تقدم نظريات الكم مجموعة من التفسيرات للظواهر التي تحدث على مستوى الذرات والعناصر متناهية الصغر. كما تَعِدُ هذه النظريات بإمكانية التوصل إلى طرق تتيح للإنسان نقل مواد من مكان لآخر في لحظات آنية، بالإضافة إلى احتمالية تواجد المادة في عدة أماكن بنسب مختلفة.
وحالياً، يتم توظيف النظريات في مجالات مختلفة لصناعة حواسيب كمية تحتوي على معالج قادر على إجراء عمليات حسابية متعددة بعدد هائل من المتغيرات في وقت وجيز.
وتعتبر الشبكات الكمية (Quantum Networks)، من بين أهم التحديات التي يعمل الباحثون على تطويرها، إذ تعمل هذه الشبكات على أساس ميكانيكا الكم. ويتم من خلالها نقل البيانات بواسطة فوتونات ضوئية، وعبر ألياف بصرية اعتمادا على تقنية تسمى بالتشابك الكمي (Quantum entanglement) وهي ظاهرة كمية ترتبط فيها الجسيمات الكمية، مثل الفوتونات بعضها البعض رغم وجود مسافات كبيرة تفصل بينها.
وتتميز هذه الشبكات بدرجات أمان عالية، وذلك نظراً لاعتمادها على تقنية الاتصال عبر الوحدات الذرية (Quantum Cryptography)، والتي تتيح إمكانية تشفير البيانات أثناء نقلها بواسطة الفوتونات الضوئية، ما يجعل إمكانية اختراق هذه البيانات أمراً مستحيلاً.
وقد تمكن مؤخراً باحثون من جامعة فيينا من إنجاز تجربة ناجحة لظاهرة التشابك الكمي، مكنتهم من نقل جزيئين (فوتون) بواسطة تلسكوب ليزري من جزيرة “لابالما” إلى جزيرة “تينيريف” الإسبانيتين، واللتين تبعدان عن بعضهما بمسافة 143 كيلومترا.
اقرأ أيضاً: كيف ستؤثر التكنولوجيا على الأعمال عام 2016؟
وذكر الباحثون أن هذه المسافة تعادل تقريباً ارتفاع المدار المنخفض للأقمار الاصطناعية، مما يعد خطوة جديدة ستساهم في محطات أرضية مخصصة للإنترنت الكمي كالتي يتم استخدامها في نظام التموضع العالمي GPS.
ويعمل حالياً فريق من الباحثين من جامعة العلوم والتكنولوجيا في الصين بالتعاون مع باحثين من جامعة فيينا على مشروع يهدف إلى إنشاء أقمار اصطناعية مخصصة لإنترنت الكم، سوف تربط بين محطات أرضية في الصين وأوروبا، وسوف تطلق هذه الأقمار في مدار أرضي منخفض.
وإضافة إلى معايير الأمان التي توفرها إنترنت الكم، تتميز هذه الشبكة كذلك بسرعة كبيرة في نقل البيانات، بحيث تبلغ سرعتها أضعاف الشبكات الرقمية المستخدمة حاليا.
فتوفير شبكة تتميز بدرجة أمان عالية يعتبر هاجساً لمختلف الشركات والبنوك العالمية التي تطمح إلى حماية بياناتها أثناء عملية إرسالها واستقبالها، ما سيجعل من إنترنت الكم الحل المثالي في ظل تكاثر عمليات الاختراق.