لموظفي البنوك بهدف تمكينهم من القراءة والكتابة بالعربية ومساعدتهم علي التواصل مع عملائهم العرب.
كانت لها تجربة فريدة جداً عام 97 - 98م في (كيمبردج) حيث تلقت اتصالا من عميد كلية طبية جديدة ينوي طلابها التخصص بالطب دون أن تكون لديهم خلفية علمية سابقة، فبعضهم يحمل درجات علمية في التاريخ أو علم الاجتماع أو غير ذلك إلا أنهم قرروا أن يتحولوا لدراسة الطب ولن تقبلهم أي جامعة قبل أن تصبح لديهم خلفية علمية تؤهلهم لذلك، علماً بأن أمامهم وأمامها شهراً واحداً فقط قبل أن يتقدموا لاختبار البورد الأمريكي، وإذا فشلوا ستفشل تجربة الكلية ويتم إغلاقها... استفزتها التجربة والمغامرة واشترطت لكي تقبل بهذه المهمة التي تتضمن منصب نائب عميد الكلية بالإضافة للتدريس أن لا تتقاضي مقابلاً إلا إذا نجح الطلاب بالفعل... وكانت أول دفعة عبارة عن طالبين بدأت معهما حصصاً مكثفة مرتين يومياً ووجدت منهما تجاوباً وجدية كبيرة فقدمت كل ما عندها وبذلوا قصاري جهدهم وغادروا لتقديم الاختبار... وبعد ثلاثة أشهر تقريباً وصلتها نتيجة نجاحهم عبر البريد الإلكتروني... فنجحت التجربة واستمر عمل الكلية وازداد عدد الطلاب في الدورة الثانية إلي 70 طالباً خاضت معهم نفس التحدي وتخرجوا اليوم جميعاً كأطباء
إيلاف عن ص الراية القطرية
*** رفضت استغلال أبحاثها وعملها في الأغراض الحربية
*** تعشق القراءة وفك طلاسم القصص والروايات
*** رفضت عروضاً مغرية وتعرفها إسرائيل أكثر من ابنائها
*** حفظت القرآن كاملاً خلال العام الأول من دراستها في لندن
عالمة عربية سعودية اعطت نموذجاً مشرفاً للمرأة العربية التي نادراً ما نجد مثلها في هذا الزمان التي حافظت علي هويتها العربية والإسلامية رغم الصعوبات التي واجهتها في الغرب. الدكتورة حياة سندي التي تعرفها إسرائيل أكثر من أبناء وطنها. والتي رفضت عروضاً مغرية وآثرت أن تفيد أبناء وطنها العربي بجميع جنسياته.
كانت في طفولتها تطلق العنان لخيالها... فتري نفسها تارة رائدة للفضاء، وأخري عالمة ومخترعة شهيرة... وتقول: "كانت لعبتي المفضلة وخلوتي التي أحلق في سمائها لأتلمس حلمي البعيد، ثم تخرج منها لتسأل والدها هل الأبطال الذين حققوا كل هذه الإنجازات العلمية المبهرة استثناءات؟ هل هم مثلنا؟ وكيف أصبح مثلهم وأقدم إنجازاً يخدم البشرية؟ فكان يجيبها: بالعلم يا ابنتي يحقق الإنسان ما يطمح إليه ويخلد اسمه في سجلات التاريخ ".
ومن تلك الإجابة عرفت طريقها لتحقيق حلمها وبدأت تتأهب لخطوتها الأولي التي تصفها قائلة: "أسعد أيام طفولتي كان يومي الدراسي الأول فبينما تصاحب دموع الخوف والرهبة الأطفال في ذلك اليوم، كانت السعادة تغمرني... واخترت أن أرتدي أجمل فساتيني بدلاً عن الزي المدرسي... كيف لا؟! وأنا أشعر أنني من هنا قد أصبح مثل الأبطال الذين عاشوا معي في خلوتي... الخوارزمي... الرازي... ابن الهيثم... ابن سيناء... الحازم... ماري كوري... أنشتاين... إسحاق نيوتن... جابر بن حيان .... الموسي، أخيراً سأسير علي دربكم".
وتضيف: "اليوم أدرك معني مقولة ان الخيال أهم من العلم فكل الإنجازات العلمية العظيمة بدأت بلحظات يمتزج فيها الخيال مع الواقع إلي أن تتبلور الفكرة ويتضح الهدف مع نضج الإنسان ومحاولته وإصراره".: المحطة الأولي الدراسة في الابتدائية الثامنة بالرياض.
كانت تختار أن تجلس في الصف الأول عرف عنها التفوق حبها لزميلاتها وكانت تسعي إلي رفع تحصيلهم العلمي ولا تميل إلي تعريف شخصيتها بالقيادية ولكن المسؤولية التي كانت تدفعها إلي أن لا تستأثر بالعلم والتفوق وحدها فكانت لا تريد أن تري إحدي زميلاتها متأخرة في تحصيله كانت تعشق القراءة منذ أن تعلمتها وكان والدها يشجعها علي ذلك فيضع أمامها الصحف والمجلات ويساعدها علي قراءة الكتب وفك طلاسم القصص والروايات ولا يمل من الأسئلة التي تطرحها عليه... من القراءة تشكلت أحلامها ومن إجابات والدها عرفت كيف تحولها لواقع غير بعيد".
واصلت حياة تفوقها إلي أن تخرجت من الثانوية العامة بمعدل مرتفع لتحدد خطوتها القادمة.حصلت علي 98% من القسم العلمي اتجهت مباشرة إلي كلية الطب وكانت تتسلل إلي الكتب فعندما كانت في سنة أولي طب حصلت علي كتب قريباتها في السنتين الثالثة والرابعة لتجد ضالتها المنشودة، فقد عشقت من كتبهم (علم الأدوية) الذي شعرت أنه يقف وراء الاكتشافات التي تخدم الإنسانية ولسوء الحظ لم تجد بالجامعات السعودية قسماً يختص بتدريس هذا العلم الذي يدرسه طلبة الطب بشكل جزئي ضمن التخصصات الطبية للتعرف علي الأدوية وتفاعلاتها وأعراضها الجانبية.
وقد اختارته كمجال تخصص، فلم يكن أمامها سوي إقناع أسرتها بالسفر لدراسته وقد استغرقت محاولات إقناعهم والترتيبات اللازمة للسفر عامين تقريباً اتجهت بعدها إلي لندن".
المحطة الثانية: السفر إلي لندن
وصلت حياة إلي لندن وهي تحمل في حقيبتها لغة انجليزية ضعيفة وخلفية علمية لا تؤهلها للقبول بأي جامعة، فكيف تغلبت علي ذلك فقد أرادت فرصة فقط، وعلمت أن عليها أن تحصل علي الثانوية البريطانية أولاً فتقدمت للتسجيل وقوبل طلبها بالرفض لضعف لغتها الإنجليزية لكن أمام إصرارها ووعدها بأن تتكفل بتقوية لغتها الإنجليزية تم قبولها كانت تدرس يومياً مابين 18 إلي 20 ساعة في مرحلة لا تتذكر أنها تمتعت بليلة واحدة بالنوم العميق لفرط قلقها وخشيتها من الفشل... ونجحت في الاختبارات نجاح أهلها للحصول علي قبول غير مشروط في جميع الجامعات التي تقدمت لها والتحقت بجامعة ( كينجز كوليدج ) ".
كانت أمام تحديات عديدة علي الصعيد الشخصي والعلمي فأما الشخصي فقد بدأت مواجهة الغربة التي تغلبت عليها بالاستئناس بكتاب الله وحفظت القرآن كاملاً خلال العام الأول من دراستها الجامعية لتجعله ربيع قلبها ولتثبت أيضاً لمن يتهم الفتاة المغتربة من أجل العلم بأنها ستقع فريسة للمغريات أنه مخطئ، فما يحول بيننا وبين ارتكاب الخطايا هو الخوف من اللَّه وهي تؤمن بأن اللَّه موجود في كل مكان وأن شخصيتنا هي التي تتحكم بالظروف المحيطة بنا وليس العكس.
وعلي الصعيد العلمي أتيحت لها في العام الثاني فرصة فريدة لتأسيس مختبر للأمراض الصدرية بتوجيه من الأميرة (آن) حيث وصل عقار جديد من ألمانيا وأجروا عليه أبحاثاً وتجارب لفهم تركيبته وعمله في جسم الإنسان وحققت إنجازاً علمياً بتقليص جرعته...وهي لا تعتبر ذلك أول إنجازاتها في حقل العلوم فحسب، بل لقد كانت تلك التجربة وراء نقلة جديدة في حياتها".
خصصت دراساتها في مجال (التقنية الحيوية) التي بسطت شرحها قائلة: "هذا العلم لو أردنا تبسيطه سنجد أنه يعود إلي 4000 سنة قبل الميلاد فاستخدام نوع من الخميرة للحصول علي الخبز يعتبر (تقنية حيوية) وكذلك استخدام بعض أنواع البكتيريا لتحويل الحليب إلي منتجات ألبان وهذه المحاولات المتعددة قائمة بأشكال مختلفة منذ زمن بعيد... انه ببساطة تسخير الكائنات المجهرية الدقيقة كالبكتيريا لفائدتنا، كما يتضمن أجهزة القياس والابتكارات التي تساعدنا علي الاكتشاف وفهم العلوم واستيعابها فنفهم عن طريقها علي سبيل المثال آلية عمل الدواء وأثره علي الإنسان، ويخدم تطوير تلك الأجهزة الإنسان العادي فيوفر أجهزة قياس بسيطة للاستخدام المنزلي مثل جهاز قياس السكر في الدم والذي استغرق وصوله إلي هذه الدرجة من البساطة في الاستخدام 25 عاماً من الأبحاث "
التقنية الحيوية تخصص لا يدرس إلا كدراسات عليا لذلك اختارته في مرحلة الدكتوراه بعد أن حصلت علي شهادتها الجامعية مع مرتبة الشرف من جامعة (كينجز كوليدج)... اختارته وهي علي يقين بأن من ينجح في التحكم بالتقنية الحيوية ينجح بالتحكم في العالم وتسخير موارده لحياة أفضل، فالتقنية الحيوية اليوم مفتاح النهضة العلمية والاقتصادية ".
المحطة الرابعة: مرحلة الصراعات والإنجازات
هي مرحلة الصراعات والإنجازات خلال السنوات التحضيرية لرسالة الدكتوراه في جامعة (كيمبردج) ووصفتها بأنها عبارة عن خمس سنوات من الصراعات والتحديات التي بدأت من اليوم الأول، فبعد انتسابها لها كأول سعودية تحصل علي منحة دراسية من جامعة (كيمبردج) لتحضير أطروحة الدكتوراه في مجال التقنية الحيوية، استقبلها أحد العلماء بصرخة مفزعة قائلاً (فاشلة، فاشلة، فاشلة... ما لم تتخل عن حجابها ومظهرها وأكد لها بأنه خلال ثلاثة أشهر فقط ستذوب شخصيتها في المجتمع الغربي وتصبح مثلهم، فلابد من الفصل بين العلم والدين، وأعطي لها مثالاً مع إحدي المسلمات من شرق آسيا فقد تخلت عن الحجاب بعد فترة قصيرة)... عبارته أصابتها بالصدمة لكنها شكرته، فالتحدي الذي خلقه بداخلها دفعها للإصرار علي الالتزام بشكلها ومظهرها وهويتها لتثبت له أن العلم لا يتعارض مطلقاً مع الدين الإسلامي، وخلال الثلاثة أشهر الأولي تبدلت تلك العبارات الهجومية إلي احترام كبير من جميع منسوبي الجامعة حتي انهم فيما بعد وخلال شهر رمضان كانوا يمتنعون عن تناول الطعام أمامها ويؤجل بعضهم وجبة الغداء إلي موعد إفطارها".
تسجيل سبق جديد للدكتورة حياة:
كانت أصغر طالبة ترسلها الجامعة بعد أربعة أشهر فقط من بدء الدراسة لحضور مؤتمر علمي، وللاستدراك لم ترسلها الجامعة من تلقاء نفسها.
لأنه لكل طالبة في مرحلة الدكتوراه الحق بتقديم ورقة عمل في مؤتمر عالمي لتسجل لها في سيرتها الذاتية، وعادة ماتتكفل (كيمبردج) بذلك في العام الثالث أو قبيل مغادرة الطالب للجامعة حتي يكون مؤهلاً ولديه مايمكن تقديمه وتقديره في مؤتمر عالمي يمثل فيه الصرح العلمي المرموق (كيمبردج)، ولكن في الأشهر الأولي لها بالجامعة وتحديداً في عام 96م كانت تعمل علي ابتكار جهاز لقياس أثر نوع من أنواع المبيدات الحشرية علي الدماغ وحققت نتائج مبهرة دفعتها لتقديم بحثها لمؤتمر (جوردن) للبحوث في بوستن والذي يتناول الموجات الصوتية، وتم قبول بحثها فأبلغت الجامعة التي واجهت طلبها بالرفض لعدم استعدادها التكفل بتكاليف حضورها للمؤتمر في هذا الوقت المبكر... فسألتهم : ماذا لو كانت الجهة المنظمة علي استعداد لتغطية التكاليف؟ هل تمانعون؟... علت وجوههم علامات الدهشة وأجابوا : بالتأكيد نبارك إذن ذهابك وتمثيلك للجامعة في هذا المؤتمر... وبالفعل ذهبت وكانت أصغر المشاركين، وحظيت ورقتها باهتمام وإعجاب بالغين من نخبة العلماء الذين تواجدوا في المؤتمر".
حرص أولياء الأمر علي احتضان مسيرة أبناء وبنات الوطن العلمية:
لم ينته الصراع إلي هذا الحد بل واجهت وهي علي مشارف الانتهاء من رسالة الدكتوراه، حيث تبقي لها من منحة ( كيمبردج ) 9 أشهر فقط ووصلها خطاب من عميد الجامعة يفيد بضرورة تغيير بحثها علي مشروع جديد!! لم يحمل الخطاب أي مبررات... فقط ، عليها أن تنجز مشروع دكتوراه جديد في 9 أشهر. كادت تلك المفاجأة أن تعصف بكل آمالها وطموحاتها فبدأت تعمل من جديد علي مدار الساعة لتسابق الزمن وخلال تلك الفترة ذاع صيت المجس متعدد الاستخدامات الذي ابتكرته فتلقت دعوة في عام 99م من مستشفي السرطان بكندا لإجراء التجارب عليه وقضت معهم شهراً ثم عادت لإتمام الفصل الأخير من رسالة الدكتوراه.
وتتجدد المعاناة والصراع و يتم إشعارها بمفاجأة أخري مفزعة وهي انتهاء المنحة وكانت بحاجة ل 7 أشهر إضافية علي الأقل لإتمام رسالتها فبدأت تنقل معاناتها إلي المسؤولين في أرض الوطن حيث نشرت إحدي الصحف السعودية رسالتها... ولم يخب ظنها في وطنها الحبيب الغالي ، فبمجرد وصول الخبر لصاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز استقبلت اتصالاً يفيد بتكفل الدولة بتغطية الفترة المتبقية من دراستها، وقد حملتها تلك البادرة مسؤولية كبيرة لكي تثبت أنها أهل لتلك الثقة.
رسالة الدكتوراه: دراسات متقدمة في أدوات القياس الكهرومغناطيسية والصوتية
رسالة الدكتوراه كانت عبارة عن دراسات متقدمة في أدوات القياس الكهرومغناطيسية والصوتية وقد صنفها البروفيسور الذي ناقشها آنذاك بأنها خمس رسائل في رسالة لأنها ومن خلال تشعب دراساتها في مجالات علمية مختلفة تطرقت إلي تخصصات عديدة، وفي يوم المناقشة حضر البروفيسور يحمل معه الرسالة وبين صفحاتها قواطع عديدة، وقبل أن تسأله عنها بادرها بالسؤال: هل تعرفين يا حياة ما كل هذه القواطع التي أضعها بين صفحات رسالتك؟ أجابت: لا!! ... فقال: لقد التقيت بعدد من العلماء المختصين في كل مجال تطرقت إليه في رسالتك ومن نقاشي معهم وضعنا لكِ أسئلة دقيقة لتكشف لنا إجاباتك إذا ما كنتِ أنتِ فعلاً من كتب هذه الرسالة.
كان من المفترض أن تستغرق جلسة المناقشة ساعة ونصف الساعة إلا انها استغرقت أربع ساعات كاملة خرجت منها تترقب النتيجة والقلق يسكن كل ذرة في جسدها... لم تشعر بتلك الساعات الطويلة التي قضتها في مناقشة الرسالة بقدر ماشعرت بطول الدقائق الخمس الفاصلة بين خروجها من القاعة وبين وصول كلمة (مبروك، لقد تم إجازة رسالتك) وقلدها البروفيسور وساماً ثميناً بكلمات التهنئة قائلاً : لقد فتحت يا حياة نافذة جديدة للعلماء لفهم العلوم.
في هذه اللحظة وبعد الحصول علي الدكتوراه قالت في نفسها هذه ليست النهاية بل هي البداية.
جهاز (مارس):
هو خلاصة أبحاثها وتجاربها، فمن خلال عملها في مجال الأدوية وتفاعلاتها داخل جسم الانسان ،ومن خلال العمل في مشاريع بحثية لحماية البيئة وقياس الغازات السامة، وعملها علي دراسة شريحة الجينات والحمض النووي DNA والأمراض الوراثية، وجدت من كل ذلك أن المجسات المتوفرة إما أنها معقدة للغاية وضخمة أو أنها تفتقد للدقة... فمثلاً المجسات الخاصة بالحمض النووي عند استخدامها لمعرفة ما إذا كانت الحالة تؤهلها جيناتها للإصابة بمرض السكري لاتتجاوز نسبة دقتها 25% ، فعملت أيضاً علي اختراع مجس آخر لرفع هذه النسبة إلي 99،10%
وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) ظلت تلاحقها ثلاث سنوات :
عن طريق مشاركاتها في المؤتمرات الدولية، ترسل وكالة ناسا عادة علماء إلي هذه المؤتمرات دورهم البحث عن العقول والإنجازات التي قد تخدمهم في مجال عملهم... ومن هنا تمت دعوتها وقضت معهم أسبوعين تلقت بعدها عرضاً مغرياً للعمل معهم ولكنها كانت آنذاك في السنة الثانية من الإعداد لأطروحة الدكتوراه فرفضت لرغبتها في استكمال دراستها في (كيمبردج)... كما أنها شعرت بأن التزامها مع (ناسا) يعني قطع خط العودة إلي وطنها لأن الأبحاث هناك تستغرق سنوات طويلة كما أن الإمكانيات والتكنولوجيا المسخرة لخدمة البحث العلمي متقدمة جداً.
تلقت الدكتورة حياة دعوة أخري وهي زيارتها لمعامل (سانديا لاب) في تكساس والتي تعد من أشهر المعامل في العالم، وتعتبرها الأهم في مشوارها... فقد أتاحت لها التعرف علي المقر الذي تجري فيه أكثر الأبحاث أهمية وحساسية لأمريكا وللعالم في مختلف المجالات، وتضم هذه المعالم نخبة من أفضل العلماء الذين اعتبرت لقاءها بهم في حد ذاته حلما... و تلقت عرضاً منهم للانضمام لهم مؤكدين أنه لايوجد في معاملهم شخص بخبرتها في مجالها فقد كانت شهادة كبيرة جداً بالنسبة لها. ورغم ذلك رفضت هذا العرض ومغرياته.
وعن سبب رفض هذا العرض المغري يرجع إلي هدف نبيل يكمن في أصول الدكتورة حياة وعقيدتها الإسلامية وهي أنها ترفض استغلال أبحاثها وعملها في الأغراض الحربية.
دعيت في عام 99م لعضوية (مجموعة العلماء الشبان الأكثر تفوقاً في بريطانيا) والتي تتبع لمجلس العموم البريطاني وكان الهدف من تكوين تلك المجموعة هو استشارتها في تطوير العلوم ووضع آليات للمحافظة علي العقول من الهجرة، وذلك بالاجتماع مع الوزراء والمسؤولين.
تجربة التدريس:
بدأت بالعمل منذ المرحلة الجامعية في (كينجز كوليدج) لتتمكن من تغطية تكاليف دراستها، فقدمت دورة في اللغة العربية لموظفي البنوك بهدف تمكينهم من القراءة والكتابة بالعربية ومساعدتهم علي التواصل مع عملائهم العرب.
كانت لها تجربة فريدة جداً عام 97 - 98م في (كيمبردج) حيث تلقت اتصالا من عميد كلية طبية جديدة ينوي طلابها التخصص بالطب دون أن تكون لديهم خلفية علمية سابقة، فبعضهم يحمل درجات علمية في التاريخ أو علم الاجتماع أو غير ذلك إلا أنهم قرروا أن يتحولوا لدراسة الطب ولن تقبلهم أي جامعة قبل أن تصبح لديهم خلفية علمية تؤهلهم لذلك، علماً بأن أمامهم وأمامها شهراً واحداً فقط قبل أن يتقدموا لاختبار البورد الأمريكي، وإذا فشلوا ستفشل تجربة الكلية ويتم إغلاقها... استفزتها التجربة والمغامرة واشترطت لكي تقبل بهذه المهمة التي تتضمن منصب نائب عميد الكلية بالإضافة للتدريس أن لا تتقاضي مقابلاً إلا إذا نجح الطلاب بالفعل... وكانت أول دفعة عبارة عن طالبين بدأت معهما حصصاً مكثفة مرتين يومياً ووجدت منهما تجاوباً وجدية كبيرة فقدمت كل ما عندها وبذلوا قصاري جهدهم وغادروا لتقديم الاختبار... وبعد ثلاثة أشهر تقريباً وصلتها نتيجة نجاحهم عبر البريد الإلكتروني... فنجحت التجربة واستمر عمل الكلية وازداد عدد الطلاب في الدورة الثانية إلي 70 طالباً خاضت معهم نفس التحدي وتخرجوا اليوم جميعاً كأطباء
إيلاف عن ص الراية القطرية