طبيبات ومدرسات ومهندسات تحدين المستحيل ـــ البدايـــة كانـت مــن مراكــز محــو الأميـــة

طبيبة الاسنان (زينب علي ) ولدت وسط عائلة ريفية من الذكور كانت الانثى الوحيدة بينهم، لايؤمنون بتعليم البنات والحصول على شهادة ، وبرغم هذا الحرمان من المدرسة ، ظلت(زينب) تقاوم رغبتها القوية في ان تتعلم القراءة والكتابة كباقي بنات جنسها وتضمر طموحها في الحصول على شهادة علمية مرموقة تتباهى بها امام اهلها وصديقاتها


وباحساس التحدي وطموح المستقبل وعند اول فرصة بافتتاح مراكز محو الامية والتي سميت عند افتتاحها في نهاية سبعينيات القرن الماضي بالمدارس ((الشعبية))، التحقت زينب لتواصل مشوارها مع التعليم بعد فوات سنين طويلة ولكنها استطاعت ان تحقق في النهاية ما تصبو اليه واصبحت طبيبة اسنان مشهورة ولم تخجل د. زينب من كونها واحدة من خريجات محو الامية لتصبح طبيبة فيما بعد وتشعر ان قصة كفاحها مع الامية هو درس يستحق الفخر والمباهاة لا الشعور بالخجل.
هذه قصة من عشرات القصص لطالبات مراكز محو الامية التي ابتدأت حملتها في نهاية سبعينيات القرن الماضي وواصلن مسيرتهن الدراسية ليحققن احلامهن ليس بالشهادة الاولية بل في شهادات عليا والحصول على مناصب مهمة في قيادات المجتمع في كل المجالات لتصدق المرأة العراقية قصة(( شبعاد)) التاريخية وقصة كفاح السومريات والبابليات في مشاركة الرجل لبناء الحياة والحضارة .


الامية التي صارت طبيبة اسنان
قصة طبيبة الاسنان زينب واحدة من قصص الكفاح الجديرة بالعبرة لبنات الجيل الحالي المرابطات بقيود الامية والقابعات في المطابخ والمحرومات من نور العلم ولذة المستقبل .
تكمل زينب قصة كفاحها مع التعليم بعد فوات الاوان حتى الوصول الى مقاعد كلية طب الاسنان جامعة بغداد:
((عندما رحل ابي قررت عائلتي ترك مدينة النجف والسكن في بغداد مع اهل والدتي حيث تطلب الامر ذلك لظروف العائلة الصعبة .. بغداد فتحت لي ابواب الخير حينما اصر خالي على تكملة مشوار تعليمي ، وعلى الفور سارعت في البحث عن مدرسة اواظب فيها على الدوام .. الا ان عمري كان عائقا للدوام في المدارس الابتدائية الاعتيادية لتجاوزي السن القانونية وجاءت الفرصة عند افتتاح مدارس محو الامية للكبار وكانت فرحتي لاتوصف عند التحاقي بمركز محو الامية و قضيت في البداية سنتين تعلمت خلالها القراءة والكتابة بسرعة مما ساعدني في العبور الى الصف الرابع الابتدائي كطالبة متفوقة ,انتقلت بعدها الى المدارس المتوسطة والاعدادية وفي كلا المرحلتين حققت نتائج جيدة وممتازة وحصلت في امتحان البكلوريا للاعدادية معدل (92%)مما اهلني للقبول في كلية طب الاسنان جامعة بغداد ،و التي كانت حلمي وامنيتي و تخرجت من الكلية ايضا بتفوق وامتيازوكنت من الاوائل على دفعتي لعامي 94-95 .
وعن حياتها العملية واحلامها تشير (زينب) انها تمارس الان عملا وظيفيا جيدا في مجال اختصاصها في احد المستشفيات ولها عيادة تخصصية يقصدها مرضى الاسنان وهي فخورةعن قصة كفاحها الطويل من اجل التعليم والمستقبل وهي تتمنى ان يتحقق حلمها الاخير بوجود طفل يتوج سعادتها الاسرية.


اصغر الاميات سنا
(شروق لفتة) خريجة مدارس محو الامية أستطاعت في نهاية المشوار أن تكون مديرة مدرسة للعلوم الطبيعية ..في تجربة غنية وقصة كفاح كشفت عن رحلة الالف ميل والخطوة الاولى الواثقة .
في احد فصول محو الامية جلست(شروق) وسط سيدات اعمارهن متباينة تتراوح بين العشرين والاربعين عاما ، بينما هي كانت اصغرهن لم تتجاوز العاشرة من العمر، ورغم ذلك قررت الالتزام والمواظبة على دروس محو الامية التي انطلقت منها في رحاب الحروف والكلمات التي ابعدتها عنها واقعة وفاة والدتها ونتيجة لهذه الظروف اضطرت شروق..لترك المدرسة وهي في الصف الاول ريثما حضرت زوجة ابيها التي حرمتها من مواصلة الدراسة والبقاء في البيت للقيام بالمهام المنزلية.


الفرصة تقترب
وعن تحقيق حلمها في فرصة التعليم تروي السيدة شروق:
حدث ذات يوم ان مرضت مرضا شديدا استوجب البقاء عند جدتي لتعتني بي ،وكانت تعرف مدى حبي للمدرسة فاقنعت ابي بضرورة تعليمي فوافق ابي على تكملة مشواري في التعليم وكان عمري انذاك عشر سنوات حيث لم يتم قبولي الا في مدارس محو الامية و لم اكترث للنظرة الاجتماعية نحو طالبات محو الامية ،انما كان همي منصبا على ان اتعلم القراءة والكتابة ,فانتظمت فيها وتميزت عن كل الطالبات بسرعة التعلم والتفوق في درجاتي وبعد سنة دراسية واحدة ، انتقلت الى الصف الثالث ابتدائي لتفوقي وذكائي وهكذا تدرجت الى المتوسطة والاعدادية ومن ثم قبلت في كلية التربية لاجد نفسي اخيرا مدرسة لمادة العلوم في متوسطة (المولد النبوي).

من محو الامية الى كلية الآداب
السيدة (فراك شنيشل جاسم )مديرة اعدادية خديجة الكبرى المهنية ..
روت فصول قصة بداية مشوارها مع التعليم الاساس في مراكز محو الامية:
ولدت في محافظة ميسان موطننا الاصلي وبعد وفاة ابي جئنا الى بغداد سنة 1971 وكان عمري خمس سنوات ولم نكن نملك الجنسية العراقية حال الكثيرين من سكان الارياف هناك حيث لم يدر ببال اهلنا تسجيل اناثهم في المدارس , وفي بغداد احتدت رغبتي في الذهاب الى المدرسة والتعلم كباقي الفتيات وكان عمريوقتها تجاوز الحد المقرر للقبول ولم يكن امامي الا الانضمام الى مراكز محو اللامية وكانت تسمى انذاك المدارس الشعبية مع نساء كبيرات في السن كان قطارالتعليم قد فاتهن ،فواظبت على الدوام بتفان ورغبة في قراءة الكلمات والحروف وكانت عبارة (راشد يزرع ..سلمى تحصد) هي الدرس الاول في حياتي التي تفوقت فيها كثيرا مما ساعدني على الانتقال الى المدارس الابتدائية وفي الصف الرابع الابتدائي و نظرا لتميزي واجادتي القراءة والحساب انتقلت من المدارس الشعبية الى المتوسطة التي حصلت فيها على الاعفاء الشامل تبعته الاعدادية بنفس النتيجة الاعفاء الشامل ايضا وتخرجت من الاعدادية بمعدل (83) % وقبلت في كلية الاداب قسم اللغة الانكليزية والتي تفوقت فيها اضافة الى تفوقي في مادة اللغة الالمانية.. تخرجت سنة (87 -88 دورة رمضان مبارك) بامتياز . . لتبدأ رحلتي العملية.

العمل والامنيات
السيدة ( فراك ) تتمتع بشخصية جذابة وبسيطة وتكتشف في حديثها بساطة وحلاوة الجنوب العراقي ..اشارت الى رحلة العمل بانها مرحلة اخرى من احلامها اضافت لها حياة جديدة وكان التدريس بدايته ولكن هذه المرة بعيدا عن الاهل الى مدينة بابل قضاء الحي كمدرسة لمادة الانكليزي لمدة ثلاث سنوات بعدها انتقلت الى بغداد الى اعدادية تجارة القدس واخيرا الى اعدادية خديجة الكبرى المهنية حيث انتخبت مديرة لها عام 2003 عن المستقبل وامنياته تقول احلم بالسفر الى خارج العراق للدراسة ايضا لكن هذا الحلم سيؤجل ايضا لاني ارتبطت بزواج جاء متأخرا ايضا.
ص الصباح