ماكس
01-16-2009, 06:05 PM
هوكينغ يتراجع:
http://pr.caltech.edu/periodicals/336/images/Volume%203/10-16-03/hawking.jpg
الثقوب السوداء ليست "سوداء"
http://www.sanfranciscosentinel.com/wp-content/uploads/2007/10/black-hole.jpg
ما هو الثقب الأسود؟ حتى وقت قريب كان التعريف المتوافق عليه بين العلماء (وإن كان غير كامل لنقص المعلومات) أن الثقب الأسود هو منطقة في المكان-الزمان لا يستطيع أي شيء أن يهرب منها، ولا حتى الضوء، لأن الجاذبية عندها قوية جداً. والثقب الأسود هو بقية منضغطة لنجم ميت أي أنه يتشكل عندما ينفذ الوقود النووي لنجم ما فينهار على نفسه بفعل جاذبيته بحيث تصبح كثافته لا متناهية وانحناء المكان-الزمان لا متناهياً، وهو ما يعرف بالمنفردة (Singularity). وكانت أهم النظريات التي تتناول هذا الثقب هي تلك التي وضعها عالم الفيزياء البريطاني د.ستيفن هوكينغ قبل ثلاثين سنة والتي تقول بأن أي شيء يبتلعه هذا الثقب يختفي داخله إلى الأبد حتى يختفي الثقب مع فقدانه من كتلته نتيجة بث الجسيمات والأشعة، وفي هذه الحالة تدخل الأشياء التي هوت داخله إلى كون- طفل (Baby-Universe) خاص بها. وهو كون مستقل بذاته يتفرع من كوننا. وبناء على هذه النظرية ذهب كتّاب روايات الخيال العلمي إلى حد القول بأن الثقوب السوداء ربما تشكل وسيلة للسفر في الفضاء حيث يمكن لمن يسقط في ثقب صغير في المكان-الزمان أن يخرج منه إلى منطقة أخرى في الكون. غير أن هوكينغ ارتد على نظريته هذه في المؤتمر السابع عشر حول نظرية النسبية الذي عقد في العاصمة الايرلندية دبلن في يونيو الماضي. وأعلن هوكينغ أمام علماء الفيزياء أن الثقوب السوداء لا تمحو المعلومات حول الأشياء التي تهوي داخلها إنما تشوهها. ويمكن لهذه المعلومات أن تفلت منها لتصل إلينا بشكل مشوه لكنه قادر على إنبائنا عن شكل ذلك الشيء الذي دخل الثقب.
ويأتي هذا الإعلان ليحل التناقض الذي واجه العلماء وهوكينغ نفسه، نتيجة لنظريته ويطرح السؤال حول ما إذا كانت هذه الثقوب فعلاً ((سوداء)). فهوكينغ أثبت في العام 1970 بحسب نظرية النسبية أن الثقوب السوداء تفقد من كتلتها نتيجة إطلاق أشعة (أشعة هوكينغ) إلى أن تختفي (أي الثقوب). لكن ذلك يتناقض مع قوانين الفيزياء الكمومية (Quantum Physics) التي تنص على أن المعلومات التي تهوي داخل الثقب الأسود لا يمكنها أن تمحى تماماً. هذا التناقض كان هوكينغ قد حاول تفسيره بأن الطبيعة الفوضوية لأشعة هوكينغ تعني أنه في الوقت الذي تتمكن الطاقة فيه من الهرب من الثقب الأسود فإن المعلومات تعجز عن ذلك. كما لا يمكن تطبيق قوانين الميكانيكا الكمومية عند حقل ضخم من جاذبية كحال الثقب الأسود. وتوصل هوكينغ إلى النتيجة التي غيرت نظريته من خلال دراسة مصير ثقوب سوداء بأشكال وأحجام مختلفة عند نقطة الوقت اللامتناهية. وبين أن كمية المعلومات في النهاية مساوية لتلك التي كانت موجودة في البداية. لكنه لم يفسر أي شيء حول ما حصل في المرحلة الوسطى بين الحالتين. وبعودته عن نظريته القديمة ينضم هوكينغ إلى حركة علمية واسعة تحاول إعادة النظر في القوانين التي يُعتقد أنها تحكم الثقوب السوداء. يعود الفضل في تحريكها إلى ((نظرية الأوتار الفائقة)) (Super Strings Theories). إحدى النظريات التي تحاول التوفيق بين النسبية العامة والميكانيكا الكمومية (Quantum Mechanics). وبحسب هذه النظرية فإن كل الجسيمات الأولية المعروفة قد تكون مكونة من أنشوطات متذبذبة في مكان-زمان من عشرة أبعاد وتُعرف بالأوتار الفائقة. وفي حين يحمل نوع من الأوتار قوة الجاذبية فإن حركة ذبذبة هذه الأوتار تبقى عشوائية بما يتوافق مع الميكانيكا الكمومية. وقد بدأ تطبيق النظرية فعلياً على الثقوب السوداء في منتصف التسعينيات من القرن الماضي.
http://universe-review.ca/I15-49-Hawking.jpg
إشعاع هوكينغ
وخلال السنة الماضية حاول سمير مطور وزملاؤه في جامعة أوهايو أن يكتشفوا الشكل الذي تتنظم فيه الأوتار داخل الثقب الأسود فوجدوا أنها تتواصل بينها لتشكل وتراً اكبر وأكثر تأرجحاً مما يجعله أكبر من منفردة بحجم النقطة. وهو ما أطلقوا عليه (( كرة الزغب)) (Fuzzball) أو ((النجوم الوترية)) (String Stars). وبحساب حجم مجموعة من هذه الكرات وجدوا أنها بالحجم نفسه لأفق الحدث أو حد الثقب الأسود. وهو ما دفعهم للقول بأن الشكل نفسه المتخيل للثقب الأسود، بكونه ثقباً مستديراً يحتوي نقطة سوداء في وسطه، غير صحيح أيضاً. كما أن صورة (( كرة الزغب)) هذه تعني أيضاً أن المعلومات لا تُدمر داخل الثقب الأسود بل هي تُحفظ في الأوتار لتدمغ أشعة هوكينغ المنبعثة من الثقب وبالتالي فإن المعلومات حول كل جسيمة تدخل الثقب ستعود وتخرج مع خروج أشعة هوكينغ. وكان عالمان آخران هما غاري هوروفيتز من جامعة كاليفورنيا وخوان مالاسينا من معهد الدراسات المعمقة في برنستون تحدثا أيضاً عن إمكانية خروج المعلومات من الثقب الأسود بالرغم من وجود مفردة في داخله وذلك باستخدام نظرية الانتقال عن بعد (Quantum Teleportation) ويسمح ذلك لحالة أي جسيم بأن تنتقل إلى حالة أخرى أي أن المعلومات قد تتحول من جسيم يصطدم بالمنفردة داخل الثقب إلى أشعة هوكينغ الخارجة من الثقب غير أن هذه النظرية أنتجت أيضاً تناقضات مع النظرية النسبية.
كما أن أعمالاً أخرى أظهرت أن المعادلات الفيزيائية تبقى صحيحة في بعض الحالات عند نقطة المفردة بما يتناقض أصلاً مع الصورة التقليدية للثقب الأسود.
center]http://www.youtube.com/v/xjzjZyRd07Q]
فيديو للبروفسيور استيفن هوكينغ يشرح فيه عن إشعاع هوكينغ
[/center]
كل هذه الأعمال لم تفعل إلا زيادة الغموض إزاء تفسير طبيعة وآليات عمل هذه الثقوب لكنها تصب في غالبيتها باتجاه نفي الصورة التقليدية التي كان هوكينغ قد ساهم في وضعها من خلال أعماله السابقة. وهي صورة يبدو اليوم انها لم تعد مقبولة حتى لهوكينغ نفسه مما يعيد البحث إلى نقطة الصفر.... نقطة ما إذا كان هناك ما يمكن تسميته ثقوباً سوداء.
المصدر: الملحق العلمي لمجلة العربي الكويتية العدد الرابع لسنة 2005
http://pr.caltech.edu/periodicals/336/images/Volume%203/10-16-03/hawking.jpg
الثقوب السوداء ليست "سوداء"
http://www.sanfranciscosentinel.com/wp-content/uploads/2007/10/black-hole.jpg
ما هو الثقب الأسود؟ حتى وقت قريب كان التعريف المتوافق عليه بين العلماء (وإن كان غير كامل لنقص المعلومات) أن الثقب الأسود هو منطقة في المكان-الزمان لا يستطيع أي شيء أن يهرب منها، ولا حتى الضوء، لأن الجاذبية عندها قوية جداً. والثقب الأسود هو بقية منضغطة لنجم ميت أي أنه يتشكل عندما ينفذ الوقود النووي لنجم ما فينهار على نفسه بفعل جاذبيته بحيث تصبح كثافته لا متناهية وانحناء المكان-الزمان لا متناهياً، وهو ما يعرف بالمنفردة (Singularity). وكانت أهم النظريات التي تتناول هذا الثقب هي تلك التي وضعها عالم الفيزياء البريطاني د.ستيفن هوكينغ قبل ثلاثين سنة والتي تقول بأن أي شيء يبتلعه هذا الثقب يختفي داخله إلى الأبد حتى يختفي الثقب مع فقدانه من كتلته نتيجة بث الجسيمات والأشعة، وفي هذه الحالة تدخل الأشياء التي هوت داخله إلى كون- طفل (Baby-Universe) خاص بها. وهو كون مستقل بذاته يتفرع من كوننا. وبناء على هذه النظرية ذهب كتّاب روايات الخيال العلمي إلى حد القول بأن الثقوب السوداء ربما تشكل وسيلة للسفر في الفضاء حيث يمكن لمن يسقط في ثقب صغير في المكان-الزمان أن يخرج منه إلى منطقة أخرى في الكون. غير أن هوكينغ ارتد على نظريته هذه في المؤتمر السابع عشر حول نظرية النسبية الذي عقد في العاصمة الايرلندية دبلن في يونيو الماضي. وأعلن هوكينغ أمام علماء الفيزياء أن الثقوب السوداء لا تمحو المعلومات حول الأشياء التي تهوي داخلها إنما تشوهها. ويمكن لهذه المعلومات أن تفلت منها لتصل إلينا بشكل مشوه لكنه قادر على إنبائنا عن شكل ذلك الشيء الذي دخل الثقب.
ويأتي هذا الإعلان ليحل التناقض الذي واجه العلماء وهوكينغ نفسه، نتيجة لنظريته ويطرح السؤال حول ما إذا كانت هذه الثقوب فعلاً ((سوداء)). فهوكينغ أثبت في العام 1970 بحسب نظرية النسبية أن الثقوب السوداء تفقد من كتلتها نتيجة إطلاق أشعة (أشعة هوكينغ) إلى أن تختفي (أي الثقوب). لكن ذلك يتناقض مع قوانين الفيزياء الكمومية (Quantum Physics) التي تنص على أن المعلومات التي تهوي داخل الثقب الأسود لا يمكنها أن تمحى تماماً. هذا التناقض كان هوكينغ قد حاول تفسيره بأن الطبيعة الفوضوية لأشعة هوكينغ تعني أنه في الوقت الذي تتمكن الطاقة فيه من الهرب من الثقب الأسود فإن المعلومات تعجز عن ذلك. كما لا يمكن تطبيق قوانين الميكانيكا الكمومية عند حقل ضخم من جاذبية كحال الثقب الأسود. وتوصل هوكينغ إلى النتيجة التي غيرت نظريته من خلال دراسة مصير ثقوب سوداء بأشكال وأحجام مختلفة عند نقطة الوقت اللامتناهية. وبين أن كمية المعلومات في النهاية مساوية لتلك التي كانت موجودة في البداية. لكنه لم يفسر أي شيء حول ما حصل في المرحلة الوسطى بين الحالتين. وبعودته عن نظريته القديمة ينضم هوكينغ إلى حركة علمية واسعة تحاول إعادة النظر في القوانين التي يُعتقد أنها تحكم الثقوب السوداء. يعود الفضل في تحريكها إلى ((نظرية الأوتار الفائقة)) (Super Strings Theories). إحدى النظريات التي تحاول التوفيق بين النسبية العامة والميكانيكا الكمومية (Quantum Mechanics). وبحسب هذه النظرية فإن كل الجسيمات الأولية المعروفة قد تكون مكونة من أنشوطات متذبذبة في مكان-زمان من عشرة أبعاد وتُعرف بالأوتار الفائقة. وفي حين يحمل نوع من الأوتار قوة الجاذبية فإن حركة ذبذبة هذه الأوتار تبقى عشوائية بما يتوافق مع الميكانيكا الكمومية. وقد بدأ تطبيق النظرية فعلياً على الثقوب السوداء في منتصف التسعينيات من القرن الماضي.
http://universe-review.ca/I15-49-Hawking.jpg
إشعاع هوكينغ
وخلال السنة الماضية حاول سمير مطور وزملاؤه في جامعة أوهايو أن يكتشفوا الشكل الذي تتنظم فيه الأوتار داخل الثقب الأسود فوجدوا أنها تتواصل بينها لتشكل وتراً اكبر وأكثر تأرجحاً مما يجعله أكبر من منفردة بحجم النقطة. وهو ما أطلقوا عليه (( كرة الزغب)) (Fuzzball) أو ((النجوم الوترية)) (String Stars). وبحساب حجم مجموعة من هذه الكرات وجدوا أنها بالحجم نفسه لأفق الحدث أو حد الثقب الأسود. وهو ما دفعهم للقول بأن الشكل نفسه المتخيل للثقب الأسود، بكونه ثقباً مستديراً يحتوي نقطة سوداء في وسطه، غير صحيح أيضاً. كما أن صورة (( كرة الزغب)) هذه تعني أيضاً أن المعلومات لا تُدمر داخل الثقب الأسود بل هي تُحفظ في الأوتار لتدمغ أشعة هوكينغ المنبعثة من الثقب وبالتالي فإن المعلومات حول كل جسيمة تدخل الثقب ستعود وتخرج مع خروج أشعة هوكينغ. وكان عالمان آخران هما غاري هوروفيتز من جامعة كاليفورنيا وخوان مالاسينا من معهد الدراسات المعمقة في برنستون تحدثا أيضاً عن إمكانية خروج المعلومات من الثقب الأسود بالرغم من وجود مفردة في داخله وذلك باستخدام نظرية الانتقال عن بعد (Quantum Teleportation) ويسمح ذلك لحالة أي جسيم بأن تنتقل إلى حالة أخرى أي أن المعلومات قد تتحول من جسيم يصطدم بالمنفردة داخل الثقب إلى أشعة هوكينغ الخارجة من الثقب غير أن هذه النظرية أنتجت أيضاً تناقضات مع النظرية النسبية.
كما أن أعمالاً أخرى أظهرت أن المعادلات الفيزيائية تبقى صحيحة في بعض الحالات عند نقطة المفردة بما يتناقض أصلاً مع الصورة التقليدية للثقب الأسود.
center]http://www.youtube.com/v/xjzjZyRd07Q]
فيديو للبروفسيور استيفن هوكينغ يشرح فيه عن إشعاع هوكينغ
[/center]
كل هذه الأعمال لم تفعل إلا زيادة الغموض إزاء تفسير طبيعة وآليات عمل هذه الثقوب لكنها تصب في غالبيتها باتجاه نفي الصورة التقليدية التي كان هوكينغ قد ساهم في وضعها من خلال أعماله السابقة. وهي صورة يبدو اليوم انها لم تعد مقبولة حتى لهوكينغ نفسه مما يعيد البحث إلى نقطة الصفر.... نقطة ما إذا كان هناك ما يمكن تسميته ثقوباً سوداء.
المصدر: الملحق العلمي لمجلة العربي الكويتية العدد الرابع لسنة 2005