المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تجارب لبنان مع الطاقة الشمسية



عبد الرؤوف
01-24-2009, 09:05 PM
تجارب لبنان مع الطاقة الشمسية



خلصت لجنة الأشغال العامة في التوصيات التي أصدرتها كنتائج لورشة العمل النيابية بشأن قطاع الكهرباء في لبنان، إلى أنه يجب «تنمية مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة كأحد مكوّنات مصادر الطاقة الكهربائية»، وذلك بالتزامن مع «حفظ استهلاك الطاقة وترشيده»، وهذا يتطلب مجموعة من الدراسات والإجراءات لتبيّن فرص هذا النوع من إنتاج الطاقة في لبنان وكلفته... إذ لم يثبت بعد أن الاعتماد على الهواء والشمس لإنتاج الطاقة الكهربائية هو أقل كلفة أو استدامة من الإنتاج بواسطة المشتقات النفطية التي ارتبطت بتقلبات أسعار النفط في السنوات الأربع السابقة، إذ هناك من يرى أن الإنتاج من الطاقة المتجددة غير مستدام ويتطلب استثمارات مرتفعة بمردود منخفض وبعيد المدى، فضلاً عن مقدرة تقنيّة غير متوافرة.
انحصرت تجارب الإنتاج في لبنان بالطاقة الهوائية والطاقة الشمسية، فيما برز بديل يشمل ترشيد الاستهلاك بما يحقق أهداف مواجهة الطلب المستقبلي على الكهرباء وتخفيف كلفة الإنتاج وتأثيراتها على البيئة. فقد نفّذ المركز اللبناني لترشيد استهلاك الطاقة مشروع استبدال سخان المياه الكهربائي بالسخان الشمسي عبر مؤسستي كهرباء لبنان وزحلة في البقاع وبيروت وجنوب لبنان بتمويل من مكتب الإنماء السويدي، وأجرت مؤسسة «ليبانون ويند باور» تجارب لتوليد الكهرباء من الهواء في سهل عكار بتمويل من مؤسسة التمويل الدولية. وتبيّن، بحسب معطيات المركز أنه يمكن تحقيق وفر في استهلاك الطاقة الكهربائية بقيمة 1.413 مليار دولار في خلال 15 سنة فضلاً عن توفير 14433 طناً من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، إذ إنه ركّب 11سخاناً شمسياً مشتركاً (مؤسسات) و88 سخاناً فردياً مما وفرّ على المؤسسات 564915 دولاراً وعلى الأفراد 29448 دولاراً سنوياً، أو ما متوسطه 28 دولاراً شهرياً بكلفة استثمار تراوح بين ألف دولار و1500 دولار ثمناً للألواح الشمسية وطلمبة ضخ المياه.
لكن مدير المركز اللبناني لترشيد استهلاك الطاقة بيار خوري، أوضح أن الطاقة الشمسية لا تصلح لإنتاج الطاقة الكهربائية عموماً، «فهذا النوع من الإنتاج غير فاعل وتقتصر فائدته على تسخين المياه، لأن الإنتاج اعتماداً على حرارة الشمس يتطلب استثماراً بقيمة 6 دولارات لبلوغ قدرة إنتاج واط واحد، فيما فترة استرداد الكلفة تصل إلى 30 سنة، وذلك في مقابل 15 سنتاً لكل واط.ساعة على الفيول».
أما إنتاج الطاقة على الهواء الذي أجرت تجاربه شركة «ليبانون ويند باور» فهو لا يزال محور نقاش عملي يتضمن بعض التساؤلات، إذ تفيد خلاصة التجربة أنه يمكن إنتاج حوالى 400 ميغاواط من الكهرباء عبر تركيب توربينات الهواء المولّدة للكهرباء، مشيرةً إلى توافر المعدّل المطلوب لسرعة الهواء (3.5 أمتار في الثانية) إذ إنه يبلغ 7 أمتار في الثانية في سهل عكار. وتبيّن الجدوى الاقتصادية أن كلفة الإنتاج الهوائي أقل بنسبة 50 في المئة من الإنتاج على الفيول، لافتةً إلى إمكان ربط خطوط الإنتاج الهوائي بمحطتي حلبا ودير عمار «من دون أي تعقيدات». وأبدت استعدادها لإنتاج 39 ميغاواط فوراً، وفي خلال فترة قصيرة، وتبيّن لها إمكان إنتاج الطاقة الهوائية في 7 مناطق بمردود أقل من 20 في المئة سنوياً.
وستضع الشركة أبراجاً تحمل مولّداً ضخماً يعمل على سرعة دوران الشفرات الثلاث المركبة (تشبه طواحين الهواء) في أعلى البرج، ويبلغ طول كل شفرة 48 متراً، وعلو البرج 100 متر، والوزن الإجمالي لجميع مكوّناته 288 طناً، وتبلغ السرعة القصوى لدوران الشفرات 22 دورة في الدقيقة (أي إن السرعة في رأس الشفرة 250 كيلومتراً في الساعة)، ويبدأ المولد بإنتاج الكهرباء ابتداءً من 3.5 أمتار في الثانية، ويعمل بفاعلية كاملة عندما تتجاوز السرعة 12 متراً في الثانية.
لكن هذا الخيار، وبحسب المدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك، لا يعوّل عليه لأن توليد الكهرباء سيصبح مرتبطاً بالمورد الهوائي، أي بالطبيعة، ويستدل بدراسة قامت بها شركة كهرباء فرنسا تلحظ أن الواقع المتاح للطاقة الهوائية في لبنان لا يسمح بإنتاج أكثر من 60 ميغاواط. وليس واضحاً بعد إمكان تحقيق الربط التقني بين الموردين، فالطاقة الهوائية غير مستقرّة، وبالتالي فإن حجم إنتاجها غير مستقرّ أيضاً، فقد يكون في أقصاه حيناً وفي أدناه أحياناً مما يثير تساؤلات وشكوكاً في التحكم في الشبكة وقدرتها على ربط أكثر من مورد وتوزيعه على الخطوط. وعملياً، يفتقد لبنان «أطلس الهواء» لمعرفة مواقع الهواء وسرعته التي يمكن الاستفادة منها، وبالتالي القدرة على الإنتاج، لكنه لا يزال عالقاً في ديوان المحاسبة والأسباب مجهولة.
وبعيداً عن هذا النقاش، هناك أسباب إضافية تدفع إلى التشكيك في تحويل إنتاج الكهرباء من الفيول إلى الهواء والشمس، إذ إن هذا الأمر يتطلب استغلال مساحات عقارية واسعة قد لا تكون متوافرة في لبنان بكلفة منخفضة، فهل سيحري زرع سهول عكار والبقاع ومرجعيون بالأبراج التي تحمل مولدات هوائية أو ستتحوّل إلى مركز للألواح الشمسيّة؟ وذلك سيكون على حساب القطاع الزراعي والعاملين فيه.


٢٤ كانون الثاني ٢٠٠ الاخبار اللبنانيه