المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حول الحقيقة الموضوعية Objectivity (من خلال خبرتنا الحياتيةوالعلمية)



خلدون خالد
01-31-2009, 10:21 AM
الموضوعية objectivity. بالتعريف : استقلالية الوجود وعدم اعتماده على العقل (الوعي). ومن ناحية أخرى عدم التأثر بالآراء والمشاعر الشخصية عند التفكير والتعامل مع الوقائع.
ما الشيء الذي نقول عنه حقيقي، موضوعي، وماذا نعني بالحقيقي الواقعي. لنفرض أننا نقف أمام صندوق ما، أول ما نقوم به هو تحديد هذا الصندوق بواسطة النظر فنحن نعتمد على حاسة النظر بالدرجة الأولى. فمن خلال النظر نحدد الشكل، إنه مكعب وليس شكل آخر. لقد قمنا بعملية قياس (مقارنة) بين أطوال أحرف الشكل فوجدناها متساوية بدقة معينة فصدر الحكم على الصندوق أنه مكعب. كما يمكننا تحديد لونه بالنظر، أو هل هناك علامات أخرى مميزة عليه.

من الممكن أن نشك في وجوده قد يكون صورة وهمية لمكعب آخر، فنقترب منه ونقوم بتحسسه باليد (حاسة اللمس) فتزداد ثقتنا بوجوده. هل هو ذو ملمس ناعم أم خشن؟ هل هو مصنوع من المعدن أم من الخشب أم من البلاستيك؟ هل هو حار أم بارد؟ يمكننا أيضاً استخدام حاسة الشم للتأكد فيما إذا كان للصندوق رائحة معينة (هذه الحاسة ليست قوية لدى الإنسان مقارنة مع كائنات أخرى). ويمكن أن نتذوقه مستخدمين حاسة الذوق، هل يمتلك الصندوق طعماً ما؟ ومن الممكن أيضاً استخدام حاسة السمع هل يصدر الصندوق أصواتاً معينة. أي أننا نقوم بتحديد صفات وخواص هذا الصندوق، كل هذه العمليات يقوم بها الدماغ، ونتخذ القرار : إذاً الصندوق حقيقي واقعي موجود خارجاً مستقل عنا، وهذا ما نألفه ويتفق عليه الجميع. إذن بالحواس التي نمتلكها نستطيع أن نحدد ما هو حقيقي. يستخدم البشر أدوات ووسائل علمية متطورة لرفع مستوى الحواس، لكشف المزيد من صفات وخصائص الأشياء قيد الدراسة.

لنفرض أن شخصاً يقف بجانب الصندوق ويخبرنا بقصة عن هذا الصندوق فيقول : يوجد داخل هذا الصندوق جني (عفريت). إذاً : أصبح لدينا الآن معلومات جديدة عن الصندوق، لقد تغير الصندوق ولم يعد الصندوق كما كنا نعرفه لقد تغيرت صفاته وخواصه، لكننا لا نرى الجني (العفريت) ولا نسمع صوته ولا نشم رائحته. إذاً هناك شك ظهر في آلية تفكيرنا فنحن نرفض أن نصدق هذه القصة ونشك بها، ونبدأ بتفحص الشخص الذي أخبرنا هذه القصة. يأتي شخص آخر ويخبرنا بالقصة ذاتها، يزداد ارتباكنا ولكننا مازلنا نصر على عدم صحة هذه القصة، ولكن الشك بدأ يؤثر فينا. يأتي شخص آخر وآخر وكل واحد يخبرنا بالقصة ذاتها، فيزداد الشك والارتباك. العقل يرفض حسب المعلومات التي ترده من الحواس، ولكن هناك معلومات أخرى تردنا ليس عن طريق الحواس، قد يذعن البعض لهذه المعلومات دون التصديق لها، والبعض قد يصدق ذلك لأنه لا يحب أن يخالف الآخرين، وهذا أمر معروف في علم النفس، ولكن مازال البعض لا يصدق هذه القصة. إذاً كيف نستطيع وضع حد لهذا الارتباك والتشويش؟ الطريقة الوحيدة هي فتح الصندوق ورؤية الجني. إذاً : بالتجربة المستندة على الحواس نستطيع فحص واختبار فرضياتنا والتأكد من صحة معلوماتنا.

لنفرض الآن أننا لم نستطيع فتح الصندوق أو كشف ما بداخله بأي طريقة. إذاً كيف يمكننا اختبار صحة هذه القصة (حقيقة وجود الجني داخل الصندوق). في هذه الحالة يجب إهمال هذه القصة واعتبارها غير ذي معنى وليس لها أية أهمية. إذاً : الفرضية التي لا يمكن اختبارها، والتي لا تعرض نفسها للتجربة، ليس لها معنى والعقل (الفكر) العلمي يرفض هذه الفرضية جملةً وتفصيلاً.
إذاً نتيجة لذلك : لا يتحتم علينا القبول بقصة الجني داخل الصندوق، إذ لم نستطيع فتح هذا الصندوق أو الكشف عما بداخله والتأكد من وجود الجني، مهما كان عدد الأشخاص الذين يخبروننا بهذه القصة الغريبة بالأصل. فإذا قبلنا بها فإننا سنصبح على استعداد لقبول قصص أخرى، فقد يأتي أشخاص آخرون يخبروننا بقصة أخرى، على سبيل المثال : يوجد داخل الصندوق عقرب عملاق، فلكل من القصتين نفس درجة الصحة، إذاً القصتان متكافئتان.

إذاً بقبولنا بمثل هذه القصص نكون قد خلقنا عقلاً جديداً، عقل يميل إلى الاعتقاد بالخرافة والأكاذيب. وبالتالي يصبح بإمكان كل من يمتلك الخرافة أن يطلقها على أشياء لا يمكن اختبارها، وسيجد من يتقبلها ويتبناها.

إذاً نعني بالحقيقة reality الموضوعية : العالم الذي نحسه (العالم الذي يرد إلينا عبر حواسنا) هذا العالم الخارجي عنا المصنوع من أشياء يمكن أن نراها أو نلمسها أو نسمعها أو نتذوقها أو نشمها وهي الأشياء المحسوسة، الحقيقية، الراسخة في حياتنا اليومية. وإننا على ثقة بأن هذه الأشياء موجودة بشكلها المحسوس ذاته حتى لو لم نكن موجودين لرصدها، وأن رصدنا لها ليس إلا التأكد من حقيقة موجودة أصلاً.

القصص، مثل : التلبس بالجن، والتقمص بالبشر أو الحيوان، والإصابة بالعين، كلها خرافات لا يمكن اختبارها. وبقبول البعض لمثل هذه الأمور نكون قد خلقنا عقلاً لا يحكمه المنطق، ولا العلم. عقل يقبل أي شيء ويرفض أي شيء دون تفكير أو محاكمة. وأحب أن أشير هنا إلى أن تركيب وبنية العقل العربي في كثير من الحالات هي من هذا النوع عقل الذي يميل إلى الخرافة واللا منطق.


على دروب الكلمة الصادقة نلتقي:12:


المخلص دوماً
خلدون محمد خالد

محمد ابوزيد
01-31-2009, 02:45 PM
اهلا اخى خالد

اذا كان الموضوع منقول اكتب المصدر

واذا كان رايك اختار ايقونه راى