أخذت تقنية التّصوير الطبقي المحوري “CAT” بالتصوير التقليدي باستخدام الأشعة السينية إلى مرحلةٍ جديدة، فبدلاً من تصوير الحدود الخارجية للعظام والأعضاء، فإن عملية المَسح بآلات CAT تقوم بتشكيل نموذجٍ حاسوبي ثلاثي الأبعاد للبُنية الداخلية والتشريحية للمريض. يستطيع الأطباء أيضاً أن يفحصوا شريحة رقيقة من الجسم في كل مرة، بهدف تسليط الضوء وبدقة على مناطق محددة.
في هذا المقال، سنقوم بتسليط الضوء على المبادئ الأساسية للتصوير الطبقي المحوري. التقنيات الحاسوبية المُستخدمة تعتبر متقدّمة ومعقدة، إلا أن الفكرة العامة لمبدأ العمل بسيطةٌ جداً في الحقيقة.جهاز التصوير بالطبقي المحوري. يتألف الجهاز من سرير المريض المتحرك، وقنطرة التصوير الثابتة، والتي تضم أنبوب الأشعة والكواشف. أخيراً، هنالك وحدة التحكم بالجهاز ووحدة معالجة المعلومات وإظهار الصور.
مبدأ العملتقوم أجهزة المَسح الطبقي المحوري بإنتاج الأشعة السينية (الأشعة السينية X-Ray أحد أنماط الأشعة الكهرومغناطيسية، وهي تتميز بكونها تحمل طاقةً مرتفعة وذات طول موجة قصير جداً، من رتبة النانو والبيكومتر). فوتونات الأشعة السينية بشكلٍ عام مثل فوتونات الضوء المرئي، من حيث خواصها الفيزيائية: فهي تَمتلك قيمة مُعينة للتّردد وقيمة معينة لطول الموجة. الفرق الأساسي هو بطاقتها المرتفعة جداً. تسمح الطاقة العالية للأشعة السينية بأن تخترق العديد من المواد الهشة وقليلة الكثافة في جسم الإنسان.صورة الأشعة السينية التقليدية هي بشكل أساسي عبارة عن صورٍ ظليلة. تعتمد طريقة التّصوير على تسليط الضوء على أحد جوانب جسم الإنسان، ويوجد فيلم خاص على الجانب الثاني يُسجل صورة ظليلة للعظام. الفكرة الأساسية من استخدام الأشعة السينية بالتصوير هي بقدرة النسج وأعضاء الجسم الداخلية على امتصاص طاقة الإشعاع، وكما نعلم، هنالك أعضاء ذات كثافة مرتفعة – مثل العظام – وأعضاء ذات كثافة منخفضة – مثل الرئتين – وعندما يتم توجيه حزمة الأشعة السينية للجسم، سيتم امتصاص طاقة الأشعة عبر نُسج وأعضاء الجسم بقيمٍ مُختلفة ومُتباينة، وذلك حسب كثافة النّسيج أو العضو، وبالتالي، فإن حزمة الأشعة التي عبرت الجسم عندما تصطدم بالفيلم المُخصص للتصوير، ستعطي فكرةً جيدة عن البنية التشريحية للجزء الذي تم تعريضه للإشعاع.تعطي الظلال صورةً غير مُكتملة لشكل الجسم. تخيّل أنك تقف مواجهاً لجدار وتحمل تُفاحةً مقابل صدرك بيدك اليمنى وموزة خارج جسمك بيدك اليسرى وصديق لك ينظر إلى الجدار فقط وليس إليك. إذا كان هنالك مصباح مقابلك سيتمكّن صديقك من رؤية محيطك وأنت تحمل موزة ولكن ليس التفاحة حيث أن ظل جذعك سيحجب التفاحة. أما إذا كان المصباح على يسارك سيتّمكن صديقك من رؤية مُحيط التفاحة ولكن ليس الموزة.أهمية عملية تدوير مصدر الأشعة السينية، من أجل الحصول على كل المسافط الممكنة.
نفس الأمر يحصل بالنسبة لصور الأشعة السينية التقليدية. فإذا وُجد عظمٌ كبير مباشرةً بين جهاز الأشعة السينية وعظمٍ صغير، فإن العظم الكبير قد يُغطي العظم الصغير على الفيلم ولكي ترى الصغير يجب أن تدير جسمك أو تحركه أو تغير مكان الجهاز.لكي يستطيع صديقك أن يرى أنك تحمل تفاحة وموزة يجب عليه أن يرى ظلّك في الموضعين وبالتالي يتم تشكيل صورة كاملة. هذه هي الفكرة الأساسية للتّصوير الطبقي المحوري. ففي أجهزة اطبقي المحوري يتحرّك شعاع الأسعة السينية حول جسم المريض لتمسح الجسم من مئات الزوايا المُختلفة، ويأخذ الحاسب هذه المعلومات ليشكّل لنا صورةً ثلاثية الأبعاد للمَنطقة المُراد تصويرها.إجراء المسح
من حيث الشكل، يُشبه جهاز التصوير الطبقي المحوري قطعة دونات كبيرة مائلة على جانبها. يستلقي المريض على منصة والتي تتحرّك ببطء إلى داخل أنبوب جهاز الأشعّة السينية، ويتم حمل الأنبوب على حلقة مُتحرّكة حول حافّة الثقب. تحمل الحلقة أيضاً مجموعة من كواشف الأشعة السينية والمتوضعة مقابل أنبوب الأشعة السينية.صورة بسيطة لمبدأ عمل أجهزة التصوير بالطبقي المحوري. تتحرك طاولة المريض عبر محركاتٍ خاصة بها، ويقوم أنبوب الأشعة السينية بإطلاق حزم الأشعة والدوران بشكلٍ مستمر، وتتولى الكواشف المتوضعة على الطرف المقابل عملية الكشف عن الأشعة التي عبرت جسم المريض. يتم إرسال المعطيات التي حصلت عليها الكواشف لوحدة المعالجة الحاسوبية، التي تقوم بمعالجة المعلومات وإظهار صورة العضو قيد التصوير.
يقوم مُحرّك بتدوير الحلقة، وبذلك يدور كلاً من أنبوب الأشعة السينية وكواشف الأشعة حول الجسم. في كل دورة يتم مسح شريحة أفقية ضيّقة من الجسم. يقوم نظام التّحكم بتحريك المنصة عميقاً داخل الجهاز وهكذا يستطيع الأنبوب أن يفحص الشريحة التالية.بهذه الطريقة تقوم الآلة بتسجيل هذه الشرائح عبر الجسم بحركة لولبية. يقوم الحاسوب بتغيير شدّة الأشعة السينية لكي يقوم بفحص مُختلف الأنسجة بالطاقة الأمثل. بعد أن يعبر المريض عبر الجهاز يقوم الحاسوب بجمع كافة المعلومات من كل فحص ويشكّل صورةً مفصّلة للجسم. ليس من الضروري إجراء مسح لكامل الجسم وغالباً يقوم الأطباء بمسح جزء معين.بالنسبة لعملية جمع المعلومات وتشكيل صورة العضو الذي تم تصويره، فإنها تدعى بـ “إعادة بناء الصورة Image Reconstruction”. يوجد العديد من الطرق التي يتم وفقها إعادة بناء صورة العضو المراد تصويره، وهي لوحدها بحثُ خاص بمجال علوم الحاسب ومعالجة الصورة الرقمية. بكل حال، فإن جميع الطرق تعتمد على نفس المبدأ: الاختلاف بكثافة الأشعة التي دخلت الجسم وخرجت منه، أي تعتمد على درجة امتصاصية العضو للأشعة السينية، فكلما كان العضو أكثر كثافة، كلما امتص كميةً أكبر من الأشعة السينية، وكلما كان أقل كثافة، كلما امتص كميةً أقل من الأشعة السينية.المسح الطبقي المحوري أكثر شمولية من المسح التقليدي بالأشعة السينية لأنه يقوم بمسح الجسم شريحةً شريحة ومن كل الزوايا. اليوم، يقوم الأطباء باستخدام هذه التقنية لتشحيص وعلاج كثير من الأمراض كصدمات الرأس والسرطان وهشاشة العظام. فهي أداة لا تقدر بثمن في الطب الحديث.صورة مأخوذة لمنطقة الصدر والبطن باستخدام جهاز التصوير الطبقي المحوري. تظهر صور الطبقي التفاصيل التشريحية بشكلٍ مميز ودقيق.
تظهر الصورة شرائح مختلفة لدماغ بشري تم تصويره باستخدام جهاز الطبقي المحوري. كل شريحة تم تصويرها من زاويةٍ مختلفة، وبالتالي يستطيع الطبيب أن ينظر لدماغ المريض من زوايا مختلفة ويفحص مناطق الدماغ بدقةٍ كبيرة.
المصادر:1- موقع HowStuffWorks2- موقع إدارة الأغذية والدواء الأمريكية FDA3- موسوعة ويكيبيديا الإنجليزية
مواقع النشر (المفضلة)