عبد الرؤوف
02-24-2009, 09:03 PM
علماء عرب - وضع اختبارات رياضية لقياس مقاومة الطائرات وهياكلها... المصري بازرجي رائد في علم «مقاومة المواد» وتقنياتها
يقع الباحث في سجلات دوائر البحوث والمعلومات والاختراعات في كندا، على لائحة طويلة من الأسماء الكندية -العربية جلّها من الرعيل الأول من المهاجرين العرب إلى تلك البلاد. وقد اشتهر ذلك الرعيل بوفرة إنجازاته العلمية والتكنولوجية والصناعية وغيرها. ويلفت أن هذا الجيل من الرواد ما زال يعمل في خدمة البلد المضيف الذي هيأ له مقومات البقاء والاستمرار والنجاح، وجعله أيضاً مثار فخر في أوطانه الأم، بسبب من إنجازاته في العلوم والتكنولوجيا. ويعطي المصري - الكندي أندريه بازرجي نموذجاً قوياً من الرعيل الأول من المهاجرين العرب إلى كندا.
وأكمل بازرجي دراسته الإبتدائية والثانوية في القاهرة. وهاجر إلى كندا في عام 1957 حيث تابع دراسته الجامعية في علوم الهندسة الميكانيكية في جامعة مونتريال فرع بوليتكنيك. وتخرج فيها سنة 1963. وبسبب تفوقه، حصل على منحة تعليمية من مؤسسة «أثلون» Athlone البريطانية، ما هيّأ له نيل شهادة الدكتوراه من جامعة شيفلد Sheffield الإنكليزية عام 1966.
بدايات واعدة
وفي السنة عينها، عاد بازرجي إلى كندا، حيث عُيّن أستاذاً في كلية الهندسة الميكانيكية وبقي في ذلك المعهد، الذي يعتبر من المؤسسات العلمية الأكثر تقدّماً في كندا، لمدة 32 سنة. وتدرّج خلالها من أستاذ جامعي إلى باحث متخصص في موضوع مقاومة المواد Material Resistance، التي يرجع إليه إدخالها في المناهج الجامعية الكندية. ووصل إلى منصب مدير عام لكلية الـ «بوليتكنيك». وخلال تلك السنوات أيضاً، استطاع أن يصبح واحداً من ألمع الشخصيات الأكاديمية والعلمية وأكثرها شهرة في الأوساط الجامعية والتكنولوجية والصناعية في كندا إذ ترأس عدداً من مجالس البحوث ولجان الدراسات الكيبيكية والكندية، وشارك في مجموعة كبيرة منها أيضاً. وحاز عدداً من جوائز التقدير المعنوية والمادية. فقد شغل منصب رئيس «المجلس الوطني للعمداء والعميدات في كليات العلوم التطبيقية في كندا». وترأّس لجنة «عمداء المهندسين في كيبيك». ونال عضوية المجلس العلمي في كيبيك المتخصّص في دراسة موازنة البحوث التكنولوجية، والذي يشرف أيضاً على لجان التحكيم للصناعات المعدنية و«اللجنة الملكية للعلوم والتكنولوجيا» و«لجنة تقويم المواد والصناعات المعدنية» في مقاطعة انتاريو. وعمل خبيراً لدى «المجلس الاستشاري للعلوم والتكنولوجيا» التابع لرئيس وزراء كندا. وفي عام 1977، حصل على جائزة من «المعهد الكندي للمهندسين»، فكان أول عربي ينالها. وحينها، نوّه المعهد بإنجازات بازرجي في بحوث الهندسة الميكانيكية وأقرّ بأهمية خدماته تربوياً ومهنياً.
ومنح شهادة دكتوراه فخرية من جامعة «كونكورديا» الكندية عام 1988. وفي عام 1991، نال جائزة الاستحقاق من «جمعية البحوث الصناعية»، وجائزة التقدير العلمي من المدرسة التكنولوجية العليا في مونتريال. وكذلك ترأّس «جمعية المهندسين الكنديين». وتشير الوثائق المحفوظة في كلية الـ «بوليتكنيك» إلى مجمل هذه الجوائز والمناصب، معلّقة عليها بعبارة تقول: «كان أندريه بازرجي واحداً من ألمع أساتذتها وأكفأ من تسلم إدارتها وأول من أحدث تغييراً جذرياً في مناهجها الهندسية وأعلى مكانتها العلمية والتكنولوجية لتصبح في عهده أحد أشهر الصروح الجامعية في كندا والعالم».
من بوليتكنيك إلى كرياك
لم تُثن إحالة بازرجي إلى التقاعد عام 1998 هذا العالِم عن ممارسة بحوثه العلمية واستثمار ما يختزن من خبرات هندسية وصناعية وتكنولوجية. فقد تربع منذها، على رأس «مُجمّع البحوث والاختراعات في علوم الفضاء الجوي» Consortium de recherché et d,Innovation en Aerospatial au Quebec.. ويشتهر باسمه المختصر «سيرياك» CRIAQ، ومقرّه كيبيك. ويضم المُجمّع نخبة من المهندسين والباحثين والجامعيين ويتعامل مع 32 مؤسسة لصناعة المواد والمعادن داخل كندا وخارجها، من بينها شركات عالمية للطائرات مثل «بومباردي» و«بريتي اند ويتني» و«رولس رايس» و«بيل هليكوبتر». وكذلك ينسّق بحوثه مع عدد من الجامعات مثل «كونكورديا» و«أوكام» و«لافال» و«ماكغيل» و«بوليتكنيك» و«شريروك» وغيرها.
ويتولى بازرجي مهمة التخطيط والإشراف والتنسيق بين هذه الشركات والجامعات، وكذلك التدقيق في صلاحية المشاريع العلمية التي تعمل عليها وموازناتها المالية وغيرها. ويشرف بازرجي على تأهيل عدد كبير من طلاب الهندسة الميكانيكية وإعدادهم وتدريبهم، من بينهم 104 طلاب جامعيين و71 طالب ماجستير و33 طالب دكتوراه. وتضم صفوفه مجموعة من الطلاب العرب الذين «يتميزون بذكاء حاد وكفاءة علمية مذهلة» على حد تعبيره.
وأثناء لقائه مع «الحياة»، تحدث بازرجي عن أهم إنجازاته المسجلة لدى الشركات والمؤسسات الكندية والأميركية. وشدّد على أنها تتمحور على تكنولوجيا «مقاومة المواد» التي تدخل في صناعة أواني الضغط وخزاناتها. وأشار إلى إنه ابتكر طريقة رياضية لاختبار المواد Materials Testing «تعتمد على قياس مجموعة من العوامل تتناول مكونات المادة ومدى مقاومتها للتغيرات الداخلية والخارجية». وتشمل بحوثه سائر المواد المعدنية والبلاستيكية والسيراميك والزجاج وغيرها، مما يستخدم في البناء والصناعات المتنوعة الأخرى. وتخضع تلك المواد جميعها إلى اختبارات ميكانيكية لقياس قدرتها على مقاومة التصدع والتشويه والشد والضغط والمرونة والصلابة والقص والليونة وتحملها لتفاوت درجات الحرارة ومقاومتها للتآكل بفعل التغيرات المناخية والبيئية ومتانة جوانبها الداخلية والخارجية لمنع تسرب السوائل منها.
وأنجز بازرجي مجموعة من تلك الاختبارات، خصوصاً بالنسبة الى المواد في صناعة الطائرات من الداخل والخارج كالهياكل والمحركات والأجهزة الإلكترونية وخزانات الوقود والمقاعد والأحزمة والإضاءة وغيرها. وأوضح أن تلك الاختبارات تعتمدها حالياً «المنظمة العالمية للمعايير» - – International Organisation for Standardization (واسمها المختصر هو«إيزو» ISO) و«الجمعية الأميركية لاختبار المواد» American Society for Testing and Materials.
ويعتبر كتاب بازرجي «مقاومة المواد» Resistance des Materiaux بمثابة الدليل النظري والعملي لمجمل إنجازاته الأكاديمية والعلمية والصناعية. وكذلك يعتبر ذلك المؤلّف مرجعاً أساسياً لطلاب الهندسة الميكانيكية والباحثين، نظراً الى ما يشتمل عليه من تقنيات متطورة لحل مشكلات التصنيع، إضافة الى تطبيقات عملانية للكثير من النماذج المستعملة في الصناعات المختلفة. ويقع الكتاب المنشور باللغة الفرنسية في 700 صفحة. وأُعيدت طباعته ثلاث مرات آخرها في عام 2003. حاز الكتاب جائزة «المؤسسة الفرنسية للبحوث- روبرفال». وينكبّ بازرجي حالياً على ترجمته إلى اللغة الانكليزية. يذكر ان بازرجي نشر قرابة 150 بحثاً علمياً وصناعياً في مجلة «الجمعية العلمية الأميركية للهندسة الميكانيكية»American Society for Mecanic Engireeng
وترأس عدداً من المؤتمرات الدولية في مصر والصين واليابان وأميركا وأوروبا. وألقى سلسلة من المحاضرات العلمية، كان أخرها في قاعة بوليتكنيك وحملت عنوان: «تعليم مقاومة المواد – مقاربة كندية أميركية» نقلت في بث مباشر إلى جامعة «كومبانيه» في فرنسا.
وإضافة الى ما تقدّم، يعمل بازرجي أيضاً متطوعاً في دائرة الهجرة في كيبيك كخبير ومستشار في ما يتعلق باعتراف الشهادات العلمية الجامعية الأجنبية وتسهيل السبل لحامليها من الانخراط في سوق العمل. - 24/02/09// ص الحياة
يقع الباحث في سجلات دوائر البحوث والمعلومات والاختراعات في كندا، على لائحة طويلة من الأسماء الكندية -العربية جلّها من الرعيل الأول من المهاجرين العرب إلى تلك البلاد. وقد اشتهر ذلك الرعيل بوفرة إنجازاته العلمية والتكنولوجية والصناعية وغيرها. ويلفت أن هذا الجيل من الرواد ما زال يعمل في خدمة البلد المضيف الذي هيأ له مقومات البقاء والاستمرار والنجاح، وجعله أيضاً مثار فخر في أوطانه الأم، بسبب من إنجازاته في العلوم والتكنولوجيا. ويعطي المصري - الكندي أندريه بازرجي نموذجاً قوياً من الرعيل الأول من المهاجرين العرب إلى كندا.
وأكمل بازرجي دراسته الإبتدائية والثانوية في القاهرة. وهاجر إلى كندا في عام 1957 حيث تابع دراسته الجامعية في علوم الهندسة الميكانيكية في جامعة مونتريال فرع بوليتكنيك. وتخرج فيها سنة 1963. وبسبب تفوقه، حصل على منحة تعليمية من مؤسسة «أثلون» Athlone البريطانية، ما هيّأ له نيل شهادة الدكتوراه من جامعة شيفلد Sheffield الإنكليزية عام 1966.
بدايات واعدة
وفي السنة عينها، عاد بازرجي إلى كندا، حيث عُيّن أستاذاً في كلية الهندسة الميكانيكية وبقي في ذلك المعهد، الذي يعتبر من المؤسسات العلمية الأكثر تقدّماً في كندا، لمدة 32 سنة. وتدرّج خلالها من أستاذ جامعي إلى باحث متخصص في موضوع مقاومة المواد Material Resistance، التي يرجع إليه إدخالها في المناهج الجامعية الكندية. ووصل إلى منصب مدير عام لكلية الـ «بوليتكنيك». وخلال تلك السنوات أيضاً، استطاع أن يصبح واحداً من ألمع الشخصيات الأكاديمية والعلمية وأكثرها شهرة في الأوساط الجامعية والتكنولوجية والصناعية في كندا إذ ترأس عدداً من مجالس البحوث ولجان الدراسات الكيبيكية والكندية، وشارك في مجموعة كبيرة منها أيضاً. وحاز عدداً من جوائز التقدير المعنوية والمادية. فقد شغل منصب رئيس «المجلس الوطني للعمداء والعميدات في كليات العلوم التطبيقية في كندا». وترأّس لجنة «عمداء المهندسين في كيبيك». ونال عضوية المجلس العلمي في كيبيك المتخصّص في دراسة موازنة البحوث التكنولوجية، والذي يشرف أيضاً على لجان التحكيم للصناعات المعدنية و«اللجنة الملكية للعلوم والتكنولوجيا» و«لجنة تقويم المواد والصناعات المعدنية» في مقاطعة انتاريو. وعمل خبيراً لدى «المجلس الاستشاري للعلوم والتكنولوجيا» التابع لرئيس وزراء كندا. وفي عام 1977، حصل على جائزة من «المعهد الكندي للمهندسين»، فكان أول عربي ينالها. وحينها، نوّه المعهد بإنجازات بازرجي في بحوث الهندسة الميكانيكية وأقرّ بأهمية خدماته تربوياً ومهنياً.
ومنح شهادة دكتوراه فخرية من جامعة «كونكورديا» الكندية عام 1988. وفي عام 1991، نال جائزة الاستحقاق من «جمعية البحوث الصناعية»، وجائزة التقدير العلمي من المدرسة التكنولوجية العليا في مونتريال. وكذلك ترأّس «جمعية المهندسين الكنديين». وتشير الوثائق المحفوظة في كلية الـ «بوليتكنيك» إلى مجمل هذه الجوائز والمناصب، معلّقة عليها بعبارة تقول: «كان أندريه بازرجي واحداً من ألمع أساتذتها وأكفأ من تسلم إدارتها وأول من أحدث تغييراً جذرياً في مناهجها الهندسية وأعلى مكانتها العلمية والتكنولوجية لتصبح في عهده أحد أشهر الصروح الجامعية في كندا والعالم».
من بوليتكنيك إلى كرياك
لم تُثن إحالة بازرجي إلى التقاعد عام 1998 هذا العالِم عن ممارسة بحوثه العلمية واستثمار ما يختزن من خبرات هندسية وصناعية وتكنولوجية. فقد تربع منذها، على رأس «مُجمّع البحوث والاختراعات في علوم الفضاء الجوي» Consortium de recherché et d,Innovation en Aerospatial au Quebec.. ويشتهر باسمه المختصر «سيرياك» CRIAQ، ومقرّه كيبيك. ويضم المُجمّع نخبة من المهندسين والباحثين والجامعيين ويتعامل مع 32 مؤسسة لصناعة المواد والمعادن داخل كندا وخارجها، من بينها شركات عالمية للطائرات مثل «بومباردي» و«بريتي اند ويتني» و«رولس رايس» و«بيل هليكوبتر». وكذلك ينسّق بحوثه مع عدد من الجامعات مثل «كونكورديا» و«أوكام» و«لافال» و«ماكغيل» و«بوليتكنيك» و«شريروك» وغيرها.
ويتولى بازرجي مهمة التخطيط والإشراف والتنسيق بين هذه الشركات والجامعات، وكذلك التدقيق في صلاحية المشاريع العلمية التي تعمل عليها وموازناتها المالية وغيرها. ويشرف بازرجي على تأهيل عدد كبير من طلاب الهندسة الميكانيكية وإعدادهم وتدريبهم، من بينهم 104 طلاب جامعيين و71 طالب ماجستير و33 طالب دكتوراه. وتضم صفوفه مجموعة من الطلاب العرب الذين «يتميزون بذكاء حاد وكفاءة علمية مذهلة» على حد تعبيره.
وأثناء لقائه مع «الحياة»، تحدث بازرجي عن أهم إنجازاته المسجلة لدى الشركات والمؤسسات الكندية والأميركية. وشدّد على أنها تتمحور على تكنولوجيا «مقاومة المواد» التي تدخل في صناعة أواني الضغط وخزاناتها. وأشار إلى إنه ابتكر طريقة رياضية لاختبار المواد Materials Testing «تعتمد على قياس مجموعة من العوامل تتناول مكونات المادة ومدى مقاومتها للتغيرات الداخلية والخارجية». وتشمل بحوثه سائر المواد المعدنية والبلاستيكية والسيراميك والزجاج وغيرها، مما يستخدم في البناء والصناعات المتنوعة الأخرى. وتخضع تلك المواد جميعها إلى اختبارات ميكانيكية لقياس قدرتها على مقاومة التصدع والتشويه والشد والضغط والمرونة والصلابة والقص والليونة وتحملها لتفاوت درجات الحرارة ومقاومتها للتآكل بفعل التغيرات المناخية والبيئية ومتانة جوانبها الداخلية والخارجية لمنع تسرب السوائل منها.
وأنجز بازرجي مجموعة من تلك الاختبارات، خصوصاً بالنسبة الى المواد في صناعة الطائرات من الداخل والخارج كالهياكل والمحركات والأجهزة الإلكترونية وخزانات الوقود والمقاعد والأحزمة والإضاءة وغيرها. وأوضح أن تلك الاختبارات تعتمدها حالياً «المنظمة العالمية للمعايير» - – International Organisation for Standardization (واسمها المختصر هو«إيزو» ISO) و«الجمعية الأميركية لاختبار المواد» American Society for Testing and Materials.
ويعتبر كتاب بازرجي «مقاومة المواد» Resistance des Materiaux بمثابة الدليل النظري والعملي لمجمل إنجازاته الأكاديمية والعلمية والصناعية. وكذلك يعتبر ذلك المؤلّف مرجعاً أساسياً لطلاب الهندسة الميكانيكية والباحثين، نظراً الى ما يشتمل عليه من تقنيات متطورة لحل مشكلات التصنيع، إضافة الى تطبيقات عملانية للكثير من النماذج المستعملة في الصناعات المختلفة. ويقع الكتاب المنشور باللغة الفرنسية في 700 صفحة. وأُعيدت طباعته ثلاث مرات آخرها في عام 2003. حاز الكتاب جائزة «المؤسسة الفرنسية للبحوث- روبرفال». وينكبّ بازرجي حالياً على ترجمته إلى اللغة الانكليزية. يذكر ان بازرجي نشر قرابة 150 بحثاً علمياً وصناعياً في مجلة «الجمعية العلمية الأميركية للهندسة الميكانيكية»American Society for Mecanic Engireeng
وترأس عدداً من المؤتمرات الدولية في مصر والصين واليابان وأميركا وأوروبا. وألقى سلسلة من المحاضرات العلمية، كان أخرها في قاعة بوليتكنيك وحملت عنوان: «تعليم مقاومة المواد – مقاربة كندية أميركية» نقلت في بث مباشر إلى جامعة «كومبانيه» في فرنسا.
وإضافة الى ما تقدّم، يعمل بازرجي أيضاً متطوعاً في دائرة الهجرة في كيبيك كخبير ومستشار في ما يتعلق باعتراف الشهادات العلمية الجامعية الأجنبية وتسهيل السبل لحامليها من الانخراط في سوق العمل. - 24/02/09// ص الحياة