عبد الرؤوف
12-17-2008, 10:23 PM
تستطيع إمداد مئة ألف منزل بالتيار الكهربائي ... «تقنية السمكة» تولّد طاقة متجدّدة من المياه البطيئة وتستخرج كهرباء لـ 15 بليون نسمة من المحيط
بحسب تقارير علمية متقاطعة، ربما تشكّل تيارات المياه البطيئة في المحيطات والأنهار مصدراً موثوقاً للطاقة البديلة والمقبولة السعر أيضاً. فأخيراً، اخترع مهندس في جامعة ميشيغان آلة تعمل كالسمكة وتحوّل الذبذبات المدمدمة في السوائل المتدفقة بهدوء إلى طاقة نظيفة ومتجدّدة.
وتحمل هذه الآلة اسم «فيفاس» Vivas المُشتق من كلمة يونانية معناها الطاقة الحيّة، ولكنها رُكّبت كي تختصر عبارة معناها «الذبذبات الناتجة من حركة دوران التيار لتوليد طاقة مائية نظيفة». وتعتبر أول آلة معروفة تقدر على التعامل الكفيّ مع الطاقة الكامنة في معظم التيارات المائية البطيئة في أرجاء الكرة الأرضية. إذ أنها تعمل داخل تيارات تقلّ سرعتها عن عقدتين (العقدة تساوي سرعة ميل بحري في الساعة). والمعلوم أن معظم التيارات المائية العميقة تتحرك بسرعة تقل عن 3 عقد. وفي المقابل، تحتاج طوربينات السدود المائية وطواحين الماء إلى معدل 5 إلى 6 عقد لكي تستطيع توليد الكهرباء في شكل فعّال. ولذا، تبدو بديهية الإشارة الى أن هذه الآلة لا تعتمد على الأمواج، ولا على حركتي المدّ والجزر، ولا تستعمل الطوربينات ولا تقتضي إنشاء السدود! ويمكن وصفها بأنها نظام طاقة فريد يعتمد على علم حركة السوائل في حال الميوعة، ويعمل بفضل «الذبذبات الناتجة من حركتي الدوران والتدويم».
السوائل ودوّاماتها النشِطَة
من المستطاع شرح آلية عمل «فيفاس» انطلاقاً مما هو معروف علمياً من أن الذبذبات الناتجة من حركة دوران الماء (أي التدويم) تأتي على هيئة تموّجات دائريّة أو أسطوانية الشكل، وتظهر أثناء عملية تدفق السوائل، بل قد تصطحب معها بعض التيارات الهوائية أيضاً. وبوضع الآلة «فيفاس» في خضم تلك التيارات، ينشأ وضع يشبه وضع «عُقْدَة» بمواجهة التدفّق السائل، ما يؤدّي إلى نشوء تيّارات لها هيئة دوّامات مائية، تتّخذ شكلاً معيّناً عند طرفي الآلة. وتعمل الدوّامات على دفع الآلة ذهاباً وإياباً أو يمنة ويسرة، بطريقة تُذكّر بتحريك السمكة لذيلها، في شكل متعامد مع التيار الرئيس للماء.
وعلى رغم نشوئها في تيارات بطيئة، إلا أن مقدار الطاقة التي تختزنها الدوّامات ليس هينا أبداً. فمثلاً، أدّت ذبذبات كتلك إلى انهيار جسر «تاكوما ناروز» في واشنطن عام 1940، وكذلك الحال بالنسبة الى أبراج التبريد التابعة لمحطة توليد التيار الكهربائي في مدينة فيريبريدج في إنكلترا عام 1965. وفي الماء، تلحق الذبذبات الضرر باستمرار بأرصفة السفن وحفارات النفط والأبنية الساحلية وغيرها.
وفي تصريحات ظهرت في غير مجلة علمية، أوضح مايكل برنيتساس مطوّر آلة «فيفاس»، وهو أستاذ في قسم هندسة بناء السفن والهندسة البحرية في جامعة ميشيغان، عمل آلته بالقول: «خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية، عمل المهندسون بدأب، وأنا من بينهم، على إلغاء الذبذبات الناتجة من الدوّامات. أما الآن، فنحن نقوم بالعكس تماماً في جامعة ميشيغان...إننا نسعىالى تعزيز تلك الذبذبات، بهدف ترويض هذه الطاقة الطبيعيّة القويّة والمدمّرة». وأعطى مثلاً عن مصدر إلهامه في استنباط الطاقة من تيارات الماء البطيئة مشيراً فقال: «إن الأسماك طالما أحسنت استعمال هذه الذبذبات الناتجة من الدوّامات لمصلحتها». وتتضمن كلماته إشارة الى الشبه بين حركتي «فيفاس» وذيل السمكة.
وتابع برنيتساس كلامه قائلاً: «تنقل آلة «فيفاس» بعض خصائص تقنيّة الأسماك. فمن المعلوم أن الأسماك تلوي أجسامها لتنزلق بين الدوّامات، وتبقى في ظلّ الأسماك السابحة أمامها. ولنلاحظ أن أجسامها تعجز بمفردها عن الاندفاع إلى الأمام عبر المياه بالسرعة التي تتنقل بها، لذا تتقدّم الأسماك في ظلّ بعضها بعضاً. ويفسّر ذلك جزئياً بعض المكاسب التي تجنيها الأسماك من ترحالها على هيئة أسراب كبيرة العدد، إذ تصبح حركتها أكثر انسيابية وسهولة». في المقابل، تجدر الإشارة الى أن الجيل الحالي من الآلات التي صمّمها برنيتساس لا يشبه الأسماك على الإطلاق. وعلى رغم ذلك، يصرّ المهندس على القول بأنّ النُسخ المستقبليّة من «فيفاس» تحمل ما يشبه الذيل، كما تشتمل على سطح خشِن يذكّر بحراشف الأسماك أيضاً. والحق أنه يعمل في مختبره على نماذج تُشبه القوالب الاسطوانية الطويلة المربوطة برفّاسات متفاوتة القوة. وخلال التجارب، يبقى القالب الأسطواني معلّقاً وسط الدفق المائي في خزّان بحجم جرّار كبير أو مقطورة سيارة صغيرة رُكبّت في غرف ضمن «مختبر الطاقة البحرية المتجددة» الذي يشرف عليه. وتتدفق المياه في تلك الأوعية بسرعة لا تزيد على 1.5 عقدة.
«سمكة الطاقة» في وصف موجز
إنطلاقاً من وصف تلك الأدوات التي يستخدمها برنيتساس في مختبره، من المستطاع وصف الطريقة التي تعمل بها آلة «فيفاس» على نحو مُبسّط. إذ يتسبب وجود القالب الأسطواني وسط التيار، بحد ذاته، بدوّامات متفاوتة في أعلى القالب وأسفله. وتدفع الدوّامات القالب الراكد ذهاباً وإياباً. ويتحرّك على الرفّاسات، ما يجعله قادراً على انتاج طاقة ميكانيكية. ثمّ تعمل أدوات كهرومغناطيسية على تحويل الطاقة الميكانيكية إلى تيار كهرباء!
وقد يكفي عدد قليل من القوالب الأسطوانيّة لتحريك سفينة راسية أو منارة، وفقاً لما يفيد به برنيتساس. ويمكن تكديس القوالب الأسطوانيّة على سلّم قصير. ويقدّر هذا الباحث أنّ مجموعة من محوّلات «فيفاس» بحجم حلبة سباق وارتفاع طابقين قادرة على إمداد زهاء مئة ألف منزل بالتيار الكهربائي، إلا أنّه يتوجّب وضع المنشأة برمتها تحت الماء.
وبما أنّ تذبذب آلة «فيفاس» يسير في بطء غالباً، تشير النظريات إلى أن هذا النظام لن يُضرّ بالحياة البحرية وكائناتها، كما تفعل السدود وطوربينات المياه وغيرها من الوسائل المستعملة في استخراج الطاقة من المياه راهناً.
ويضيف برنيتساس أن الطاقة التي قد تنتجها آلة «فيفاس» مستقبلاً تكلّف زهاء 5.5 سنتاً للكيلوواط في الساعة. وتكلّف طاقة الرياح 6.9 سنتاً للكمية عينها، في حين أن الكلفة نفسها تصل إلى 4.6في الطاقة النووية. وكذلك تتراوح الكلفة عينها بين 16 و48 سنتاً في حال استخراجها من طاقة الشمس، وذلك رهناً بالمناخ السائد في الموقع الذي تُشاد فيها ألواح الطاقة الشمسية ومحطاتها.
في هذا الصدّد، قال برنيتساس أيضاً: «لن يتوافر حل وحيد وحصري بالنسبة الى تلبية حاجات الطاقة عالمياً. وفي المقابل، إذا استطعنا ترويض كسر بالألف من الطاقة الكامنة في أحد المحيطات الكبرى، فقد نغطي حاجات الطاقة لما يفوق 15 بليون نسمة»!
وفي السياق عينه، أجرى الباحثون أخيراً دراسة جدوى اقتصاديّة كشفت أن الآلة «فيفاس» قد تنجح في سحب الطاقة من نهر ديترويت. ولذا، ينكب فريق علمي راهناً على تركيب نموذج منها في ذلك المكان. ويُتوقّع الانتهاء من إعداده في غضون 18 شهراً.
الحياة
بحسب تقارير علمية متقاطعة، ربما تشكّل تيارات المياه البطيئة في المحيطات والأنهار مصدراً موثوقاً للطاقة البديلة والمقبولة السعر أيضاً. فأخيراً، اخترع مهندس في جامعة ميشيغان آلة تعمل كالسمكة وتحوّل الذبذبات المدمدمة في السوائل المتدفقة بهدوء إلى طاقة نظيفة ومتجدّدة.
وتحمل هذه الآلة اسم «فيفاس» Vivas المُشتق من كلمة يونانية معناها الطاقة الحيّة، ولكنها رُكّبت كي تختصر عبارة معناها «الذبذبات الناتجة من حركة دوران التيار لتوليد طاقة مائية نظيفة». وتعتبر أول آلة معروفة تقدر على التعامل الكفيّ مع الطاقة الكامنة في معظم التيارات المائية البطيئة في أرجاء الكرة الأرضية. إذ أنها تعمل داخل تيارات تقلّ سرعتها عن عقدتين (العقدة تساوي سرعة ميل بحري في الساعة). والمعلوم أن معظم التيارات المائية العميقة تتحرك بسرعة تقل عن 3 عقد. وفي المقابل، تحتاج طوربينات السدود المائية وطواحين الماء إلى معدل 5 إلى 6 عقد لكي تستطيع توليد الكهرباء في شكل فعّال. ولذا، تبدو بديهية الإشارة الى أن هذه الآلة لا تعتمد على الأمواج، ولا على حركتي المدّ والجزر، ولا تستعمل الطوربينات ولا تقتضي إنشاء السدود! ويمكن وصفها بأنها نظام طاقة فريد يعتمد على علم حركة السوائل في حال الميوعة، ويعمل بفضل «الذبذبات الناتجة من حركتي الدوران والتدويم».
السوائل ودوّاماتها النشِطَة
من المستطاع شرح آلية عمل «فيفاس» انطلاقاً مما هو معروف علمياً من أن الذبذبات الناتجة من حركة دوران الماء (أي التدويم) تأتي على هيئة تموّجات دائريّة أو أسطوانية الشكل، وتظهر أثناء عملية تدفق السوائل، بل قد تصطحب معها بعض التيارات الهوائية أيضاً. وبوضع الآلة «فيفاس» في خضم تلك التيارات، ينشأ وضع يشبه وضع «عُقْدَة» بمواجهة التدفّق السائل، ما يؤدّي إلى نشوء تيّارات لها هيئة دوّامات مائية، تتّخذ شكلاً معيّناً عند طرفي الآلة. وتعمل الدوّامات على دفع الآلة ذهاباً وإياباً أو يمنة ويسرة، بطريقة تُذكّر بتحريك السمكة لذيلها، في شكل متعامد مع التيار الرئيس للماء.
وعلى رغم نشوئها في تيارات بطيئة، إلا أن مقدار الطاقة التي تختزنها الدوّامات ليس هينا أبداً. فمثلاً، أدّت ذبذبات كتلك إلى انهيار جسر «تاكوما ناروز» في واشنطن عام 1940، وكذلك الحال بالنسبة الى أبراج التبريد التابعة لمحطة توليد التيار الكهربائي في مدينة فيريبريدج في إنكلترا عام 1965. وفي الماء، تلحق الذبذبات الضرر باستمرار بأرصفة السفن وحفارات النفط والأبنية الساحلية وغيرها.
وفي تصريحات ظهرت في غير مجلة علمية، أوضح مايكل برنيتساس مطوّر آلة «فيفاس»، وهو أستاذ في قسم هندسة بناء السفن والهندسة البحرية في جامعة ميشيغان، عمل آلته بالقول: «خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية، عمل المهندسون بدأب، وأنا من بينهم، على إلغاء الذبذبات الناتجة من الدوّامات. أما الآن، فنحن نقوم بالعكس تماماً في جامعة ميشيغان...إننا نسعىالى تعزيز تلك الذبذبات، بهدف ترويض هذه الطاقة الطبيعيّة القويّة والمدمّرة». وأعطى مثلاً عن مصدر إلهامه في استنباط الطاقة من تيارات الماء البطيئة مشيراً فقال: «إن الأسماك طالما أحسنت استعمال هذه الذبذبات الناتجة من الدوّامات لمصلحتها». وتتضمن كلماته إشارة الى الشبه بين حركتي «فيفاس» وذيل السمكة.
وتابع برنيتساس كلامه قائلاً: «تنقل آلة «فيفاس» بعض خصائص تقنيّة الأسماك. فمن المعلوم أن الأسماك تلوي أجسامها لتنزلق بين الدوّامات، وتبقى في ظلّ الأسماك السابحة أمامها. ولنلاحظ أن أجسامها تعجز بمفردها عن الاندفاع إلى الأمام عبر المياه بالسرعة التي تتنقل بها، لذا تتقدّم الأسماك في ظلّ بعضها بعضاً. ويفسّر ذلك جزئياً بعض المكاسب التي تجنيها الأسماك من ترحالها على هيئة أسراب كبيرة العدد، إذ تصبح حركتها أكثر انسيابية وسهولة». في المقابل، تجدر الإشارة الى أن الجيل الحالي من الآلات التي صمّمها برنيتساس لا يشبه الأسماك على الإطلاق. وعلى رغم ذلك، يصرّ المهندس على القول بأنّ النُسخ المستقبليّة من «فيفاس» تحمل ما يشبه الذيل، كما تشتمل على سطح خشِن يذكّر بحراشف الأسماك أيضاً. والحق أنه يعمل في مختبره على نماذج تُشبه القوالب الاسطوانية الطويلة المربوطة برفّاسات متفاوتة القوة. وخلال التجارب، يبقى القالب الأسطواني معلّقاً وسط الدفق المائي في خزّان بحجم جرّار كبير أو مقطورة سيارة صغيرة رُكبّت في غرف ضمن «مختبر الطاقة البحرية المتجددة» الذي يشرف عليه. وتتدفق المياه في تلك الأوعية بسرعة لا تزيد على 1.5 عقدة.
«سمكة الطاقة» في وصف موجز
إنطلاقاً من وصف تلك الأدوات التي يستخدمها برنيتساس في مختبره، من المستطاع وصف الطريقة التي تعمل بها آلة «فيفاس» على نحو مُبسّط. إذ يتسبب وجود القالب الأسطواني وسط التيار، بحد ذاته، بدوّامات متفاوتة في أعلى القالب وأسفله. وتدفع الدوّامات القالب الراكد ذهاباً وإياباً. ويتحرّك على الرفّاسات، ما يجعله قادراً على انتاج طاقة ميكانيكية. ثمّ تعمل أدوات كهرومغناطيسية على تحويل الطاقة الميكانيكية إلى تيار كهرباء!
وقد يكفي عدد قليل من القوالب الأسطوانيّة لتحريك سفينة راسية أو منارة، وفقاً لما يفيد به برنيتساس. ويمكن تكديس القوالب الأسطوانيّة على سلّم قصير. ويقدّر هذا الباحث أنّ مجموعة من محوّلات «فيفاس» بحجم حلبة سباق وارتفاع طابقين قادرة على إمداد زهاء مئة ألف منزل بالتيار الكهربائي، إلا أنّه يتوجّب وضع المنشأة برمتها تحت الماء.
وبما أنّ تذبذب آلة «فيفاس» يسير في بطء غالباً، تشير النظريات إلى أن هذا النظام لن يُضرّ بالحياة البحرية وكائناتها، كما تفعل السدود وطوربينات المياه وغيرها من الوسائل المستعملة في استخراج الطاقة من المياه راهناً.
ويضيف برنيتساس أن الطاقة التي قد تنتجها آلة «فيفاس» مستقبلاً تكلّف زهاء 5.5 سنتاً للكيلوواط في الساعة. وتكلّف طاقة الرياح 6.9 سنتاً للكمية عينها، في حين أن الكلفة نفسها تصل إلى 4.6في الطاقة النووية. وكذلك تتراوح الكلفة عينها بين 16 و48 سنتاً في حال استخراجها من طاقة الشمس، وذلك رهناً بالمناخ السائد في الموقع الذي تُشاد فيها ألواح الطاقة الشمسية ومحطاتها.
في هذا الصدّد، قال برنيتساس أيضاً: «لن يتوافر حل وحيد وحصري بالنسبة الى تلبية حاجات الطاقة عالمياً. وفي المقابل، إذا استطعنا ترويض كسر بالألف من الطاقة الكامنة في أحد المحيطات الكبرى، فقد نغطي حاجات الطاقة لما يفوق 15 بليون نسمة»!
وفي السياق عينه، أجرى الباحثون أخيراً دراسة جدوى اقتصاديّة كشفت أن الآلة «فيفاس» قد تنجح في سحب الطاقة من نهر ديترويت. ولذا، ينكب فريق علمي راهناً على تركيب نموذج منها في ذلك المكان. ويُتوقّع الانتهاء من إعداده في غضون 18 شهراً.
الحياة