المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الطـب والمستشفيـات فـي عـصـر صـلاح الديـن الأيـوبي



عبد الرؤوف
11-16-2008, 05:31 PM
الطـب والمستشفيـات فـي عـصـر صـلاح الديـن الأيـوبي

الـدكـتـور محمود الحاج قاسم محمد
نقيب الأطباء / فرع نينوى ـ الموصل / العراق

قبل البدء لا بد من التنويه إلى أن الغاية من البحث هو :

1 - بيان المستوى العالي الذي كان قد وصله الطب العربي الإسلامي في القرن السادس الهجري / الثاني عشر الميلادي قياساَ لما كان عند الإفرنج .

2 – بيان اهتمام القادة العرب والمسلمين بالطب والأطباء وبناء المستشفيات ، وافتقار الأوربيين لذلك في ذلك الزمان .
بعد هذا نبدأ البحث بقول للدكتور فؤاد سيزكين حيث يقول : (( في تحديد الحدود الأخيرة لمرحلة العطاء والإبداع العلمي العربي تسيطر على الباحثين فكرة تقول ( إن ركود العلوم الإسلامية بدأ في القرن السادس الهجري الثاني عشر الميلادي ) وأرى من الواجب أن أصرح أني لا أوافق أؤلئك الباحثين على زعمهم الذي لا يتفق مع الحقائق التي كشفتها الأبحاث الكثيرة المتعلقة بإنجازات العلماء الذين عاشوا بعد هذا القرن الموسوم بسمة الركود .
وإننا لا نحتاج إلى أدلة كثيرة لنثبت أن العلوم العربية بلغت ذروتها في القرنين السابع والثامن الهجريين ، ونذكر مثالاً على ذلك اكتشاف ابن النفيس للدورة الدموية وعرض لسان الدين بن الخطيب لقضية العدوى ووضع علم المثلثات من قبل نصير الدين الطوسي علماً مستقلاً )) .
ونضيف القول بأنه في أواخر القرن السادس الهجري كسائر العصور وبتشجيع من الملوك والأمراء ، امتلأت البلاد العربية بالعلماء والأطباء حيث انقلبت مدنها إلى دور للمعرفة تستقطب طلاب العلم والعلماء من كل مكان .
سيكون تناولنا للموضوع ضمن ثلاثة أقسام :

القسـم الأول – الأطباء فـي عصر صلاح الدين :
كان صلاح الدين الأيوبي الذي حكم بين ( 570 – 589 هـ / 1171 – 1192 م ) واحداً من أكثر الحكام في زمانه اهتماماً بالعلم والعلماء وبناء المدارس والمساجد والمستشفيات حتى ليعجب الدارس لموضوع الطب والأطباء في عصره وهو يرى في المصادر الكثرة الكاثرة من الأطباء والعلماء ، ويشتد عجبه حين يبهره شغف صلاح الدين بمجالسة خواصه من العقلاء والعلماء والأطباء الذين كانوا دائماً بمعيته في الحرب والسلم على السواء ، يغدق عليهم العطايا والرواتب ، ويبدوا أنه كان للأطباء عنده مكانة خاصة حيث يروي ابن أبي أصيبعة قصصاً عن الهبات العظيمة لبعضهم والرواتب الخيالية للبعض الآخر الذين أناط بهم العمل في المستشفيات سواء المبنية سابقاً أو التي يقوم ببناءها .ولو أردنا سرد واستقصاء جميع الأطباء الذين عاصروا صلاح الدين لطال بنا الشوط ، لذا سوف نركز على الأطباء الذين عملوا بمعية صلاح الدين أو الذين اتصلوا به وكلفوا من قبله للعمل في المستشفيات .

1 – حكيم الزمان عبد المنعم الجلياني : هو حكيم الزمان أبو الفضل عبد المنعم بن عمر بن عبد الله الغساني الأندلسي الجلياني . كان علامة زمانه في صناعة الطب والكحل (طب العيون ) أتى من الأندلس وأقام بدمشق إلى حين وفاته ، وعمر طويلاَ . وكانت له دكان في اللبادين لصناعة الطب . وكان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب يرى له ويحترمه . وله في صلاح الدين مدائح كثيرة ، وصنف له كتباَ وكان له منه الإحسان الكثير . توفي في دمشق بعد سنة ستمائة ( لم يذكر في أي سنة ) . وله دواوين شعر عديدة ومؤلفات كثيرة في الطب والتفسير والحديث .

2 – مهذب الدين بن النقاش : هو الشيخ أبو الحسن علي بن أبي عبد الله ابن هبة الله النقاش مولده ومنشؤه ببغداد ، اشتغل بصناعة الطب على الأجل أمين الدولة هبة الله صاعد بن التلميذ ولازمه مدة ، واشتغل بعلم الحديث . ولما وصل إلى دمشق بقي بها يطب ، وكان أوحد زمانه في صناعة الطب ، وله مجلس عام للمشتغلين عليه ، ثم توجه إلى الديار المصرية ، وأقام بالقاهرة مدة . ثم رجع إلى دمشق ولم يزل مقيماَ بها إلى حين وفاته . وخدم بصناعة الطب الملك العادل نور الدين محمود زنكي ، وخدم أيضاَ في البيمارستان الكبير الذي أنشأه الملك العادل نور الدين بدمشق وبقي به سنين .
وخدم مهذب الدين بن النقاش أيضاً بصناعة الطب بعد ذلك للملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب لمّا ملك دمشق ، وحضي عنده . وكانت وفاته رحمه الله بدمشق سنة أربع وسبعين وخمسمائة.

3 – أبو زكريا يحيى البياسي : هو أمين الدين أبو زكريا يحيى بن إسماعيل الأندلسي البياسي من الفضلاء المشهورين والعلماء المذكورين ، قد أتقن الصناعة الطبية وتميز في العلوم الرياضية ، وصل من المغرب إلى ديار مصر ، وأقام بالقاهرة مدة ، ثم توجه إلى دمشق وقطن بها . وقرأ على مهذب الدين أبو الحسن علي بن هبة الله المعروف بابن النقاش
البغدادي ، ولازمه وكتب الستة عشر لجالينوس ، وقرأها عليه . وكتب بخط يده كتباً كثيرة جداً في الطب وغيره . وخدم الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب بصناعة الطب ، وبقي معه مدة في البيكار ثم استعفى من ذلك . وطلب المقام بدمشق فأطلق له الملك الناصر جامكية
( راتباً ) وبقي مقيماً في دمشق وهو يتناولها إلى أن توفي رحمه الله .

4 - رضـي الـديـن الرحـبـي : هو الحكيم الإمام رضي الدين أبو الحجاج يوسف بن حيدرة بن الحسن الرحبي ، كان والده من الرحبة . ولد سنة 534 هـ / 1139 م في جزيرة ابن عمر ، درس الطب في نصيبين وبغداد والقاهرة وتمهر فيها . وكان وصوله إلى دمشق سنة 555 هـ ، أيام السلطان الملك العادل نور الدين محمود زنكي .وبقي قاطناَ بدمشق وملازماَ للدكان لمعالجة المرضى ونسخ بها كتباَ كثيرة .
واشتغل على مهذب الدين بن النقاش الطبيب ولازمه فنوه بذكره وقدمه ، وتأدت به الحال إلى أن اجتمع بالملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب فحسن موقعه عنده ، وأطلق له في كل شهر ثلاثين ديناراَ ، ويكون ملازماَ للقلعة والبيمارستان ، فبقي كذلك مدة دولة صلاح الدين بأسرها .
ولما توفي صلاح الدين سنة 589 هـ / 1192 م عاد إلى دمشق وبقي فيها إلى أن توفي سنة 631 هـ / 1223 م وعاشر نحو المائة سنة . واشتغل عليه بصناعة الطب خلق كثير منهم مهذب الدين عبد الرحيم الدخوار قبل ملازمته لابن المطران .

5 - ابـن مـيـمـون : هو أبو عمر بن ميمون القرطبي . ولد في قرطبة سنة 529 هـ / 1134 م من عائلة يهودية ، وتتلمذ في المرية على ابن رشد وابن باجة ، وقرأ القرآن ، وكتب اللغة والفقه المالكي وحفظ آيات من القرآن الكريم ، وقيل أنه تأثر بها وأسلم عليها ، كما قيل أنه أسلم مكرهاَ حين آلت المرية إلى الموحدين الذين غالوا بالعصبية
الإسلامية ، ثم نزح إلى فاس ، ومنها إلى فلسطين التي كانت بيد الصليبيين يومها ، وبعدها نزح إلى مصر وتوطن في القاهرة ، واحترف الطب ودخل في خدمة صلاح الدين الأيوبي وصار طبيبه وجليسه ، كما صار رئيس الطائفة اليهودية بالقاهرة ، وعينه الملك الأفضل طبيباً له .
اشتهر بالفلسفة أكثر مما عرف بالطب ، وتوفي سنة 601 هـ / 1204 م . له مؤلفات عديدة منها : المختصرات وهي تلخيص الكتب الستة عشر لجالينوس ، شرح فصول أبقراط ، فصول موسى في الطب ، الرسالة الأفضلية وتبحث في الحالات النفسية وتقويتها .

6 - مـوفـق الـدين بن المطران : هو الحكيم العالم موفق الدين أبو نصر أسعد بن أبي الفتح ألياس بن جرجيس المطران . كان مولده ومنشؤه بدمشق ، وكان أبوه أيضاً طبيباً متقدماً جوالاً . وكان موفق الدين بن المطران كثير الاشتغال ، وله تصانيف تدل على فضله في صناعة الطب وفي غيرها من العلوم وخدم بصناعة الطب الملك الناصر صلاح الدين بن يوسف بن أيوب ، وكان رفيع المنزلة عنده . وكان نصرانياً فأسلم وحسن إسلامه ، وعندما أسلم زوجه صلاح الدين إحدى حظايا داره . وكان له همة عالية في تحصيل الكتب حتى أنه مات وفي خزانته من الكتب الطبية وغيرها ما يناهز عشرة آلاف مجلد . وقد درس عليه الكثير إلاّ أن أجلهم كان مهذب الدين عبد الرحيم الدخوار وكان ابن المطران بالبيمارستان الكبير الذي أنشأه نور الدين زنكي ( في دمشق ) يعالج المرضى المقيمين به ، توفي سنة 587 هـ / 1191 م بدمشق .

7 – أبو منصور النصراني : كان طبيباً عالماً حسن المعالجة والمداواة وبقي في خدمة صلاح الدين مدة وله تردد على دوره وعندما أراد تزويج بناته تكفل صلاح الدين بمصاريفهن التي بلغت نحو ثلاثين ألف درهم .

8 – مهذب الدين بن الحاجب : كان طبيباً مشهوراً فاضلاً في الصناعة الطبية ، متقناً للعلوم الرياضية معتنياً بالأدب متعيناً في علم النحو . مولده بدمشق ونشأ بها واشتغل بصناعة الطب على مهذب الدين بن النقاش .
وخدم بصناعة الطب في البيمارستان الكبير الذي أنشأه الملك العادل نورد الدين بن زنكي … وخدم الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب بصناعة الطب ، وبقي في خدمته إلى أن توفي صلاح الدين .

9 – أبو الفرج النصرانـي : كان طبيباً فاضلاً بصناعة الطب ، جيد المعرفة بها حسن العلاج متميزاً في زمانه وخدم بصناعة الطب الملك صلاح الدين يوسف بن أيوب ، وكان يحترمه ويرى له .

10 – الشريف الكـحـال : هو برهان الدين أبو الفضل سليمان ، أصليته من مصر وانتقل إلى الشام شريف الأعراق لطيف الأخلاق . وكان عالماً بصناعة الكحل ( طب العيون ) ، وافر المعرفة والفضل . وخدم بصناعة الكحل السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب وكان له منه الجامكية السنية ، والمنزلة العلية ، والإنعام العام ، ولم يزل مستمراً في خدمته متقدماً في دولته إلى أن توفي رحمه الله .

11 – أبـو النـجـم النصـرانـي : هو أبو النجم أبي غالب بن فهد بن منصور . كان طبيباً مشهوراً في زمانه جيد المعرفة بصناعة الطب ، محمود الطريقة فيها . وخدم بصناعة الطب الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب وحظي عنده ، وكان مكيناً في الدولة ، وبقي في خدمته مدة ، وكان يتردد إلى دوره ويعالجهم مع جملة الأطباء . توفي أبو النجم النصراني بدمشق في سنة تسع وتسعون وخمسمائة ، وله ولد طبيب ، وله من الكتب كتاب الموجز في الطب .

12 – عبد اللطيف البغدادي ( 557 – 629 هـ / 1162 – 1231 م ) : موفق الدين محمد عبد اللطيف البغدادي المعروف بابن اللباد ، الطبيب السائح الفيلسوف العربي . موصلي الأصل ولد ببغداد وبعد أن أكمل علومه فيها ذهب إلى الموصل ثم إلى دمشق واجتمع بعلمائها وناظرهم ، وعندما تاقت نفسه إلى مقابلة صلاح الدين توجه إلى القدس ومنها إلى عكا حيث كان صلاح الدين يتهيأ لاسترجاعها . وهناك التقى بعظماء الرجال الذين كانوا يرافقون صلاح الدين في تنقلاته وحروبه غير أنه لم يحظ بمقابلة صلاح الدين الذي كان مشغولاً بمحاربة
الفرنج ، فتوجه إلى القاهرة واجتمع بعلمائها وأخذ يقرئ الناس الطب في الجامع الأزهر . وعندما علم أن صلاح الدين قد هادن الفرنج عاد إلى القدس .
يقول عبد اللطيف البغدادي ((وتوجهت إلى القدس فرأيت ملكاَ عظيماَ يملأ العين
روعة ، والقلوب محبة … وأول ليل حضرته وجدت مجلساَ حفلاَ بأهل العلم يتذاكرون في أصناف العلوم ، وهو يحسن الاستماع والمشاركة … فكتب لي صلاح الدين بثلاثين ديناراَ في كل شهر على ديوان الجامع بدمشق وأطلق أولاده رواتب حتى تقرر لي في كل شهر
مائة دينار )) .
ثم عاد إلى دمشق ، وشرع في التدريس والاشتغال بالطب ، وكان يأتيه خلق كثير يشتغلون عليه ويقرؤون أصنافاَ من العلوم وتميز في صناعة الطب في دمشق ، صنف في هذا الفن كتباَ كثيرة . وبعد جولة في بلاد الروم استقر في حلب واشتغل فيها بتدريس وممارسة صناعة الطب ثم خطر له أن يحج ويجعل طريقه على بغداد .. ولما وصل بغداد مرض وتوفي رحمه الله سنة تسع وعشرين وستمائة ودفن عند أبيه ، وذلك بعد أن خرج من بغداد وبقي غائباَ عنها خمسة وأربعين سنة .
اشتهر بإعلان آرائه المخالفة لجالينوس وغيره ممن سبقوه من الأطباء العرب . وله مؤلفات في مختلف العلوم . ومن كتبه المشهورة في الطب : مقال في الحواس ، كتاب الإفادة والاعتبار الذي أثبت فيه أن الفك الأسفل قطعة واحة وليس قطعتين كما كان يعتقد جالينوس والأطباء العرب قبل البغدادي .
القسم الثاني : المستشفيات ( البيمارستانات ) التي بناها صلاح الدين :
يجمع المؤرخون على أن أبقراط أول مؤسس للبيمارستانات وأنها أيضاً أنشأت في جنديسابور بفارس قبل الإسلام بثلاثة قرون ، وأن هذا المستشفى كان نموذجاً للبيمارستانات العربية . وأن نواة هذه البيمارستانات في الإسلام تلك الخيمة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإقامتها في غزوة الخندق والتي كانت رفيدة الأسلمية تداوي الجرحى فيها . وأن الوليد بن عبد الملك منشئ أول بيمارستان كامل ناضج في الإسلام سنة 88 هـ / 706 م . وأن هارون الرشيد أول من أنشأ بيمارستاناً في عاصمة العباسيين في بغداد . وقد أحصى الباحثون نحواً من مائة من البيمارستانات انتشرت في رحاب العالم العربي الإسلامي . ولم تقتصر هذه المستشفيات على عواصم الخلافة أو الدولة بل أقيمت في عدد من المدن الكبرى الأخرى والبلدان والقصبات .
وكان يقوم بإنشائها عادة الملوك والأمراء وذووا المال والجاه . وكان نصيب صلاح الدين من ذلك وافراً حيث أنشأ سبعة بيمارستانات هـي :

1 – بيمارستان القدس : لما فتح صلاح الدين القدس سنة 583 هـ أعاد فتح المدرسة التي كان الفرنج قد جعلوها كنيسة عندما ملكوا القدس سنة 492 هـ وأمر بأن تجعل الكنيسة المجاورة لدار الأشبيتار بقرب حمامه مارستاناً للمرضى ووقف عليها مواضع وخصص أدوية وعقاقير غزيرة وفوض القضاء والنظر في هذه الوقوف إلى القاضي بهاء الدين يوسف بن رافع أبي تميم

2 – بيمارستان عـكـا : في سنة 583 هـ بعد أن فتح السلطان صلاح الدين بيت المقدس واستنقذه من أيدي الصليبيين ، انصرف إلى دمشق واجتاز في طريقه إلى عكا ، ولما وصل إليها نزل بقلعتها ووكل بعمارتها وتجديد محاسنها بهاء الدين قراقوش ، ووقف دار الأشبيتار نصفين على الفقراء والفقهاء وجعل دار الأسقف مارستاناً ووقف على ذلك كله أوقافاً دارة وولى نظر ذلك لقاضيها جمال الدين ابن الشيخ أبي النجيب وعاد إلى دمشق مؤيداً منصوراً .

3 – البيمارستان الناصري أو الصلاحي أو بيمارستان صلاح الدين في القاهرة : لما ملك السلطان صلاح الدين يوسف بن يوسف بن أيوب الديار المصرية (سنة 567 هـ / 1171م ) واستولى على القصر قصر الفاطميين كان في القصر قاعة بناها العزيز بالله في سنة 384 هـ / 994 م فجعلها السلطان صلاح الدين بيمارستاناً وهو باقٍ على هيئته إلى الآن ( أي زمن القلقشندي ) .
قال القاضي الفاضل في متجددات سنة 57 هـ / 1181 م : (( أمر السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب بفتح مارستاناً للمرضى والضعفاء فاختير مكاناً بالقصر ، وأفرد برسم من جملة الرباع الديوانية ، مشاهرة مبلغها مائتا دينار وغلات جهتها الفيوم واستخدم له أطباء وكحالين وجرائحيين وشارفاً وعاملاً وخداماً ووجد الناس به رفقاً وبه نفعاً )) .
قال أبو الحسن محمد بن جبير الرحالة الأندلسي عند زيارته لمدينة القاهرة ، سنة 578 هـ : 1182 م وذلك في عهد السلطان صلاح الدين :
(( ومما شاهدناه في مفاخر هذا السلطان ، المارستان الذي بمدينة القاهرة وهو قصر من القصور الرائعة ، حسناً واتساعاً أبرزه لهذه الفضيلة تأجراً واحتساباً ، وعين قيماً من أهل المعرفة وضع لديه خزائن العقاقير ومكنه من استعمال الأشربة وإقامتها على اختلاف
أنواعها ، ووضعت في مقاصير ذلك القصر أسرة يتخذها المرضى مضاجع كاملة الكُسى .
وبين يدي ذلك القيم خدمة يتكلفون بتفقد أحوال المرضى بكرة وعشية ، فيقابلون من الأغذية والأشربة بما يليق بهم . وبازاء هذا الموضع موضع مقتطع للنساء المرضى ولهن أيضاً من يتكفلهن ويتصل بالموضعين المذكورين موضع خير متسع الفناء فيه مقاصير عليها شبابيك من الحديد اتخذت مجالس للمجانين . ولهم أيضاً من يتفقد في كل يوم أحوالهم ويقابلها بما يصلح لها . والسلطان يتطلع هذه الأحوال كلها بالبحث والسؤال ويؤكد في الاعتناء بها والمثابرة عليها غاية التأكيد )) .

4 – بيمارستان الإسكندرية : قال تقي الدين المقريزي : (( في السابع عشر من شوال سنة 577 هـ سار السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب إلى الإسكندرية فدخلها في الخامس والعشرين من شهر شوال وشرع في قراءة الموطأ ، وأنشأ بها بيمارستاناً ودار للمغاربة ومدرسة على ضريح المعظم توران شاه )) .

5 – قـاعـة النساء في البيمارستان النوري أو العتيق بحلب : (( وفي هذا المارستان قاعة للنساء مكتوب عليها : عُمّر هذا المكان في دولة صلاح الدين يوسف بن أيوب )) .

6 – بيمارستان الفسـطـاط : وقد أبدى صلاح الدين اهتماماً بالمستشفيات التي بناها والتي كانت مبنية من قبل وذلك بتعيين المشرفين والأطباء الجيدين مع تخصيص مخصصات سخية للعاملين فيها ، فقد جاء أنه من اختصاصات ديوان الأوقاف ما يلي :
(( وكذلك يشرف هذا الديوان على الأنفاق على المدارس الصلاحية والمارستانات الثلاثة التي شيدها صلاح الدين بالقاهرة والفسطاط والإسكندرية )) .

7 – مارستانات الطلبـة : وكمثال لهذه المارستانات والتي تبين رعاية صلاح الدين لطلاب العلم ( والطب منها ) الذين يفدون إلى المدن الرئيسية التي كانت تحت سلطته يصف الرحالة ابن جبير مناقب الإسكندرية فيقول : (( ومن مناقب هذا البلد ومفاخره العائدة في الحقيقة إلى سلطانه ، المدارس والمحارس ( مأوى الدارسين والزهاد والمسافرين ) الموضوعة فيه لأهل الطب والتعبد يفدون من الأقطار النائية فيلقى كل واحد منهم سكناً يأوي إليه ومدرساً يعلمه الفن الذي يريد تعلمه وإجراء يقوم به في جميع أحواله .
واتسع اعتناء السلطان بهؤلاء الغرباء الطارئين حتى أمر بتعيين حمامات يستحمون فيها متى احتاجوا إلى ذلك ، ونصب لهم مارستاناً لعلاج من مرض منهم ، ووكل بهم أطباء يتفقدون أحوالهم ، وتحت أيديهم خدام يأمرونهم بالنظر في مصالحهم التي يشيرون بها من علاج وغذاء. وقد رتب أيضاً فيه أقوام برسم الزيارة للمرضى الذين يتنزهون عن الوصول للمارستان المذكور من الغرباء خاصة ، وينهون إلى الأطباء أحوالهم يتكفلوا بمعالجتهم )) .
القسم الثالث – الطب والمستشفيات عـنـد الإفرنج في عـصر صلاح الدين :
إن ذكر شيء عن الطب والمستشفيات لدى الإفرنج المعاصرين والمتواجدين على مقربة من صلاح الدين في المواقع التي كانت تحت سيطرتهم أمر يحتمه البحث وتستوجبه الأمانة العلمية فنبدأ بالحديث عن الأطباء .
استمرت الحروب الصليبية بين ( 1059 – 1291 م ) وعادت القدس بقادة صلاح الدين الأيوبي للمسلمين بعد معركة حطين ، وكانت الحروب الصليبية فرصة سنحت للاتصال بين الشرق الإسلامي والغرب المسيحي ، وطريقاً من الطرق التي انتقلت فيها الحضارة والعلوم – والطب منها – من العالم العربي الإسلامي إلى أوربا ولو بشكل يسير .
((جاء الصليبيون غزاة طامعين مخدوعين بتحرير أرض فلسطين من الظلم والظلام الإسلامي وإذا بهم يجدون الإنسانية والعدل ونور العلم مشعة في المشرق الإسلامي ، فنهلوا من علومها واستفادوا من حضارتها ونقلوا من كتبها إلى عالم أوربا السادر في ظلامه الدامس وهمجيته القديمة ونزاعاته التي لا منقطع لها )) .
يقول المستشرق الدكتور مايرهوف : (( إن المسلمين الذين اتصلوا بأطباء الإفرنج أثناء الحروب الصليبية لم يكتموا ازدراءهم العظيم بصناعة اؤلئك الأطباء وشكهم بمهاراتهم ويظهر ذلك من الرواية التي قصها ( أسامة ) الأمير السوري )) .
يقول أسامة بن منقذ : (( ومن عجيب طبهم أن صاحب المنيطرة كتب إلى عمي يطلب منه إنفاذ طبيب يداوي مرضى من أصحابه فأرسل إليه طبيباً نصرانياً يقال له ثابت فما غاب عشرة أيام حتى عاد فقلنا له : ما أسرع ما داويت المرضى ، قال : أحضروا عندي فارساً قد طلعت في رجله دملة وامرأة قد لحقها نشاف. فعملت للفارس لبيخة ففتحت الدملة وصلحت . وحميت المرأة ورطبت مزاجها . جاءهم طبيب إفرنجي فقال لهم هذا ما يعرف شيء يداوهم . وقال للفارس : أيهما أحب إليك تعيش برجل واحدة أو تموت برجلين ؟ . قال : أعيش برجل واحدة . قال : أحضروا لي فارساً قوياً وفأساً قاطعاً . فحضر الفارس والفأس ، وأنا حاضر ، فحط ساقه على قرمة خشب وقال للفارس : اضرب رجله بالفأس ضربة واحدة اقطعها ، فضربه وأنا أراه ضربة واحدة ما انقطعت ، ضربه ضربة ثانية فسال مخ الساق ، ومات من ساعته . وأبصر المرأة فقال : هذه في رأسها شيطان قد عشقها ، احلقوا شعرها فحلقوه وعادت تأكل من مآكلهم الثوم والخردل ، فزاد بها النشاف ، فقال : الشيطان قد دخل في رأسها ، فأخذ الموسى وشق رأسها صليباً وسلخ وسطه حتى ظهر عظم الرأس وحكه بالملح ، فماتت في وقتها . فقلت لهم بقي لكم إليّ حاجة ؟ قالوا : لا فجئت وقد تعلمت من طبهم ما لم أكن أعرفه )) .
وتعلق المستشرقة زيغريد هونكة على هذه القصة قائلة (( ليست هذه النادرة دعوة خصم كما يتبادر إلى أذهان بعض الناس ، كما أنها ليست محاولة لا تهدف إلا الحط من شأن قوم لهم وزنهم ، كانوا أعداء العرب الألداء ، ذلك أن ثمة نوادر أخرى من هذا النوع تشهد ببراعة الطب في أوربة آنذاك . لقد روى أحد المؤرخين الأوربيين الثقاة ، بعد مرور مأتي سنة من وقوع نادرتنا السابقة ، قصة النبيل الصغير الأمير ديدو الثاني ، فون روشيليتز وغويز ، الذي كان يشكو قصراَ في نفسه وسمنة في بدنه . لقد أراد هذا الأمير أن يستشير طبيباَ ليعرف إذا كانت سمنته هذه ستزعجه وتتعبه في الرحلة التي ينوي القيام بها بصحبة الإمبراطور هاينريش السادس إلى أبولين الإيطالية . وما عتم الطبيب أن تناول موسى حادة شق بها بطن الأمير الصغير المسكين ببساطة ، فنزع الشحم الزائد منه ، وانتزع روحه معه كذلك . أجل لقد كان ما حدث طريقة أساسية في المعالجة تذكرنا بفن الطبابة الغربي في الأراضي المقدسة .
ويقول أيضاً : (( ومن عجيب طبهم ما حدثنا به كليام دبور صاحب طبرية وكان مقدماً فيهم . واتفق أنه رافق الأمير معين الدين رحمه الله ، من عكا إلى طبرية وأنا معه ، فحدثنا في الطريق قال : كان عندنا في بلادنا فارس كبير القدر فمرض وأشرف على الموت ، فجئنا إلى قس كبير من قومنا قلنا : تجيء حتى تبصر فلاناً ؟ قال : نعم ومشى معنا ونحن نتحقق أنه إذا حط يده عليه عوفي ، فلما رآه قال : أعطوني شمعاً فأحضرنا له قليل شمع ، فلينه وعمله مثل عقد الإصبع وعمل كل واحدة في جانب انفه فمات الفارس فقلنا له : قد مات قال : نعم كان يتعذب سددت أنفه حتى يموت ويستريح )) .
وتعلق زيغريد هو نكه هنا أيضاَ فتقول (( أيد توضع ، وشيطان يطرد ، وصلاة تقام … تلك كانت الوسائل المفضلة في المعالجة التي حاول بها أطباء أوربا عن طريق مسوح الكهنوت والرهبان ، إنقاذ الإنسانية المريضة وتخليصها من براثن الداء والألم .))
ثم تقول (( إن البلاد المقدسة لم تقدم كل ألون الشفاء العجائبية هذه فحسب ، بل منحت أبناءها هبة ربانية رحيمة . لقد أعطتهم سلطاناَ وقوة لطرد الأرواح النجسة بالخروج فتخرج تماماَ كما أوصى المسيح ( ع ) تلامذته قائلاَ ( أشفوا المرضى وأقيموا الموتى ، طهروا البرص ، أخرجو الشياطين ) . فهذه المهمة وجبت قوة الأيمان وعمقه ، ذلك الأيمان الراسخ المطلق كان خير شفاء ، فمن آمن لزم مساعدته . هكذا علمت الكنيسة ، وعرفت كيف تنصب نفسها قيمة على شفاء الأرواح والأجساد . وإلا فأين الأيمان المطلق بالله وعظمته حين تعتمد إلى أدوية أرضية وألوان من النبات والجذور .
إن الشياطين والأرواح النجسة هي وحدها التي تسعى إلى إبعاد البشر عن الله فتدفع بالأغبياء البله ضعيفي الأيمان لأن يلتجئوا إلى مثل هذه الوسائل . ( إن علم العقاقير بأشكالها
المختلفة ، يرجع في أصله إلى الفن الباطل الخادع القائم على المادة . ولئن آمنا جدلاَ بأن المادة قادرة على شفاء العلل ، إن وثق الإنسان بها ، فكم هو حري بقدرة الله أن تشفي المريض عندما يعتمد المرء على قوة خالقة ، فلم إذن ، لا تتوجه إلى سيد العالمين ، وإلا فامض أيها الإنسان العاجز الضعيف وتداو كالكلب بالكرنب ، والأيل بالأفاعي ، والخنزير بالسرطان النهري ، والأسد بالقرود ، لماذا، لماذا تؤله الأشياء الأرضية ) هذا ما جاء على لسان الأب الجليل تاتيان
لقد اعتبر التعاطي بعقاقير غير عقاقير الكنيسة وأدوية الروح ، أو ممارسة مهنة الطب ، وإجراء العمليات الجراحية بالآلات عملاَ دون مركز الكنيسة ، ودون جلال الروح وقدسيتها :
( انه لمشين حقاَ أن يعمل الطبيب بيديه ) إن هذا القول ظل معمولاَ به مدى أجيال عديدة طويلة حتى لدى الأطباء المتعلمين . لقد كان من الأمور المعيبة الحقيرة أن يمارس عميد الطب مهنة يدوية ، حتى جس النبض اعتبر أمرا دنيئاَ مهيناَ . وباختصار فإن الكنيسة قد حرمت على رجالها تعاطي الجراحة معاطاة قطعية وتركت للمتحضرين المتمرنين ، ذوي الخبرة البدائية مهنة الجراحة ومعالجة الجراح المدماة .
إن الكنيسة لم تثق بمثل هؤلاء الناس بتة ، كما أنها ما كانت لتثق بجميع أنواع العلاج غير الكنسية . فمن لم يعمل في الدرجة الأولى ، على تخفيف آلام المريض ، من دون إحداث آلام أخرى في معالجته للداء ذاته يدوياَ ، فإنه يعد قد ارتكب خطيئة شنعاء على جسد المريض .))
هذا الجهل من أطباء الفرنج دفعهم إلى أن يلجؤوا إلى الأطباء العرب ، ولم يكن ذلك لأن في الشرق أمراضاً لا علم لأطبائهم بها فحسب ، بل كان ذلك من فروع الطب . واتخذ أمراء الفرنجة أطباء من نصارى العرب فكان لعموري ( عطريق الأول ) طبيب اسمه سليمان بن داؤد وحذا حذوه كثيرون من كبار الفرنجة .
ولما مرض الملك الإنكليزي ( ريتشارد قلب الأسد ) أكبر خصوم صلاح الدين بعث إليه صلاح الدين طبيبه الخاص لمعالجته ورفه عنه بأن أرسل إليه الفواكه والثلج .
وفي عام 1218 صحب الطبيب الجراح هوغو فون لوكا البولوني فرقة بولونية – مقاطعة في إيطاليا – إلى الحرب في الأرض المقدسة وظل هوغو يضمد جراح مواطنيه ويجبر كسورهم بأساليبه البسيطة مدة ثلاث سنوات وكان يرى كثيراً من الأسياد يفضلون الذهاب إلى جانب الأعداء للتداوي بالرغم من تحريم رجال الكنيسة ، وفي خلال هذه السنوات
الثلاث ، توافرت له أكثر من مناسبة للتعرف على هؤلاء الجراحين المسلمين ورؤية عظمتهم وزيارة مستشفاهم العسكري .
إن ما رآه هوغو في معالجة الجروح كان بمثابة صدمة له ، رأى في لحظة واحدة خطأ ما تعلمه وأخذه عن أبقراط وصحة ما يقوم به الأطباء العرب والمسلمون في معالجة الجروح وتخدير الجرحى بالحشيش والسكران عند معالجتهم أو قطع طرف من أطرافهم . وعاد هوغو إلى وطنه عام 1221 وقد تفتحت آفاقه العلمية ومداركه …. فسعى إلى نشر معارفه الحديثة بين
قومه ، وسلك مسلك العرب في كثير من فنون التداوي ، فنال شهرة واسعة .
ومن أجل إعطاء صورة عن المستشفيات لدى الإفرنج في عهد صلاح الدين ننقل قولاً لمايرهوف حيث يقول : (( ولنا أن نميل إلى الاعتقاد بأن الفضل في بناء مستشفيات أوربا خلال القرن الثالث عشر ، تلك المستشفيات التي خرجت من احتكار رجال الدين ، إنما يعود بعضه إلى تأثير الحروب الصليبية . لقد كانت تقليداً بلا ريب للبيمارستانات التي أنشأها معاصرهم السلجوقي الملك نور الدين زنكي في دمشق وسلطان المماليك في القاهرة ( المنصور قلاوون ) وقد بقي المستشفى مثار لإعجاب السياح الأوربيين في القرون التي تلت … أسس البابا
( أنوسنت ) الثالث في رومه في مفتتح القرن الثالث عشر مستشفى القديس
( سبيريتو ) ، وسرعان ما انتشرت شبكة من المستشفيات أمثاله في غربي أوربا . فالمستشفى والملجأ المسمى ( لكانز فان ) أسسه ( لويس التاسع ) في باريس بعد عودته مقهوراَ من حملته الصليبية ( 1254 – 1260 م ) وكان قد خصص بالأصل لإيواء ثلاثمائة أعمى فقير ، ثم ألحق به مستشفى لأمراض العين ، وهو يعد الآن من أكبر مستشفيات عاصمة فرنسا )) .
وفي الوقت الذي كان في كل مدينة عربية مستشفى متطور متكامل (( يذكر مؤلف أوربي أنه لم يكن لدى الصليبيين غير مستشفى فرسان القديس يوحنا في القدس )) .
وما كاد الصليبيون يصلون إلى أوطانهم ويلملموا شملهم وينقهون من أتعابهم وجراحاتهم حتى التفتوا إلى نشر ما تعلموه من العرب بين مواطنيهم . فأسس لويس التاسع أثر رجوعه إلى باريس سنة 1260 مستشفى تقليداً لمستشفيات سوريا ، وأسس البابا أنوسنت الثالث مستشفى آخر على نفس الطراز .
وأخيراً وليس آخراً نقول بأن المرضى والأطباء من المحاربين العائدين ساهموا أيضاً في نقل كثير من بدائع الفكر ومقومات الصنعة الطبية العربية إلى الغرب ، وكان المحط الرئيسي لهم لدى العودة مدينة ساليرنو حيث أفاد ذلك في رفع عملية التقدم الطبي في مدرستها ومستشفاها وأطبائها ومن ثم انعكس ذلك على النهضة الطبية في أوربا .
وفي الختام نقول أن هذه النزعة الفريدة لدى صلاح الدين في بناء المستشفيات ودور
العلم ، ورعاية العلماء والأطباء وتقديمه الهبات والعطايا لهم بغض النظر عن أديانهم وجنسياتهم قد جعله فريد زمانه وأعجوبة العالم في عصره اعترف بذلك الأعداء قبل الأنصار.
وبعد كل ما سبق نخرج بالنتائج التالية :
1 – كانت البلاد العربية في أواخر القرن السادس الهجري / الثاني عشر الميلادي ملئ بالعلماء والأطباء على خلاف من يقول بأن الحضارة العربية خبت جذوتها منذ القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي . وكان لبعض أولئك الأطباء اكتشافات وإضافات هامة في حقل الطب .

2 – أثبت البحث أن الطب والمستشفيات عند الإفرنج في عصر صلاح الدين ( القرن السادس الهجري / الثاني عشر الميلادي ) كان متخلفاَ وأن الأطباء كانوا جاهلين . الأمر الذي دفعهم إلى اللجوء إلى الأطباء العرب لمعالجة مرضاهم .

3- كان صلاح الدين واحداَ من أكثر الحكام في زمانه اهتماما بالعلم والعلماء والأطباء وبناء المدارس والمساجد والمستشفيات ، وكل ذلك دليل على كونه كان رجل علم بجانب كونه بطلاَ حرر أرض المسلمين من الغزاة الصليبيين . وفي الختام نقول أن هذه النزعة الفريدة لدى صلاح الدين في بناء المستشفيات ودور العلم ، ورعاية العلماء والأطباء وتقديمه الهبات والعطايا لهم بغض النظر عن أديانهم وجنسياتهم قد جعله فريد زمانه وأعجوبة العالم في عصره اعترف بذلك الأعداء قبل الأنصار.
----------------------------------------------------------